الفارس الأخير...

الفارس الأخير...
الثلاثاء ٢٠ سبتمبر ٢٠١١ - ٠٣:٣٣ بتوقيت غرينتش

20-9-2011 محمد فايز الإفرنجي marhm_2007@hotmail.com

عمدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح إلى اعتماد الأمن في قطاع غزة مؤخرًا إلى فارسها الهمام محمد دحلان الذي سرعان ما انتشرت هيمنته على الأجهزة الأمنية وعلى رأسها الأمن الوقائي ذلك الجهاز سيء السمعة والذي أسسه العقيد دحلان آنذاك, ومن ثم السيطرة على رؤوس الضلال في الأجهزة الأمنية الأخرى مستخدمًا نفوذه القوي مع الأمريكان كما الاحتلال, ولم ينسى استخدام المال وإغداقه على من حوله من كبار وصغار المسئولين مرورا بالمرافقين وأدنى الموظفين لتكوين لفيف شعبي حوله؛ ليؤهله في الدعم لمناصب قادمة كانت محط أنظاره السياسية محمية بالأدوات العسكرية .

 حوصر الرئيس ياسر عرفات في المقاطعة بمدينة رام الله المحتلة, وبقي دحلان طليقًا يجوب الضفة المحتلة  والدول المجاورة حتى الغربية دون رقيب ولا حسيب.. يقابل الرؤساء ويتلقى الدورات التعليمية في بريطانيا ويجلس مع الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن والعديد من المقابلات السياسية الهامة أثناء أو قبل أو بعد حصار الراحل عرفات .

 لقد مرت مرحلة حكم فيها دحلان القطاع بشكل كلي حتى جاء قرار معاقبة الأجهزة الأمنية على ما تقترفه من جرائم ضد الشعب وأكد "نبيل عمر" حينها أن قطاع غزة سلم لدحلان بشكل كامل, لقد جيش دحلان  لذلك الفرق العسكرية تحت أسماء لا تعد وحصل لها على تمويل وسلاح وعربات تجوب شوارع قطاع غزة بطريقة استعراضية لا تخلوا من رسائل للفصائل الفلسطينية وخصوصًا حركة المقاومة الإسلامية حماس ولا ننسى فرق الموت التي شكلها.لزعزعة استقرار الأمن بالقطاع لتبقى مفاتيح الأمن في قطاع غزة بيده.

 استشهد الزعيم عرفات وأصبحت الساحة مهيأة أكثر لدحلان للقفز على الأسوار وتجاوز القيادات التاريخية لحركة فتح لبسط نفوذه.

 زاد الظلم والقمع والتخريب والفوضى الخلاقة التي تبناها؛ ليكون اليد التي تنفذ سياسة "كوندليزا رايس" آن ذاك, وبعد فوز حركة حماس الكاسح في الانتخابات التشريعية الأخيرة, صعق دحلان وظهر جنونه في خطابه الشهير في ملعب اليرموك حينما قال "لن نتكلم بعد اليوم بالسياسة", كانت إشارة واضحة إلى نهج دموي سيتبعه دحلان للخلاص من حكم حماس, وكان من أكبر وأعنف من وضع العراقيل في طريق حماس وحكومتها, ووصل به الأمر إلى تهديد كل القيادات الفتحاوية التي تفكر بالمشاركة بالحكومة الحمساوية الشرعية التي أقرها وأعطاها المجلس التشريعي ثقته.

 زادت الأمور تعقيدًا وأصبح قتل القيادات والعناصر التابعة لحركة حماس أمرًا عاديًا لدى أجهزة دحلان الأمنية, فتوترت الأوضاع في غزة بشكل كامل وأصبح الأمن مفقود وحياة المواطن في بيته غير آمن عليها.

 قررت حماس التصدي لتلك الفئة الخارجة عن القانون والعرف والعادات الفلسطينية فذهبت لتأديب الأجهزة المسئولة بشكل مباشر عن هذه الفوضى الأمنية لوقف نزيف كان سينشر الرعب والقتل والدمار بقطاع غزة والوصول إلى مرحلة اقتتال داخلي, لكن حركة حماس أخذت بيدها زمام المبادرة فسرعان ما سقطت الأجهزة الأمنية كنمر من ورق وتسابقت قياداتها في الهرب إلى الضفة الغربية عبر معبر ايرز " بيت حانون" ومصر .

 سقط فارس فتح في القطاع فانهارت منظومته الأمنية, وانهار معها حلمه الكبير بالوصول إلى سدة الحكم ولكنه لم يستسلم فعاد ليحارب من الضفة الغربية بأسلوب جديد ولم يترك عدائه لحركة حماس.

 شغل الأمن واستقطب فئات وشكل وحدات حسب ما جاء في اتهامات لدحلان عبر قيادات فتحاوية وتم الإعلان عن نوايا دحلان الانقلابية على الرئيس عباس, فشكل لجنة للتحقيق معه, آلت إلى فصله من اللجنة المركزية لحركة فتح وفصله من الحركة بشكل كامل وسحب كل صلاحياته, فسقط الهمام من فرسه الأخير ليبقى مطلوبًا لعباس ومر قرار فصله دونما ضجيج من قبل مؤيديه سواء بالضفة أو القطاع حتى حلفائه من الدول العربية والغربية لم يقف بجانبه أحد, فأصبح "كالكارت المحروق" يتبرأ الجميع منه حتى انه في هذه الأيام هدد المملكة الأردنية الهاشمية التي منعته فتح مكتب له بها وحرمته من الإقامة الطويلة على أرضها.

 ترددت الأنباء عن نوايا الرئيس عباس إلى محاولة لفصل محمد دحلان من المجلس التشريعي؛ ليكون بهذا أطلق رصاصة الرحمة على حياة دحلان السياسية بلا عودة. إن الانقلاب بالسياسة الفتحاوية بعد قضية دحلان أصبحت تعطل قياداتها وكوادرها في القطاع تحديدًا وتقضي على تنظيمها بيدها أكثر مما قبل .

 فهل قتل دحلان السياسي هو بمثابة سقوط "الفارس الفتحاوي الأخير" ؟ أم أن هناك سياسة يتبعها تنظيم فتح في تنظيف نفسه وخلع شوكه بيده بعدما آلت إليه الأمور من ضعف وترهل وفساد في الحركة أدى إلى فقدانها ديمومتها ومركزيتها وقواعدها, فإذا كان الأمر كذلك فعلى من الدور القادم....؟