جريمة إغتيال الشهيد العاروري.. الاسباب والدلالات

جريمة إغتيال الشهيد العاروري.. الاسباب والدلالات
الأربعاء ٠٣ يناير ٢٠٢٤ - ٠٨:١٩ بتوقيت غرينتش

جريمة اغتيال الشهيد صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسى لحركة "حماس" بقصف مكتبه بالمشرفية في بيروت أمس بمسيرة اسرائيلية، والتي جاءت بعد ثلاثة اشهر من العدوان الهمجي على غزة، والذي اسفر حتى الان عن استشهاد نحو 23 الف فلسطيني معظهم من الاطفال والنساء، لا يمكن حصرها في خانة الانتقام لهزيمة "طوفان الاقصى"، فهي جريمة لها دلالاتها واسبابها الخاصة، لاسيما انها ارتُكبت في مكان وتوقيت في غاية الخطورة.

العالم مقالات وتحليلات

المعروف ان جريمة الاغتيال جاءت بعد 90 يوما من الفشل المتراكم لقوات الاحتلال في غزة، رغم انخراط امريكا بكل ثقلها في العدوان، ورغم الوقت الطويل الذي منحته ادارة بايدن لنتنياهو وحكومته وجنرالاته، لتحقيق اهداف العدوان وفي مقدمتها القضاء على حماس والمقاومة وتحرير الاسرى، وهذا الفشل خلق فجوة بين ادارة بايدن ونتنياهو، فالاخير مازال يصر على مواصلة العدوان لا لشيء الا من اجل ابقاء الحرب مستعرة، لانها طوق النجاة الوحيد لانقاذه من مصيره الاسود، بينما ادارة بايدن، ترى ان العدوان قد فشل، وانها قد قدمت اثمانا باهظة من سمعتها الدولية، لمشاركتها في الابادة الجماعية التي تجري في غزة، ومن شعبية بايدن داخل امريكا، وهي شعبية تدنت حتى باتت تهدد فرص فوزه بالانتخابات القادمة.

كان واضحا ان احد اهداف جريمة الاغتيال، هو للتغطية على فشل قوات الاحتلال في الوصول الى قادة حماس في غزة، رغم سياسة الارض المحروقة، والقاء قنابل ثقيلة على المدنيين، فكان لابد من تسويق نصر زائف الى الداخل الاسرائيلي، الغاضب من عجز نتنياهو في تحقيق اي نصر في غزة، فتمثل هذا "الانتصار" في اغتيال قائد سياسي في حماس كانت تنقلاته وتحركاته في بيروت مكشوفة ومعروفة، فالعاروري لم يكن متواريا عن الانظار، او كان متخفيا.

من جانب اخر لن تسوق هذه العملية الجبانة، اي نصر لنتنياهو الفاشل، بل على العكس كشفت عن يأسه وعجزه، فهو اراد من وراء هذا العملية ان يقول لامريكا بلسان الحال الا تتركوني وحيدا، امام حزب الله، بعد ان اتخذت امريكا مؤخرا خطوات، ارادت من خلالها الابتعاد قليلا عن موقف نتنياهو وحكومته ازاء بعض تفاصيل العدوان على غزة، منها تسريب انباء عبر الصحافة الامريكية، عن وجود خلافات بين ادارة الرئيس الامريكي وحكومة نتنياهو، حول اهداف العدوان على غزة، واليوم التالي بعد العدوان، وكذلك سحب امريكا لحاملة طائراتها "جيرالد فورد" من شرقي البحر المتوسط رغم استمرار العدوان، وهي خطوات راى فيها الخبراء بانها رسالة وجهتها امريكا الى نتنياهو مفادها أن واشنطن لن تستمر بدعم تل أبيب للأبد ما لم تنصع للإرادة الأميركية.

اللافت هو ردة فعل امريكا الاولية على جريمة اغتيال الشهيد العاروري، فقد نقل موقع "والاه" الاسرائيلي من مسؤولين امريكيين ان "اسرائيل لم تبلغ امريكا بعملية اغتيال العاروري"، وان "اسرائيل هي المسؤولة عن الاغتيال". اما موقع "اكسيوس" الامريكي فنقل عن مسؤولين امريكيين قولهم ان "اسرائيل لم تبلغ امريكا بعملية الاغتيال، وانها اخطرت ادارة بايدن بالعملية حين تنفيذها فقط".

من الواضح ان امريكا ومن خلال هذا الموقف ارادت ان ترسل رسالة مفادها انها لا ليست في خانة واحدة مع الكيان الاسرائيلي في قضية جرائم الاغتيال التي تطال قادة حماس خارج غزة، وان موقفها يختلف عن موقف حليفها، وهذا ما يفسر ارجاء موعد زيارة وزير الخارجية الامريكي الى كيان الاحتلال التي كان مقرر لها يوم غد الخميس، بعد الاعلان عن جريمة الاغتيال.

امريكا ومن خلال هذه المواقف ارادت ان توحي ان هناك فجوة بينها وبين الكيان الاسرائيلي، لذلك نأت بنفسها عن جريمة اغتيال العاروري، من اجل ان تقدم نفسها كوسيط لاستيعاب ردة فعل حزب الله ومحور المقاومة على جريمة الاغتيال، وهو رد تعتقد امريكا جازمة انه آت لا محالة، وذلك تحت ذريعة عدم جر المنطقة الى حرب اقليمية، كما يتمنى نتنياهو.

الشيء الثابت والاكيد في كل الذي قيل، هو ان رد حزب الله ومحور المقاومة سيأتي عاجلا وليس آجلا، على جريمة اغتيال الشهيد العاروري، فنتياهو ارتكب خطأ قاتلا عندما تجاوز الخطوط الحمراء التي وضعها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وعليه ان ينتظر الرد الاكيد، كي لا تتمادى "اسرائيل" في ارتكاب مثل هذه الجرائم في لبنان مرة اخرى، وهو رد لا تتوقعه امريكا فحسب، بل بدأت منذ الامس على إستيعابه في حال وقوعه، رغم انف نتنياهو وحكومته.

العالم - منيب السائح