بالفيديو.. حادثة الكحالة: تصعيدٌ للتحريض يقابله رفضٌ للفتنة

الجمعة ١١ أغسطس ٢٠٢٣ - ٠٤:٤٩ بتوقيت غرينتش

لا تزال حادثة الكحالة محط اهتمام الصحف اللبنانية، والتي ركَّزت على استمرار حملات التحريض والاستغلال السياسي ضدَّ المقاومة وسلاحها من قِبل من يريدون جرَّ البلد نحو الفتنة، ما أعاد إلى الأذهان تاريخ تلك الأطراف الأسود إبان الحرب الأهلية، خصوصًا وأنَّها رفعت سقف التصعيد وأعلنت عن منحى جديد للمواجهة مع حزب الله.

العالم_لبنان

وأكَّدت الصحف اليوم الجمعة أنَّ حزب الله يعمل على تطويق ذيول الحادثة في تصرُّفٍ مسؤول لطالما اعتادت عليه، سعيًا منه للحفاظ على السلم الأهلي وعدم الانجرار إلى فتنة لا يستفيد منها إلى العدو الصهيوني وعملاؤه، معلنًا أنّ التوتير وما نجم عنه بعهدة التحقيقات الجارية لتأكيد الوقائع وكشف المتورطين والحاقدين وسوقهم للعدالة.

كتبت صحيفة البناء تجاوز لبنان الكوع الذي تربّص عنده الذين أرادوا أخذ لبنان إلى الفتنة تحت شعار أولوية حسم مصير سلاح المقاومة، من بوابة انقلاب شاحنة السلاح والذخائر التابعة لحزب الله والتي انقلبت أول أمس عند كوع بلدة الكحالة جنوب شرق بيروت ، وبعدما نجح الجيش والقوة الأمنية بالسيطرة على الوضع وفتح الطريق، وتوضحت الصورة، قالت مصادر سياسية تابعت الأحداث إن حزب الكتائب هو من قام بالتحضير لدفع عدد من شباب وشابات بلدة الكحالة الى الصدام مع الشباب المرافقين للشاحنة، وإن مرور ساعتين بين انقلاب الشاحنة وبدء التعدي على الشباب المرافقين، ينفي رواية الغضب والانفعال ورد الفعل، وإن شعار نريد أن نعرف ماهية الحمولة ونكشف عنها كان مريباً ولا يزال، وقد تردد من عدد من هؤلاء الشباب كذريعة للتهجم على المرافقة، وردّده مسؤولون كتائبيون بينهم نواب.

وقالت المصادر إن القوات اللبنانية لحقت بالكتائب، وإن التيار الوطني الحر تحرك متضامناً تحت ضغط الإحراج كما قال تصريح النائب سيزار أبي خليل، بخلاف مواقف عاقلة لكوادر التيار في الكحالة، إلى حين خرج موقف الرئيس العماد ميشال عون محذراً من خطر الفتنة واضعاً الأولوية للتهدئة، متحدثاً عن خطر سقوط الهيكل على الجميع، فوضعت الأمور في نصابها، أكثر مما فعلت بيانات التيار.

وفي غضون ذلك، لا تزال البلاد تحت تأثير التداعيات الأليمة لحادثة الكحالة، حيث تكشف المزيد من المعلومات والحقائق من مقاطع الفيديوات المسرّبة والتي التقطت من بعض المواطنين في مكان الحادثة، وسط استمرار حملات التحريض والاستغلال السياسي من قبل حزبي القوات والكتائب، فيما تتكثف الاتصالات السياسية لاحتواء الاحتقان والتوتر الطائفي في المنطقة ويبذل رئيس مجلس النواب نبيه بري جهوداً حثيثة عبر سلسلة اتصالات أجراها بالمراجع السياسية والأمنية والعسكرية لتطويق ذيول الحادثة وعدم الانجرار الى الفتنة.

ولفتت أوساط سياسية الى ترابط وثيق بين الأحداث الأمنية التي بدأت مع إشعال المعارك في مخيم عين الحلوة، لافتة الى أنه يبدو أن بيان السفارة السعودية استند الى تقارير استخبارية أميركية ما يؤشر الى قرار أميركي لتصعيد الوضع الأمني في لبنان للضغط السياسي باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية وفق الرؤية الأميركية لخدمة المصالح والمشاريع الأميركية الإسرائيلية في المنطقة.

واتهمت الأوساط قوى سياسية وحزبية ووسائل إعلامية بـالتحرك وفق التعليمات والتوجيهات الأميركية»، متوقعة المزيد من التوترات والأحداث الأمنية المتنقلة لا سيما تلك التي تقع على خطوط تماس طائفية ومذهبية. كما تربط الأوساط بين أحداث لبنان وبين التطورات على الساحة الإقليمية والدولية من التصعيد الإسرائيلي والإرهابي في سورية الى التصعيد في البحر الأحمر ضد إيران الى تسعير الحرب في أوكرانيا ضد روسيا. معتبرة أن واشنطن تريد تحريك كل أدواتها وأوراقها الأمنية والعسكرية والاقتصادية في المنطقة لتحسين موقعها في المفاوضات غير المباشرة الدائرة مع سورية وإيران وحزب الله على ملفات استراتيجية وكبرى في المنطقة.

وبدأ مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي التحقيق في حادث الكحالة. وأفيد بحسب تقرير الطبيب الشرعي أن فادي بجاني قضى بثلاث طلقات وأحمد علي قصاص بسبع طلقات.

وأشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن «الشاحنة لم تكن تحمل أسلحة ولا صواريخ كما أشيع، بل ذخائر وعتاد تحتاجه المقاومة في أعمالها العسكرية في الجنوب ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي يهدد ويتوعد لبنان بالحرب كل يوم ويعزز ترسانته العسكرية بشكل دائم».

وأكدت المصادر أن «الشاحنة انقلبت بشكل عرضي وطبيعي بسبب الكوع الضيق في المنطقة، لكن فور علم جهات حزبية في المنطقة بأن الشاحنة تعود لحزب الله قامت بتحريض بعض الأهالي لرمي الحجارة عليها، كما تلقت هذه الجهات الحزبية أمر عمليات للاستنفار بالسلاح وإطلاق النار على عناصر حماية الشاحنة الذين ردوا بالمثل للدفاع عن أنفسهم، وبالتالي إطلاق النار بدأ من عناصر القوات والكتائب وليس من عناصر الحماية. وهذا ما تكشفه الفيديوهات وستكشفه التحقيقات الأمنية لاحقاً».

كما كشفت المصادر تعرّض الجيش اللبناني الى وابل من الحجارة والشتم ودعوات للطرد من قبل عناصر حزبية.

و حسب صحيفة الديار من المرجح ان تطوى حادثة الكحالة كما غيرها من الاحداث في بلد تبقى فيه الحقيقة دائما الضحية الاولى. ثمة من اراد افتعال فتنة كادت تجر البلاد الى مواجهة دموية مفتوحة، فمن اراد عن قصد او عن فعل مدبر المس بسلاح المقاومة يعرف مسبقا انه يتجاوز خطوطا حمراء لا يمكن لحزب الله ان يسمح بها مهما كانت النتائج والتضحيات. ومن حاول الاستثمار بحادثة انقلاب الشاحنة يعرف جيدا عن سابق تصور وتصميم ما يريده من وراء التحريض على الحزب في توقيت مشبوه باتت فيه الاسئلة مشروعة ومفتوحة على كل الاحتمالات.

التحقيقات لا تزال في بدايتها وهي لا تستبعد اي سيناريو، وجمع المعطيات يحصل بدقة متناهية للوصول الى الحقائق بالسرعة المطلوبة بعد نجاح الجيش بسحب فتيل التوتر من الشارع متعاليا عن اتهامات سيقت بحقه من قبل قوى المعارضة التي رفعت سقف التصعيد واعلنت عن اجندة مختلفة للمواجهة مع حزب الله الذي شيع المقاوم الشاب احمد قصاص واختار عن قناعة عدم الانجرار الى اجندات تسعى الى هز السلم الاهلي مراعيا الكثير من الحساسيات الداخلية، دون ان يتخلى عن مطلب التوسع في التحقيقات ومحاسبة كل من شارك في الاعتداء وحرض عليه.

اما الكحالة فهي تشيع ابنها فادي بجاني وطلب العائلة ان يكون شعبيا على وقع استمرار التصعيد من قبل بعض القوى، فيما اختار التيار الوطني الحر»صوت العقل» ورفض كل انفعال واستغلال للحادثة المؤلمة بهدف توتير الاجواء والتسبب بفتنة يسعى اليها الكثيرون في الداخل والخارج. وهو امر دعا اليه ايضا رئيس الجمهورية السابق ميشال عون الذي طالب بمد جسور الثقة بدل سموم الكراهية.

ومع تقدم الاحداث الامنية الى الواجهة داخليا، تخشى "اسرائيل" من مفاجآت على الحدود، فيما غابت السياسية، لكن اللافت قضائيا قيام الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا وكندا وبشكل متزامن بوضع حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة على لائحة العقوبات بتهمة الفساد،ما يطرح ايضا اكثر من علامة استفهام حول التوقيت؟