تشكيك باريس  في طريقة إنفاق 214 مليون يورو من المساعدات الفرنسية للبنان 

تشكيك باريس  في طريقة إنفاق 214 مليون يورو من المساعدات الفرنسية للبنان 
الثلاثاء ٢٧ يونيو ٢٠٢٣ - ٠٥:٠٣ بتوقيت غرينتش

توقفت صحيفة الأخبار اليوم الثلثاء عند تشكيك ديوان المحاسبة الفرنسي في طريقة إنفاق 214 مليون يورو من المساعدات الفرنسية للبنان بين عامَي 2019 و2021، وإشارته إلى أن الغالبية العظمى من هذه المساعدات صبّت لدى المنظمات غير الحكومية التي تقرّر بعد انفجار المرفأ أن تُعتمد بديلاً من المؤسسات الحكومية، بحجّة أن الفساد ينخرها، ليتّضح أن الـ NGOs ليست أقل فساداً. 

العالم_لبنان

وأشار الديوان في تقرير أصدره أخيراً إلى أن إنفاق المساعدات التي وصلت عبر منظمات مدنية فرنسية، كان من دون توثيق، وإلى أن التقرير هو مسح أوّلي "يجب أن يكون بدايةً لعمليةٍ شاملة في مراقبة المبالغ المالية الحكومية الواردة إلى لبنان" الذي تسلّم بين 2019 و2021 مساعدات مادية وعينيّة بقيمة 3,7 مليارات دولار، تصدّرتها ألمانيا بنسبة 26% من الإنفاق، تليها الولايات المتحدة بـ 20.4%، فمنظمات الاتحاد الأوروبي بـ 11.9%. وشكّك قاضي الغرفة الرابعة، معدّ التقرير، في "طريقة الإنفاق المالي في لبنان تحديداً"، وتخوّف من فساد في توزيع المساعدات التي "تصل إلى فئة معيّنة من المستفيدين من دون الأخرى".

وعلى مستوى عمل الأجهزة الفرنسية، أشار التقرير إلى غياب الإجراءات الرسمية المعتمدة عن تجميع البيانات الخاصة بتوزيع المساعدات"، كما شكّك في "فعالية الرقابة المالية على مستوى كلّ الأجهزة والوكالات الفرنسية العاملة في لبنان"، واصفاً الرقابة بـ"غير المضمونة". وسعت الغرفة الرابعة إلى "رسم خريطة التدفقات المالية إلى لبنان، وتعداد المشغلين، ووصف تدخل كلّ منهم.

ومنذ عام 2020، تضاعفت المبالغ الفرنسية المخصصة للبنان 2.7 مرّة، أنفقت على عدد من القطاعات اللبنانية، أبرزها التعليم والتدريب بنسبة 45%، و25% على الصحة، و10% على الزراعة، و10% أخرى لإعادة إعمار المنطقة المحيطة بمرفأ بيروت، وصولاً إلى دعم المجتمع المدني الذي نالت جمعياته 21.4 مليون يورو خلال سنتين (10%). كما أن جهات حكومية أمنية فرنسية أنفقت أموالاً في لبنان، خلال الفترة نفسها، إلا أنّ التقرير لم يأتِ على تفاصيلها، مثل "مديرية الدفاع والتعاون الأمني، والسفارة الفرنسية. ووصف التقرير الجهة الأخيرة بأنّها "صاحبة مساهمات متنوعة كونها على اتصال يومي بالسكّان.

القطاعات الفرنسية التي تصدّت في عملية الدعم، تصدّرتها الوكالة الفرنسية للتنمية التي وزعت خلال عامين 111 مليون يورو، 90% منها تبرعات تجاهر الوكالة بأنّها لم تمرّ عبر القنوات الحكومية، ودفعت 92% منها للمنظمات غير الحكومية، وتوجهت بشكل رئيسي لـدعم المجتمعات المضيفة للاجئين السوريين. وتلتها وكالة التعليم الفرنسية في الخارج التي أنفقت 33.56 مليون يورو، علماً أنّ هذه الوكالة تدير في لبنان شبكة من 63 مؤسّسة تعليمية معتمدة فرنسياً، يتعلّم فيها أكثر من 60 ألف تلميذ، وتزيد أقساطها بشكل سنوي. وشارك مركز الأزمات والدعم في وزارة الخارجية في إنفاق 14.56 مليون يورو بشكل مباشر، و17.7 مليون يورو على شكل تبرعات عينيّة. وموّلت المديرية العامة للخزينة الفرنسية بـ 7.3 ملايين يورو مشاريع في لبنان، من دون تحديد طبيعتها. ودفعت الجهة نفسها 2.1 مليون يورو في مشاريع البنك الدولي في لبنان. وشاركت الدولة الفرنسية أيضاً بمبلغ 32.5 مليون يورو دفع للمنظمات الدولية والفرنكوفونية، عبر وزارة الخارجية التي بدورها "قامت بتوجيه هذه المساعدات عبر قنوات معيّنة.

وربط التقرير بين زيارات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبنان وزيادة المساعدات الفرنسية، إذ ارتفع مركز فرنسا بين الجهات المانحة للدولة اللبنانية من المرتبة السادسة، خلال الأعوام 2010 - 2019، إلى المرتبة الرابعة، بمبلغ كلّي وصل إلى 292 مليون دولار. وقطع ديوان المحاسبة الفرنسي أيّ أمل في إعادة إطلاق تعهدات مؤتمر سيدر 2018، بسبب عدم التزام لبنان بالإصلاحات التي طلبت منه وقتها. ووصف النظام المصرفي اللبناني بـ"المعطّل، والسائر في الطريق المسدود"، مشيراً إلى "تضاعف نسبة الفقر في المجتمع اللبناني من 42% عام 2019، إلى 82% عام 2021.

المحسوبيات اللبنانية حضرت أيضاً بين سطور التقرير، فاستنتج الكاتب أنّ "من المنطقي هيمنة النهج السياسي على توزيع المساعدات، فلبنان مسألة حسّاسة". وأوصى المدير العام للخزينة الفرنسية بـ"إنشاء نظام مراقبة شامل للمساعدة التي تقدّمها الدولة للبنان". فالمحكمة لم تتمكّن من "التحقّق من امتثال النفقات للقواعد، والأهداف المحدّدة لها، وفعاليتها على الأرض". كما أكّدت الغرفة المسؤولة عن التقرير في ديوان المحاسبة الفرنسي "وجود نقص في الإدارة المالية الشاملة، إذ واجهت صعوبة في جمع البيانات، وجعلها موثوقة". وطالبت بـ"الحصول على الأدوات اللازمة لإحصاء المساعدات الفرنسية، وتحسين توجيهها نحو احتياجات السكان الحقيقية.