عطاءات يوم القدس العالمي ...

عطاءات يوم القدس العالمي ...
الجمعة ٢٦ أغسطس ٢٠١١ - ١٢:٢٧ بتوقيت غرينتش

"الامة تريد إسقاط اسرائيل والاستكبار الاميركي" ....هبت ايران في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك 1432هجري ،عن بكرة ابيها في تظاهرات جماهيرية مليونية هادرة ,لتخليد يوم القدس العالمي, , ,عانقت شعاراتها وهتافاتها المدوية ملاحم ومآثرالثورات الشعبية المظفرة في تونس ومصر والاردن وليبيا والبحرين واليمن, وحيَت تضحيات أبنائها البررة الذين اطاحوا بمعاقل الظلم والتبعية والعبودية ,واعادوا الى الذاكرة ,واقعة ذلك الزلزال العظيم الذي أسس في 11 شباط 1979 لمرحلة النضال والمقاومة والتصدي بوجه الاستكبار العالمي والصهيونية البغيضة,بعد عقود من السبات والخضوع والانكفاء .

 لقد عبرت المسيرات الجماهيرية الحاشدة في طهران ومدينة قم المقدسة والمحافظات والمناطق الايرانية الاخرى ,عن نبض الامة الاسلامية برمتها ,واكدت تاكيدا قاطعا على القدرة الهائلة لاسلوب التظاهر واعلان الغضب والاستنكار ,على اثارة الخوف والرهبة والهلع في نفوس غاصبي القدس الشريف وقتلة الشعب الفلسطيني ,ومؤججي الفتن والاضطرابات والفوضى في العالم الاسلامي .   

في هذا العام إكتسب يوم القدس العالمي  أبعادا تعبوية  أكثر وضوحا  باحياء هذه المناسبة من قبل أبناء ثورتي  تونس ومصر الذين لم يوفروا فرصة للإعراب عن رفضهم للوجود الصهيوني في أرض الاسراء و المعراج  و عبروا    - ومعهم كل العرب و المسلمين الذين احتفلوا بهذه الذكرى- برسالة مفادها ان تحرير فلسطين والجولان السوري وجنوب لبنان ,والعراق وافغانستان ,ليس حلما ولم يعد مجرد خطاب للاستهلاك المحلي ,بل هو حقيقة واقعة حتما , لان ما احتل بالقوة الغاشمة والعربدة العسكرية، سيسترد بقوة الجهاد والتضحية والفداء , وان المشيئة الالهية المدافعة على المظلومين والمستضعفين , هي بالمرصاد لكل سلوكيات الغطرسة والاستكبار والعدوان التي تقف وراءها اميركا واوروبا وحلف الناتو ,وبالطبع اسرائيل المجرمة .

 في  هذا المضمار كان الشعب المصري أكثر صراحة وحزما عندما احتشد أبناؤه أمام مبنى السفارة الإسرائيلية في القاهرة  مطالبين بإغلاقها وطرد السفير الصهيوني من بلادهم، و مرددين هتافات الموت لإسرائيل و الموت لأميركا في مشهد يظهر القوة الهائلة التي تختزنها الامة الاسلامية في داخلها، والتي متى ماانفجرت , فآنئذ من الصعب تصور حجم الصاعقة التي ستنزل بساحة الذين عرضوا أبناءها في فلسطين و البلدان العربية و الاسلامية الاخرى, للمجازر و المظالم و الدمار الشامل.

 من المهم في وقتنا الحاضر و لكي تحافظ الامة على امساكها بزمام المبادرة, فإن الشرط الاساسي يتمثل بتقوية اللحمة و التماسك , و سد المنافذ امام تسلل قوى الثورة المضادة و الطابور الخامس , التي تعمل ليل نهار على إعادة انتاج نفسها ،ابتغاء توجيه ضربات قاصمة للثورات الشعبية الاسلامية , و اعادة الامور الى مربعها الاول.

 على جانب اخر يبدوأن على ابناء الصحوة، مطالبة أو إقناع تلك الانظمة و الحكومات التي ما زالت اسيرة الارتهان للغرب المتصهين ، بالالتصاق بمنطلقاتها المشروعة، و إفهامها بأن الامة الاسلامية لن تكون مسؤولة عن أي سقوط في الهاوية , يمكن ان يصيب المتخاذلين جراء استمرار المراهنة علي الحماية الاستكبارية.

  كما أن الشعوب  مدعوة الى عدم الاغترار والتصديق بالشعارات الغربية التي تتظاهر بدعم الثورات الشعبية في العالم العربي , باعتبارأن اميركا والمجموعة الاوربية , لا تنظر الا بعين واحدة , ولا تتوخى الا ضمان مصالح الراسمالية الدولية والنظام الاحتكاري العالمي.وازاء ذلك فان اي انقياد عربي واسلامي لهذه المواقف الزائفة والكلمات المعسولة , سيؤدي –دون ريب- الى مصادرة هذه الثورات التحررية وتفريغها من مكتسباتها وانجازاتها , ومن ثم الى تضاؤل فرص المضي قدما بالنهضة الاسلامية المعاصرة الى تحقيق غاياتها للتخلص من الهيمنة الاستكبارية والمطامع الاستغلالية للناهبين الدوليين وتجار الحروب .

  لقد عززت مناسبة يوم القدس العالمي والاحداث والمواجهات العنيفة التي شهدتها فلسطين أمس الجمعة بسبب القمع الاسرائيلي المفرط, والغارات الجوية الوحشية على اهلنا العزل في قطاع غزة , القناعة بان ابناء امتنا في ارض الاسراء والمعارج باتوا قريبين من اللحظة الحاسمة التي ينتظرها المسلمون والاحرار والشرفاء في انحاء العالم , لانطلاق الغضب العارم الذي يموج في الصدور والقلوب , و اندلاع شرارة الزحف الشامل نحو تطهير القدس الشريف و الاقصى و باقي المقدسات الاسلامية و المسيحية , من دنس الصهاينة المحتلين.

 ويرى الكثير من العلماء الربانيين  مجريات التحولات الراهنة بأنها من علامات النهضة الاسلامية الكبرى المرتقبة ضد حقبة طويلة من الظلم والاستكبار و العدوان , و التي حالما تنطلق فإنه لن تكون ثمة قوة في الارض تستطيع منعها من إزالة اسرائيل من الوجود بعد تدمير ترسانتها العسكرية والنووية واقتلاع جذورها السرطانية كليا .فالامة تتطلع بغاية الشوق الى ذلك اليوم الذي يعم  فيه الخصب والازدهار والصفاء والنماء فلسطين العربية المسلمة  ,وتعود البسمة فيه من جديد الى القبة الرمادية المخضوضرة للمسجد الاقصى , اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين , بعد انقشاع الظلام الصهيوني ، وتبدد القدرات الجهنمية للاستكبار العالمي والى الابد.

لقد كانت هذه  رسالة يوم القدس العالمي , وهي البشارة التي تنبأ بها امنا الراحل الخميني العظيم (قدس سره) قبل اثنين و ثلاثين عاما , وها نخن اولاء نقطف اليوم ثمارها اليانعة , نهضة شبابية واعدة , وثورات عادلة تنسف عروش الطواغيت  في مصر وتونس ،وهو ما يعزز في نفوسنا الامل والثقة , بأن تتوج هذه  المسيرة المباركة بتحرير فلسطين والقدس الشريف وباقي بلاد العرب والمسلمين فيما نراه نحن قريبا , ويظنه الاعداء بعيدا, وحسبنا في ذلك قوله تعالى في القرآن الكريم (ان الله يدافع عن الذين آمنوا ان الله لايحب كل خوان كفور ) صدق الله العلي العظيم.

* حميد حلمي زادة ?