"طوفان الأقصى".. صُنع في غزة 

الإثنين ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٣ - ٠٤:٢٥ بتوقيت غرينتش

رغم ان كل الوقائع والشواهد تدل وبشكل قاطع على ان الهزيمة الكبرى التي لحقت بجيش الاحتلال الاسرائيلي في 7 اكتوبر الحالي، هي صناعة العقل والساعد الفلسطيني، الا ان الثنائي الامريكي "الاسرائيلي" يحاول بشتى الوسائل نسب هذا الانتصار لجهات خارجية وفي مقدمتها ايران وحزب الله، في محاولة واضحة وفاضحة، للتغطية على هزيمة "الجيش الذي لا يقهر"، واذلال "اسرائيل" وكسر هيبتها الفارغة، واظهارها على حقيقتها كـ"بيت عنكبوت"، امام مجموعة قليلة من رجال المقاومة الاسلامية حماس في غزة.

العالم – مقالات

لا ايران ولا حزب الله ولا محور المقاومة، ينكرون وقوفهم الى جانب حماس والجهاد والمقاومة في غزة وفلسطين، فالوقوف مع المقاومة في غزة هو واجب شرعي ووطني وانساني، و وسام شرف على صدر كل انسان عربي ومسلم وحر في العالم، ولكن هذا لا يعني ان ننكر على المقاومة قدرتها على تنفيذ عملية كبرى مثل "طوفان الاقصى"، وهي عملية فلسطينية فكرة وتنفيذا، وان معظم السلاح الذي استُخدم فيها هو سلاح "صُنع في غزة".

ان محاولات امريكا والكيان الاسرائيلي، الترويج لوجود دور لايران وحزب الله ومحور المقاومة، في عملية "طوفان الاقصى"، هي محاولات عقيمة، لا تغير من واقع ما حدت شيئا، فـ"اسرائيل" لن تعود الى ما كانت عليه قبل "طوفان الاقصى"، فقد قضي الامر الذي فيه تستفتيان، فبات بحكم المؤكد ان الشعب الفلسطيني لوحده قادر على انزال اكبر هزيمة بالجيش الذي كان يعتقد انه "لا يُهزم"، ليس بفضل ما يمتلك من سلاح فقط، بل بفضل الدعم الامريكي والغربي العسكري والامني والاستخباراتي والاقتصادي والسياسي والاعلامي اللامحدود بل والاعمى.

نقول هذا القول ليس من باب ترك غزة لوحدها، او من باب التهرب من دعم صمود غزة واهلها، خوفا من الاساطيل والتهديدات الامريكية، فالتجربة التاريخية اثبتت لكل ذي عينين ان ايران وحزب الله ومحور المقاومة، لم ولن تخشى تهديدات واساطيل امريكا، بل تعتبر هذه الاساطيل التي ارسلتها امريكا الى المنطقة لرفع معنويات "اسرائيل" المنهارة والمهزومة، اكبر نقاط ضعف امريكا، فانها ستتحول الى اهداف سهلة لمحور المقاومة، في حال تمادت امريكا وحاولت عبر اشعال حرب اقليمية من اجل انقاذ "اسرائيل" من مصيرها المحتوم، بل نقول هذا القول، لتأكيد ان المقاومة في غزة، وعبر تنفيذها "طوفان الاقصى" قلبت على امريكا والغرب والكيان الاسرائيلي، الطاولة، وافشلت جميع مخططاتهم، بدءا من تهويد القدس وهدم المسجد الاقصى ومرورا بتوجيه ضربة موجعة لسياسة التطبيع التي كان هدفها الرئيس انهاء وتصفية القضية الفلسطينية، وانتهاء بخلق ازمات عسكرية وامنية وسياسية واقتصادية واجتماعية داخل الكيان المحتل، والتي باتت بوادرها تلوح في الافق اسرع مما كنا نتصور، فالكيان الذي كان يروج للمطبعين بان بمقدروهم الاتكال عليه، ظهر بانه بالكاد يقف على قدميه، بفضل الجسور الجوية التي اقامها الغرب لمده باسباب الحياة.

ان المحاولة البائسة لامريكا في اظهار الكيان الاسرائيلي كضحية، فندتها دماء اطفال ونساء غزة، فقد وصل عدد الشهداء في غزة إلى 8306 شهداء، بينهم 3457 طفلا و2136 إمرأة وأكثر من 20 ألف مصابا، ذلك بالإضافة إلى وجود 1950 تحت الأنقاض، منهم 1050 طفلا، فهذا المشهد هو اكبر فشل عسكري واخلاقي لامريكا و"اسرائيل". اما محاولة امريكا اظهار ايران بانها تسعى وراء الحرب، وضرب امن واستقرار المنطقة، فهي محاولة اكثر من سخيفة، فقد سخر منها حتى رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك، الذي نشر صورة على منصة "إيكس" تظهر فيها خريطة إيران والدول المحيطة بها، وأعلام أمريكية تشير إلى القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة حول إيران، والتي تطوقها من 3 جهات، مع عبارة في الأعلى: "إيران تريد الحرب". كما كتب عليها بالخط العريض من الأسفل عبارة أخرى، جاء فيها: "انظروا كيف وضعوا بلدهم (إيران) بقرب قواعدنا العسكرية"!!.

من الواضح ان الامريكيين انفسهم، باتوا غير مقتنعين بأكاذيب مسؤوليهم عن ايران، واخذوا يسخرون بطريقة مُرّة على هذه الاكاذيب، ففي الوقت الذي تهدد امريكا من تدخل اطراف اخرى في العدوان الاسرائيلي على غزة، بذريعة منع تمددها جغرافيا، نراها تنخرط وبشكل صلف ووقح في العدوان على غزة ، عبر ارسال جنودها ، الذي شاركوا في محاولات الاجتياح البري الفاشلة لغزة، الامر الذي يؤكد ان امريكا تبقى، ليس فقط من وجهة نظر شعوب العالم، بل الشعب الامريكي نفسه، اكبر قوة مزعزعة لامن واستقرار العالم، وعنوانا للحروب والغزو والارهاب.