من التهجير الى إقامة منطقة عازلة.. المخطط الإسرائيلي ينكفىء

من التهجير الى إقامة منطقة عازلة.. المخطط الإسرائيلي ينكفىء
الإثنين ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٣ - ٠٩:١٦ بتوقيت غرينتش

"نبشر بتوطين مئات آلاف الفلسطينيين في قطاع سيناء المقترح، وستحقق الخطة هدف إزالة الخطر اليومي المتمثل في انفجار الوضع في فلسطين"، هذه الكلمات لم ينطق بها نتنياهو او غالانت او بايدن او بلينكن، بل تعود الى 67 عاما، وتحديدا عام 1956، وجاءت في رسالة رئيسة قسم الشرق الأوسط في مؤسسة “إيكونوميست”، إليزابيث مونوريو، الى الحكومة البريطانية حينها.

العالم مقالات وتحليلات

رسالة مونوريو جاءت ضمن وثائق أفرجت عنها الحكومة البريطانية مؤخرا، وكشفت عن محاولات بريطانية، لإنشاء ‏منطقة عازلة بين مصر والكيان الاسرائيلي، وذلك بعد تأميم الرئيس المصري الراحل، جمال عبد الناصر، لقناة ‏السويس في عام 1956.‏

وكان المشروع يهدف الى دمج جزء من سيناء وقطاع غزة وجزيرتي تيران وصنافير، إلى جانب جزء من الأردن، لإنشاء منطقة عازلة بين مصر والكيان الاسرائيلي، في إطار "تسوية الصراع بين الكيان الصهيوني والعرب"، ويتمثل محور الخطة في استغلال سيطرة "إسرائيل" على سيناء لإقناع مصر بالتنازل عن جزء منها لإقامة منطقة دولية باسم "قطاع سيناء".

ذكرنا هذه الرسالة بشيء من التفصيل، لانها كشفت عن ان المخطط الذي يعمل عليه الثلاثي الامريكي البريطاني الاسرائيلي اليوم، لتهجير اهالي غزة الى سيناء، ليس بالمخطط الجديد، بل هو مخطط قديم الا انه لم يفقد زخمه حتى اليوم، وهذا ما كشف عنه وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، في مؤتمره الصحفي مع نظيره العماني بدر البوسعيدي في طهران، عندما اكد على أن جزءا من الوثائق التي حصلت عليها المقاومة خلال عملية "طوفان الأقصى" تؤكد فرضية المخطط الإسرائيلي لنقل جميع سكان غزة إلى مصر، وأهالي الضفة الغربية إلى أجزاء من الأراضي الأردنية.

ما جاء في تصريح وزير الخارجية الايراني، يكشف عن الخداع الذي يمارسه الثلاثي الامريكي البريطاني الاسرائيلي، للراي العام العالمي، من ان مخطط تهجير الفلسطينيين في غزة الى سيناء، هي ردة فعل لمعركة "طوفان الاقصى"، فهذا المخطط قديم، وفقا لما كشف عنه عبداللهيان، وكان ينتظر فرصة لتنفيذه، ووجد الثلاثي في معركة "طوفان الاقصى" تلك الفرصة التي يمكن ان يتخذوها، ذريعة لنقل المخطط من الورق الى الارض.

ان الوحشية التي يمارسها الكيان الاسرائيلي وبشكل منفلت، في غزة، وتجاوزت التطهير العرقي والابادة الجماعية، والتي احرجت حتى شركاء "اسرائيل" في جرائمها ، كامريكا بريطانيا، اللتان يحاول مسؤولوها الظهور بمظهر من يلجم الوحش الاسرائيلي الغاضب، بينما هدف الثلاثي من كل هذه الوحشية، تهدف الى دفع اهالي غزة للجوء الى الجنوب، ومن ثم الضغط عليهم هناك، ودفعهم تحت ضغط القصف لعبور الحدود الى سيناء.

صحيح ان مخطط تهجير الفلسطينيين الى غزة هو مخطط قديم، الا انه يبقى حلما لم ولن يتحقق، فالثلاثي المشؤوم، لطالما وضع خططا واهدافا على مدى العقود الماضية، لم ترى النور ابدا، منها القضاء على حزب الله، تاسيس شرق اوسط جديد، تقسيم سوريا والعراق، احتلال افغانستان وتحويلها الى قاعدة عسكرية امريكية، واخيرا مخطط تهجير اهالي غزة الى سيناء، ومن ثم الاستفراد باهالي الضفة ودفعهم للهجرة الى الاردن، ولكن فات هذا الثلاثي ، انهم ليسوا اسياد العالم، وليس بمقدروهم التحكم بالامم والشعوب والدول، وتغيير جغرافيتها الطبيعية والسكانية، وفقا لمصالحهم، فاغلب تلك المخططات ارتطمت بارادة الشعوب ومقاومتها، ومخطط تهجير اهالي غزة الى سيناء، ليس استثناء فقد مات قبل ان يولد، بفضل المقاومة الملحمية لفصائل المقاومة، وبفضل الصبر الاسطوري لاهالي غزة، اللذان اذهلا وادهشا العالم اجمع.

ما نقوله عن موت مخطط تهجير اهالي غزة، ليس من باب دعم معنويات المقاومة في غزة، او شعبها الصابر، بل هو حقيقة اعترف بها الصهاينة انفسهم، ولكن على استحياء، فهذه صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية كشفت عن أن تل أبيب أبلغت مصر والاردن والامارات والسعودية، نيتها إنشاء منطقة عازلة على الجانب الفلسطيني من حدود قطاع غزة منعا لوقوع هجمات في المستقبل!!.

ما ذكرته الصحيفة، ليس تحليلا سياسيا، بل هو معلومات زودها السياسيون والعسكريون في الكيان الاسرائيلي للصحيفة، للنزول من اعلى الشجر التي تسلقوها، وهو ما يعني انكفاء مخطط تهجير الفلسطينيين الى سيناء، الى مخطط ايجاد منطقة عازلة، وهو مخطط سينكفؤ بدوره ايضا، بفضل المقاومة كما انكفأ مخطط التهجير.