بعد أن ولىّ هارباً من غزة.. ما هو لواء النخبة "غولاني"؟

بعد أن ولىّ هارباً من غزة.. ما هو لواء النخبة
السبت ٢٣ ديسمبر ٢٠٢٣ - ٠٢:٣٧ بتوقيت غرينتش

يبدو ان الرواية الاسرائيلية عن سحب لواء "غولاني" من غزة بعد 60 يوما من القتال، لم تكن مقنعة حتى للراي العام في الكيان الاسرائيلي، الذي تساءل عن الاسباب الحقيقة التي دعت القيادة العسكرية الى سحب لواء النخبة، في ذروة الحرب الدائرة في غزة، والتي حصر الاعلام الاسرائيلي هذه الاسباب بـ"الاستراحة وتنظيم الصفوف من جديد".

العالممقالات وتحليلات

القيادتان السياسية والعسكرية في الكيان الاسرائيلي تعتمدان سياسة النعامة في نقل مجريات العدوان على غزة للراي العام الاسرائيلي، اعتقادا منهما، ان الاخرين سوف لن يروا ما لا يريدون هم رؤيته، اتكالا منهم على وسائل اعلامهم التي جندوها لتزييف حقائق الميدان، وكذلك تغييبها من خلال جرائم عبر قتلهم الصحفيين والمراسلين والمصورين المستقلين، لدفن الحقيقة التي لا يريدون ان يراها الاخرون، متناسين ان الحقيقة في عصرنا الحاضر لا يمكن التعتيم عليها، عبر الكذب والتزييف وتكميم الافواه والقتل.

من بين هذه الحقائق التي حاول الكيان الاسرائيلي اخفاءها على الراي العام الاسرائيلي، الضربة الموجعة التي تلقاها لواء النخب "غولاني" على يد مقاتلي المقاومة في غزة، وتحديدا في حي الشجاعية، بعد ان نصب مقاتلو "كتائب القسام" كمينا لجنود من لواء "غولاني" أدى إلى مقتل وإصابة عدد كبير من الضباط والجنود، وسمح جيش الإحتلال بنشر أسماء 10 منهم، بينهم قائد كتيبة "غولاني 13"، تومر غرينبرغ، قتلوا في هذا الكمين، فيما أصيب 4 آخرون بجروح خطيرة.

المعلومات التي كشفت عنها قوات الاحتلال عن عدد قتلى لواء غولاني، لم تكن كل المعلومات التي في حوزتها، فقد قُتل العشرات من هذا اللواء في عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، كما سقط آخرون في المعارك البرية في قطاع غزة، وهذه الحقيقة كشف عنها، قائد اللواء الأسبق، موشيه كابلنسكي، الذي كشف عن ان لواء الغولاني" خسر منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر ربع قواته بين قتيل ومصاب، إذ قتل 88 ضابطاً وجندياً، منهم 72 جنديا في 7 أكتوبر وحده.

يرى الخبراء العسكريون، انه وفقا للقواعد العسكرية، فإن إخراج الوحدة العسكرية من القتال يعني أنها فقدت 40% من قدراتها القتالية البشرية والمعدات، وان سحب لواء غولاني يثبت صحة ما تعلنه كتائب القسام من تدمير عدد كبير من آليات جيش الاحتلال، وهو ما يرجح الرواية الفلسطينية على الرواية الاسرائيلية حتى في الداخل الاسرائيلي.

ومن اجل معرفة حجم الضربة التي وجهت الى القوة الضاربة في جيش الاحتلال والمتمثلة في لواء غولاني، وتداعياتها على باقي وحدات قوات الاحتلال، وتاثير هذه التداعيات على مصير العدوان برمته، لابد من التعرف على اهمية هذا اللواء، الذي يمثل النخبة في جيش الاحتلال، وراس حربة العدوان على غزة، عندها فقط يمكن تلمس حجم الانتصار الذي سطره مقاتلو المقاومة، والهزيمة المرة التي ذاقها المحتل.

تم تأسس اللواء في22 فبراير/شباط 1948، على يد ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لكيان الاحتلال، وجاء تأسيسه بعد انقسام لواء ليفانوني الذي كان يقاتل على الحدود اللبنانية إلى لوائين: الأول لواء غولاني والثاني لواء كرملي. وتمركز اللواء في أودية وتلال الجليل، وضم جنودا من الهاغاناه وسكان المستوطنات ومجندين من أنحاء الكيان، و شارك في حرب النكبة عام 1948 قبل تأسيس جيش الاحتلال، وخاض الكثير من المعارك ضد الجيوش العربية حيث انه اللواء الذي احتل شبه جزيرة سيناء في حرب 1956 وهو الذي أحتل هضبة الجولان والضفة الغربية في حرب 1967 كما حارب القوات السورية في حرب 1973، و كان من بين المنضمين الأوائل للواء عناصر من منظمة "الهاغاناة" التي نفذت مجازر بحق الفلسطينيين في النكبة عام 1948.

يتبع اللواء "غولاني" للفرقة 36 بالجيش، ويرتبط بالقيادة الشمالية، وهو اللواء الأول والوحيد الذي بقي مستمرا في عمله منذ تأسيس جيش الاحتلال وينقسم اللواء إلى 4 كتائب.

هذا اللواء صاحب التاريخ الاسود في الاجرام والقتل، تم تكسير اطرافه وإجباره على الهروب من غزة مهزوما ذليلا ، تحت ضربات رجال المقاومة، وكل ما قيل عن الانسحاب بقصد التنظيم والاستراحة، ليس سوى عملية ذر الرماد في العيون، فهذا اللواء جاء الى حي الشجاعية، لان لهم ثأرا مع هذا الحي، وفقا لتصريحات قادة اللواء، وكان العديد من المسؤولين الصهاينة قد لمحوا إلى "الحساب المفتوح" مع الشجاعية، ومن بينهم وزير الأمن يوآف غالانت، الذي قال، في الرابع من الشهر الجاري، خلال لقاء مع الجنود من وحدة غولاني على حدود غزة، إن "مقاتلي غولاني يعودون إلى الشجاعية من أجل إغلاق الحساب، ولن يتركوه حتى القضاء على جميع البنى التحتية العسكرية فيه".

ان الثأر الذي يقصده قادة الاحتلال هو الخسارة الكبيرة التي لحقت باللواء في معركة "العصف المأكول" عام 2014. وتركزت مشاركة اللواء في المرحلة الثانية التي تلت القصف الجوي، وهي مرحلة الاجتياح البري، إذ كان اللواء من ضمن الفرقة المدرعة رقم 36 التي بدأت الاجتياح البري ليلة 17 يوليو/تموز 2014، الا ان ابطال المقاومة في الشجاعية كانوا له بالمرصاد، فاطلقوا عليهم النار فأدى إلى مقتل 7 جنود على الأقل وإصابة قائد اللواء غسان عليان وقادة آخرين، وأسر الجندي شاؤول آرون.

لا يستبعد المراقبون ان يكون سحب "غولاني"، أول خطوة لخروج الاحتلال من غزة، بعد الضربة التي تلقاها في الشجاعية، كما كانت الضربة القوية التي وجهها حزب الله لغولاني في حرب تموز عام 2006، عندما قصف ثكنة "مارغلوت" واسفر القصف عن مقتل 15 جنديا، وهو ما اضطر قيادة الاحتلال إلى تسريع مفاوضات وقف إطلاق النار.

اذا ما تركنا كل هذا التحليل جانبا، يكفي مقطع الفيديو، الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، يوم امس الجمعة، والذي نقل مشاهد الفرحة العارمة التي غمرت جنود لواء النخبة "غولاني"، وهم يتجمعون في قاعة كبيرة معبرين عن فرحتهم بمغادرة قطاع غزة، بالأغاني والأهازيج، دليلا على الخوف والهلع الذي كانت تعيشه هذه النخبة في غزة، كما يكفي ذلك دليلا على قوة وصلابة وشجاعة المقاومة في غزة.. فصبرا أهل غزة ان النصر قريب.

لواء غولاني