ما طبيعة فضيحة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك؟

ما طبيعة فضيحة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك؟
الجمعة ٢٣ سبتمبر ٢٠١١ - ١١:٤١ بتوقيت غرينتش

رشاوى بعشرين مليون دولار من خمسة زعماء أفارقة، دخلت في حسابات جاك شيراك ودومينيك دوفيلبان، حين كان الأول رئيسا لجمهورية فرنسا، والثاني رئيسا لحكومتها.

فضيحة جديدة مدوية في مسلسل طويل، آخر حلقاته محاكمة تجري فصولها حاليا، والمتهم الأبرز فيها شيراك نفسه.

بلاد الدروس في الثورة والحرية والإخاء والمساواة... تقدّم اليوم دروسا مضادة، أحدها بعنوان الفساد في رأس الهرم...  

قنبلة من العيار الثقيل فجّرها المحامي الفرنسي من أصل لبناني، روبير برجي، حين كشف النقاب عن تلقي الرئيس الفرنسي السابق، جاك شيراك، ورئيس الحكومة الفرنسية السابق، دومينيك دوفيلبان، رشاوى من خمسة زعماء أفارقة، قدّرها بنحو عشرين مليون دولار.

المبالغ التي دفعت في الفترة ما بين العامين ألف وتسعمئة وخمسة وتسعين وألفين وخمسة، وتمت بوساطة من برجي نفسه، جاءت من الرئيس السنغالي عبد الله واد، وبليز كومباوري في بوركينا فاسو، ولوران غباغبو في ساحل العاج، ودينيس ساسو نغيسو في الكونغو برازافيل، وعمر بانغو في الغابون.

وكان نصف هذا المبلغ، أي عشرة ملايين دولار، بهدف تمويل الحملة الانتخابية لشيراك في العام ألفين واثنين.

يذكر أن برجي هو من مواليد السنغال، وقد عمل كمستشار للرئيس شيراك في العام ألف وتسعمئة وثلاثة وثمانين، ثم لدومينيك دو فيلبان في الفترة ما بين ألف وتسعمئة وستة وثمانين وألف وتسعمئة وثمانية وثمانين، قبل أن ينضم، في العام ألفين وخمسة، إلى فريق الرئيس الحالي، نيكولا ساركوزي الذي قلّده، بعد عامين، وسام الاستحقاق الفرنسي.

وقد لعب برجي دورا مهما في ما يمكن تسميته "السياسة الفرنسية الموازية"، وكانت تربطه علاقات جيدة مع زعماء أفارقة كثر، لا سيما مع الرئيس الغابوني عمر بونغو.

وهذه العلاقات هي التي سهّلت له لعب دور الوسيط في نقل الرشاوى السخية من الزعماء الأفارقة إلى المؤثرين في مركز صنع القرار في فرنسا.

تهم خطرة عن مرحلة انصرمت قبل سنوات طويلة.

لماذا الآن؟ أي سر فتح باب الأسرار والفضائح والروائح الكريهة؟

في توقيت بالغ السوء جاءت الاتهامات الخطرة التي وجهها المحامي الفرنسي من أصل لبناني، روبير برجي إلى الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك ورئيس حكومته دومينيك دوفيلبان.

فالرجل الذي سكت نحو ربع قرن على هذا النوع من الممارسات المشينة، نطق، فجأة، بعد أيام قليلة من دخول شيراك التاريخ الفرنسي، بكونه أول رئيس جمهورية سابق، يمثل أمام القضاء في اتهامات قد تصل عقوبتها إلى السجن عشر سنوات.

ولئن سمحت الحالة الصحية المتردية للرئيس السابق بعدم الوقوف في قفص الاتهام، إلا أن القضاة يتعاملون بجدية مع الاتهامات الموجهة إليه، حين كان رئيسا لبلدية العاصمة باريس، مطلع التسعينيات من القرن الماضي، وتشمل اختلاس أموال عامة، فضلا عن تأمين وظائف ومداخيل من البلدية لأشخاص يعملون في خدمة حزبه.

شيراك الذي يبلغ التاسعة والسبعين من العمر، أنكر هذه التهم جملة وتفصيلا، كما أنكر الاتهامات الجديدة التي وجهها له برجي، وقرر إقامة دعوى قضائية بهذا الخصوص، أسوة بما قرره أيضا دومينيك دوفيلبان.

وقد أقرّ برجي مسبقا بأنه ليس لديه أي دليل أو أثر يثبت الاتهامات التي أطلقها، في المقابلة الصحافية التي خص بها صحيفة "لو جورنال دو ديمانش"، زاعما أنه تحرّك بمحض إرادته وأن أحدا لم يمل عليه تلك المقابلة، ونافيا، في الوقت نفسه، أن يكون مستشارا رسميا أو غير رسمي للرئيس ساركوزي.

ومما قاله إنه يريد فرنسا نظيفة، بعد أن رأى ما سماه "الكثير من الأمور المشينة".

غير أنه اقتصر في اعترافاته على مرحلة شيراك – دوفيلبان، رغم معرفته بأن تلك الممارسات شهدتها أيضا عهود الرؤساء جورج بومبيدو وجيسكار ديستان وفرانسوا ميتران.

وقد برر عدم الحديث عن هذه العهود، بقوله إنه لا يحبذ الكلام عن الراحلين.

روبر بوجي، إذن، لا يحبذ الكلام عن الراحلين، بل فقط عن الأحياء...