بعد ان كشف الحظر عورتها

هل بدأت أوروبا بإعادة النظر بمواقفها من الحرب في أوكرانيا؟

هل بدأت أوروبا بإعادة النظر بمواقفها من الحرب في أوكرانيا؟
السبت ٢٨ مايو ٢٠٢٢ - ٠٣:٢٨ بتوقيت غرينتش

"سلوك الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يبدو كما لو أنه في مسرحية.. عليه ان يكون حول طاولة المفاوضات..انه مسؤول عن النزاع في بلاده.. كان بوسع بايدن أن يتجنب الحرب لا أن يحرض عليها.. كان ينبغي على امريكا واوروبا ان تقولا ان أوكرانيا لن تنضم إلى الناتو وتنتهي المشكلة"، هذا الكلام هو للمرشح الأوفر حظا في الانتخابات الرئاسية في البرازيل، الرئيس الأسبق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، مع مجلة "تايمز" الامريكية.

العالمكشكول

كلام سيلفا، وان كان صريحا في تحميل زيلينسكي والغرب مسؤولية ما يجري في اوكرانيا، الا انه لم يصل في صراحته الى صراحة كلام وزير الخارجية الامريكي الاسبق هنري كيسنجر، في منتدى دافوس، عندما اكد ان على أوكرانيا أن تتخلى عن بعض الأراضي لروسيا!. وحذّر من إطالة أمد الحرب في أوكرانيا، مشدداً على ضرورة دفع كييف إلى العودة للتفاوض، مشددا ان الوضع الملائم لها هو الحياد، وأن تكون جسراً بين روسيا وأوروبا.

يبدو ان كلام كيسنجر و سيليفا عن ضرورة وقف الحرب وبدء مفاوضات بين روسيا واوكرانيا، لم يأت من فراغ، وهذا ما يتأكد من خلال مقال كتبه دانييل ديبيتريس، معلق السياسة الخارجية في مجلة "نيوزويك" الامريكية، والذي اكد فيه: إن ألمانيا وإيطاليا وفرنسا، إلى جانب امريكا وبريطانيا وبولندا ودول البلطيق، دعت كلها، في وقت سابق، إلى تحقيق "هزيمة استراتيجية" بروسيا، إلا ان برلين وروما وباريس، بدأت تعيد النظر في مواقفها بشأن الصراع والأزمة الأوكرانية، لصالح إنهاء الأعمال القتالية في أقرب وقت ممكن.

لماذا بدأ الخطاب الغربي من الحرب في اوكرانيا يتغير، هل أدرك قادة الغرب اخطأءهم عندما حرضوا زيلينسكي على إستفزاز روسيا، عبر التلويح بالانضمام الى الناتو، وان هذا التحريض تسبب بوقوع الحرب والتي تسببت بدورها بمآسي للشعب الاوكراني؟، من المؤكد ان الجواب هو لا، فالذي تغير هو ان حساب حقل قادة الغرب لم يكن متفق مع حساب بيدرهم، فالحظر على روسيا، لم يشلها اويضعفها فحسب، بل على العكس تماما، إرتد الحظر وبالا على الدول الاوروبية ذاتها، التي تدب فيها الخلاف حول نجاعة هذا الحظر، وهو مادفع زيلينسكي الى إنتقاد تردد الاتحاد الاوروبي في فرض حظر على واردات الطاقة الروسية، متهما الاتحاد بتمويل جهود موسكو الحربية بمليار يورو يوميا.

العامل الاخر الذي كان له التأثير الابرز في إعادة الدول الاوروبية لنظرتها الى الحرب في اوكرانيا، هو التغييرت الدراماتيكية في الميدان والتي صبت لصالح الجيش الروسي، بعد ان اعلنت قيادة الجيش الأوكراني،ان قواتها قد تضطر للانسحاب من آخر جيب للمقاومة في لوغانسك لتجنب الأسر مع التقدم السريع الذي تحققه القوات الروسية في الشرق، في تغيير كبير لتطورات الحرب الدائرة منذ ثلاثة أشهر، وهو ما يُقرب روسيا من هدفها المعلن والمتمثل في السيطرة على منطقتي دونيتسك ولوغانسك في شرق أوكرانيا بالكامل.

من الواضح ان قادة بعض الدول الغربية وعلى راسها امريكا وبريطانيا، ارتكبوا خطأ لا يغتفر عندما تجاهلوا الهواجس الامنية لروسيا، وهددوا بضم اوكرانيا الى الناتو، كما اخطأوا خطأ اكبر عندما إستخفوا بالقدرات العسكرية والاقتصادية لروسيا، عندما اعتقدوا ان اوكرانيا ستكون افغانستان ثانية بالنسبة لروسيا، وهذه الاخطاء الجسيمة ما كانت لتقع لو كانت اوروبا تمتلك رؤية موضوعية عن حقيقة أمريكا، التي شاخت وبات صوت تهشم عظامها مسموعا.