دول الغرب وممثلوهم في الداخل سبب الأزمات في ليبيا

دول الغرب وممثلوهم في الداخل سبب الأزمات في ليبيا
الأحد ١٠ يوليو ٢٠٢٢ - ١٢:٥٧ بتوقيت غرينتش

"كلما ساد الشعور بالقرب من الحل في ليبيا، استجدت أحداثاً تعود بالوضع إلى الوراء، سياسياً وأمنياً واجتماعياً، وكأنما ثمة أطراف من الداخل والخارج لا تريد الحل وتعمل على إجهاضه"،  هذا ما جاء على لسان الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، الطيب البكوش، وهو باختصار وصف دقيق وحقيقي لما تعيشه ليبيا منذ عام 2011.

العالم - مقالات وتحليلات
فكلما اقتربت ليبيا من تحقيق مطالب شعبها بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة، عادت مئة خطوة إلى الوراء بدعم خارجي من الدول المستفيدة من حالة الفوضى وبالتعاون مع الأطراف الداخلية المُتمثلة في الأطراف السياسية الفاعلة والمُتمسكة بكرسي الحكم في البلاد.

واليوم ما يحدث في ليبيا هو نتيجة عرقلة الأطراف الخارجية والداخلية ونجاحهم في إفشال الانتخابات الرئاسية والتي كان من المقرر أن تنعقد في 24 ديسمبر الماضي، لينجح رئيس حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، عبد الحميد الدبيبة، في البقاء بمنصبه، وقد ينتج عن هذه الخطوة المزيد من الانقسام المؤسساتي والعسكري، الذي يمكن أن يتحوّل إلى صدام مسلّح يعود بليبيا إلى نقطة الصفر، خاصة في ظل إصرار البرلمان الذي لم يعد يعترف بالحكومة الحالية، على تغيير الدبيبة وتكليف بديل له يتولّى تشكيل حكومة جديدة.

وبعدما أقر مجلس النواب الليبي برئاسة المستشار عقيلة صالح سحب الثقة من حكومة الوحدة وتعيين حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، على أمل الوصول إلى انتخابات رئاسية في أقرب فرصة ممكنة، تبين أن باشاغا وعلى عكس ما ادعاه من حلمه لتحقيق مطالب الشعب، توجه مُسرعاً إلى المملكة المتحدة لنيل دعمها وبالتالي يُصبح لدى الشعب الليبي حكومتين إحداها تعمل لصالح الولايات المتحدة الأمريكية والثانية لصالح المملكة المتحدة.

الولايات المتحدة ولضمان فشل جميع المحاولات الدبلوماسية لإنهاء الفوضى في ليبيا قررت عن طريق مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني وليامز، أن تعقد اجتماعاً بين رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، تحت غطاء سبل تقديم الدعم للعبور بليبيا إلى بر الأمان، لكن في الواقع الهدف من هذا الاجتماع كان ضمان عدم وصول الطرفين لأي اتفاق قادر على الوصول بليبيا للانتخابات، وهذا ما حدث بالفعل.

وبعد صمت دام طويلاً عاد رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، إلى الساحة السياسية، بعدما خرج الآلاف إلى الشوارع مُطالبين بإسقاط جميع الأجسام السياسية الحالية والتي تضمنت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، وحكومة الاستقرار في سرت ومجلسي النواب والدولة وأخيراً المجلس الرئاسي. ليخرج المنفي ويُعلن عن مبادرة لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في أقرب فرصة ممكنة.

حيث دعا المنفي خلال لقائه أعضاء تنسيقية مترشحي نواب 2022 إلى أهمية تضافر كل الجهود لحل الأزمة السياسية الراهنة.

فيما أكد رئيس المجلس الرئاسي، استمرار عمله لتقريب وجهات النظر بين أطراف العملية السياسية، وقد استعرض المنفي في اللقاء سُبل دفع العملية السياسية، من خلال التأكيد على إجراء الاستحقاقات الانتخابية، وفق إطار قانوني تتفق عليه كل الأطراف، و تلبيةً لمطالب أبناء الشعب الليبي.

لكن الفرحة لم تتم، فقد ظن الجميع أن مبادرة المنفي جاءت دون أي تدخل خارجي من دول الغرب، لكن انكشف المستور بعد انعقاد لقاء آخر بين نائب رئيس المجلس الرئاسي، موسى الكوني، والسفير الألماني لدى ليبيا، ميخائيل أونماخت، وبحثهما لسبل التعاون من أجل إيجاد حل للأزمة الليبية وعقد مؤتمر دولي يجمع الفرقاء الليبيين لوضع حل للانسداد السياسي في البلاد، لتُصبح المبادرة بعدما كانت إيجاد حل ليبي-ليبي مثلها مثل غيرها بمشاركة دول الغرب.

وتعليقاً على هذا التحرك الغريب، هاجم المحلل السياسي، عز الدين عقيل، نائب المجلس الرئاسي، موسى الكوني، بعد لقائه السفير الألماني وعرضه عقد مؤتمر دولي يجمع كل الفرقاء الليبيين لوضع حل للانسداد السياسي في ليبيا.

قائلاً: "إن هذا قمة العبط السياسي، وكيف لهذين المتناقضين أن يجتمعا على لسان بني آدم واحد إلا إذا كان أُمياً سياسياً؟.

فيما يعني أنه" لو الحل بإدارة مؤتمر دولي، فهذا يستدعي أن تعلنوا عن خطتكم التي شرحتموها للسفير يا دمنغل؟، أى هبل وأي عبط وأي سفه سياسي هذا؟".

وفي خضم الجدل السياسي والتدافعات السياسية بين اللاعبين الليبيين والقوى المؤثرة في ساحة ليبيا توقفت كل الاستعدادات والترتيبات الخاصة بالعملية الانتخابية، فيما لا يزال الغموض يلف الموعد الجديد للانتخابات، والخلافات تحيط بخارطة الطريق للمرحلة المقبلة.

* نداء حرب