النفق، الذي يمتد من حي سلوان جنوب الأقصى إلى ما تحته مباشرة، مثل تجسيدًا لانتهاك صارخ للمقدسات الإسلامية، وفتح الباب أمام موجة جديدة من التصعيد، إذ اقتحم مئات المستوطنين، بحماية من قوات الاحتلال، باحات المسجد والبلدة القديمة، في ذكرى مرور 58 عامًا على احتلال القدس.
وخلال ظهوره المتوتر من داخل النفق، زعم نتنياهو أن "القدس ستبقى العاصمة الأبدية لإسرائيل"، داعيًا الدول لنقل سفاراتها إليها، في خطابٍ بدت ملامح القلق بادية عليه، وكأنما يحتمي بجدران النفق من واقع سياسي متأزم وتاريخ لا يغفر.
رواد مواقع التواصل رأوا في هذا المشهد محاولة محمومة لفرض واقع تهويدي جديد، وسط صمت عربي ودولي مخجل، واعتبروا أن نتنياهو الذي لم يجرؤ على الظهور في ساحة القدس، لجأ إلى باطن الأرض ليخاطب أنصاره من خلف الصخور، لا من أمام الحقائق.
وفي مشهد استفزازي، تجمع مئات المستوطنين في ساحة باب العامود، وهم يرقصون ويلوحون بالأعلام الإحتلال ويهتفون بشعارات عنصرية، أبرزها "الموت للعرب" و"لنسوي غزة بالأرض"، بالتزامن مع "مسيرة الأعلام" التي تحولت إلى استعراض للقوة والتحدي.
إقرأ أيضا..
أما داخل الأقصى، فاقتحم ما يزيد عن 2090 مستوطنا باحاته، بحسب دائرة الأوقاف الإسلامية، بمشاركة شخصيات إسرائيلية رفيعة، من بينهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير النقب والجليل إسحاق فاسرلاوف، إلى جانب أعضاء كنيست من أحزاب "الليكود" و"الصهيونية الدينية".
وفي السيافق حذر نشطاء من خطورة النفق الذي ظهر منه نتنياهو، واصفين إياه بأنه "خنجر تهويدي" يطعن أساسات الأقصى باسم "التنقيب عن الهيكل"، رغم أن الحفريات المستمرة منذ عقود لم تسفر عن دليل تاريخي واحد يدعم هذه الرواية.
ورأى آخرون أن توقيت ظهور نتنياهو في ذكرى احتلال القدس ليس عبثيًا، بل رسالة موجهة لإعادة صياغة السردية الصهيونية، مستعينًا بالرمزية المكانية والزمنية، ومحاولًا تثبيت الهيمنة على ما فوق الأرض وتحتها.
وكتب أحدهم: "نتنياهو لا يخاطبنا من نفق، بل من هاوية الخوف والقلق.. يختبئ تحت الأقصى ليواري فشله السياسي وخيبته الأخلاقية".
في ساحة باب العامود، رفعت لافتات حملت رسائل مقلقة مثل: "عام 1967: القدس في قبضتنا"، و"2025: غزة في قبضتنا"، وأخرى تقول: "من دون نكبة، لا انتصار"، ما اعتبره النشطاء إعلانًا صريحًا عن نوايا الاحتلال للمرحلة القادمة، في ظل غياب الردع العربي.
وظهر عضو الكنيست تسيفي سوكوت من حزب "الصهيونية الدينية" وهو يرفع علم الإحتلال قائلا: "جبل الهيكل أصبح بيدنا"، في مشهد وصفه مراقبون بأنه تصعيد خطير في مشروع التهويد.
وقال احد النشطاء في تدوينته: "نتنياهو يرتجف في نفقه، والمقدسيون يواجهون وحدهم. الأقصى ليس وحده من تحت التهديد.. كرامتنا جميعًا تحفر تحت أقدامهم".