إحصائيات...ماذا فعل الصهاينة باقتصاد غزة ومعيشتها؟

إحصائيات...ماذا فعل الصهاينة باقتصاد غزة ومعيشتها؟
الخميس ١٩ أكتوبر ٢٠٢٣ - ٠٢:٥٠ بتوقيت غرينتش

سنوات العزلة والإذلال وتطبيق أقسى الضغوط إلى جانب القصف المستمر بالصواريخ أوصلت اقتصاد غزة إلى حالة دفعت المؤسسات المالية والنقدية الدولية إلى الاعتراف في تقارير مختلفة بأن سياسات الكيان الصهيوني قد أضررت بحياة الناس في هذه المنطقة.

وقد تزايدت الضغوط الاقتصادية على سكان غزة مقارنة بمناطق أخرى مجاورة، حيث باتت الظروف الصعبة التي تعيشها هذه المنطقة دليلاً على ذلك.. على سبيل المثال، في عام 2022، كان دخل الفرد في غزة لا يتجاوز ربع دخل الفرد في الضفة الغربية.. وبالإضافة إلى ذلك، فإن معدل البطالة ومعدل الفقر أعلى بكثير مما هو عليه في الضفة الغربية.

وتعكس هذه المعدلات المرتفعة انخفاض مستوى الاستثمار وانخفاض نمو الإنتاجية.. ولكن ما لا ينبغي إهماله هو تأثير القيود التي يفرضها الكيان الصهيوني على وصول وتنقل العمالة والسلع والخدمات؛ العوائق التي أدت إلى انخفاض كبير في القدرة الإنتاجية والتجارية في هذه المنطقة.

ويمكن رؤية نتيجة حصار غزة والحروب الإسرائيلية المتعاقبة منذ عام 2008 في رؤوس الأموال الراكدة وغير المستغلة وفي البنية التحتية المتهالكة.. وعلى وجه الخصوص، تعرضت البنية التحتية المتعلقة بالطاقة، وخاصة إنتاج الكهرباء، لأضرار جسيمة بسبب هذه القضية، في حين أن الفوائد الاقتصادية لتعزيز البنية التحتية للكهرباء في غزة هي مسألة يؤكد عليها المحللون الاقتصاديون.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن النظرة السلبية للمساعدات المقدمة إلى غزة تحمل في طياتها خطر تفاقم الأزمة الإنسانية في هذه المنطقة.. وفي مثل هذه الحالة، فإن ضمان الأمن وتخفيف القيود، بما في ذلك القيود المالية، أمر يمكن أن يمنع تدهور المؤشرات الاقتصادية وتفاقم الأزمة الإنسانية.

الهيكل الاقتصادي

لقد تراجعت التنمية الاقتصادية في غزة خلال السنوات الخمس عشرة الماضية مقارنة بالضفة الغربية بسبب العزلة والصراعات طويلة الأمد.. وفي الأعوام 2007 إلى 2022، بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في غزة أربعة أعشار (0.4) بالمائة فقط في المتوسط؛ بينما ينخفض ​​إنتاج الفرد بنسبة 2.5% سنوياً بسبب النمو السكاني.. ويأتي هذا الوضع انعكاسا لحصار غزة من قبل الكيان الصهيوني في هذه المنطقة منذ عام 2007 والصراعات والحروب المستمرة منذ ذلك الحين.

وباعتبار أن المساعدات المالية تعطى فقط للسلطة الفلسطينية التي تسيطر على الضفة الغربية ولا نصيب لقطاع غزة، فقد تسببت هذه المشكلة في وصول نسبة البطالة في غزة إلى 45% ونسبة السكان تحت معدل الفقر إلى 53% من مجمل السكان.

إن النمو الاقتصادي الضعيف الذي شهدته غزة في الأعوام 2007 إلى 2022 لم يتحقق إلا بالاعتماد على القوة البشرية، ومن الناحية العملية فإن رأس المال لم يساهم في النمو الاقتصادي لهذه المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، كان نمو إنتاجية عوامل الإنتاج أو نمو TFP في غزة سلبيا بنسبة 2.2% سنويا في المتوسط؛ وهذا يعني انخفاض مستويات رأس المال المادي ورأس المال البشري وانعدام المؤسسات وتقلص الابتكار.

سوق العمل

ولا تستطيع القوى العاملة في غزة السفر إلى الضفة الغربية للعمل، ولا يمكن العمل في إسرائيل والمستوطنات، في حين لا توجد مثل هذه القيود على القوى العاملة في الضفة الغربية، ونتيجة لذلك، تشهد الضفة الغربية طلبا أعلى على العمالة.. حيث أن أعلى نمو في العمالة يعود للمناطق التي يعمل فيها أكثر من 10% من القوى العاملة، في إسرائيل والمستوطنات.

من عام 2007 إلى عام 2022 كان معدل البطالة في غزة دائما أكثر من 37% في المتوسط.. كما أن أكثر من ثلثي الشباب والنساء في غزة عاطلون عن العمل.

أزمة الطاقة

أدى نقص الاستثمار في البنية التحتية في غزة إلى إعاقة توفير الخدمات الأساسية بشكل كبير، وخاصة الكهرباء.. ويبلغ الطلب على الكهرباء في غزة ما يقرب من ثلاثة أضعاف العرض، وتؤدي هذه المشكلة إلى انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع، بحيث أصبحت جدولة 12 ساعة من الانقطاع و12 ساعة من إمدادات الطاقة لسكان هذه المنطقة أمرا طبيعيا.

ويتم توفير الكهرباء في غزة عبر ثلاث طرق: "شركة كهرباء إسرائيل، ومحطة ديزل غزة، والاستيراد من مصر"، رغم أن خطوط النقل من مصر مقطوعة منذ فبراير/شباط 2018.

وتدفع السلطة الفلسطينية ثمن الكهرباء التي تشتريها من شركة الكهرباء الإسرائيلية، لكن تكلفة توفير الوقود لمحطة توليد الكهرباء بالديزل تدفعها قطر على مدى السنوات الخمس الماضية.. وتواجه الأسر والعديد من الشركات في غزة نقصا في الطاقة وتعتمد على المولدات الخاصة.

القيود التجارية

يعتمد اقتصاد غزة والضفة الغربية بشكل كبير على الواردات من إسرائيل والواردات عن طريق إسرائيل.. وإسرائيل هي الشريك التجاري الرئيسي لغزة والضفة الغربية.. ويأتي أكثر من ثلثي واردات غزة من إسرائيل.. ومع ذلك، فإن هذا الاعتماد يتناقص منذ عام 2008 في منطقتين.

ومن ناحية أخرى، فإن الطريق التجاري الآخر لسكان غزة هو مع مصر.. ولا تفرض السلطة الفلسطينية أي ضرائب على التجارة عبر مصر.. وارتفع عدد الشاحنات التي تدخل غزة من معبر رفح من أربع شاحنات عام 2008 إلى أكثر من 30 ألف شاحنة عام 2022.

إقتصاد غزة عبر الأنفاق

إن عواقب الحروب والقيود، وبشكل عام، سجن سكان غزة، دفعت وسائل الإعلام الغربية أيضاً للإشارة إلى تدهور الوضع في المنطقة بالنسبة للمدنيين، ووصفه بأنه نتيجة لسياسات إسرائيل ضد سكان هذه المنطقة منذ عام 1973 .

نتيجة لتشديد القيود الصهيونية على سكان غزة، يواصل سكان غزة مسارهم الاقتصادي من خلال حفر العديد من الأنفاق.. وقد خلقت تجارة الأنفاق مع التجار المصريين تجارة صغيرة في هذه المنطقة وتعد مصدر الدخل الوحيد لكثير من السكان.

وأصبحت هذه الأنفاق الشريان الاقتصادي الرئيسي من خلال توفير إمكانية نقل البضائع المختلفة مثل الأجهزة المنزلية والأدوية والوقود والسجائر ومولدات الكهرباء والدراجات النارية والمواشي وحتى الأشخاص المتنقلين من جانب إلى الجانب الآخر من غزة.

وبحسب بعض الأخبار المنشورة، فإن عمق الأنفاق يصل إلى 30 مترا، وطولها 800 متر، وتمتد إلى منازل المصريين على الجانب الآخر من الحدود.. ويستخدم سكان غزة الأنفاق لنقل أي شيء يمكنه التغلب على الحصار الإسرائيلي.. ويعد الوقود والسلع الأساسية من أهم المواد التي يتم نقلها عبر هذه الطرق.

خاتمة

لقد أدت الحرب والحصار والصراعات إلى إصابة اقتصاد غزة بالشلل، وهذا الوضع يحتاج إلى حلول فورية ودائمة.. وبدون رفع القيود التجارية والسماح بحركة البضائع والأشخاص، فإن الوضع الاقتصادي في غزة لن يتحسن أبدا.. لأنه في المناطق الحدودية الخاضعة لسيطرة إسرائيل، لا يوجد أي تصدير أو استيراد، وفي بعض الأحيان يُسمح بدخول المساعدات الإنسانية، ولا يتم عمليا أي نشاط اقتصادي في المنطقة.

منذ عام 2007، عندما سيطرت حركة حماس على غزة، أغلق الكيان الصهيوني الحدود الضيقة لهذه المنطقة الساحلية وحاصر الحدود البرية والبحرية لغزة.. ومنذ ذلك الحين اتجه أهل غزة إلى الأنفاق، لكن التجارة تحت الأرض مكلفة للغاية على أهل غزة، إذ يتعين عليهم دفع كافة تكاليف نقل البضائع من القاهرة إلى غزة.

ومن الناحية العملية، دمر الكيان الصهيوني اقتصاد غزة لأن جميع القطاعات التجارية والاقتصادية في المنطقة، بما في ذلك مرافق البنية التحتية، قد دمرت؛ لقد أدى الحصار المفروض على غزة إلى عقاب جماعي وألحق الضرر بالظروف المعيشية لعدة ملايين من سكان القطاع؛ لكن ما نلاحظه في هذه السنوات والآن هو صمت الدول التي تطالب بحقوق الإنسان في العالم فيما يتعلق بجرائم الحرب التي يرتكبها الصهاينة في هذه المنطقة، والتي تسببت في انهيار كافة مستويات الحياة والإنسانية في غزة.