علی أعتاب ذکری أربعين الامام الحسين عليه السلام، شارک الدکتور محمد طاهر في مؤتمر نداء الاقصی في نسخته الرابعة، في کربلاء المقدسة.
وعلی هامش المؤتمر، حل الدكتور محمد طاهر ضيفاً علی برنامج ضيف وحوار علی شاشة قناة العالم.
الدکتور محمد طاهر، هو الطبيب الجراح العراقي الذي خاض تجربة طوعية لمعالجة اهل غزة تحت نيران الاحتلال، وهو رئيس قسم الجراحة في مؤسسة فجر الدولية.
غزة، هي کربلاء العصر
أشار الدکتور محمد طاهر الی التجربة التي خاضها في غزة، مؤکداً ان ما شهده من ذبح وقتل وتجويع ونزوح کان يذکره بما عاشه الامام الحسين عليه السلام، حيث کانت قضية الامام الحسين عليه السلام من الدوافع الاساسية في ذهابه الی غزة.
وأکد ان "غزة هي كربلاء العصر". ورغم اعتقاده بمقولة "لا يوم كيومك يا أبا عبد الله"، الا انه دائماً کان يری ارتباطاً حثيثاً بما يجري علی أهل غزة وما جری علی الحسين عليه السلام، لهذا کان يقول لأهالي غزة، "انتم حسينيون".
ورأی الدکتور طاهر ان الإمام الحسين عليه السلام خير مثال للتضحية في سبيل الله، وهو علمنا أن الدماء الطاهرة تتغلب علی السيف، وعلمنا أن الشهادة هي أعظم درجة عند رب العالمين، لذلك، هو سيد الشهداء، وعلمنا أن نقف أمام الطغاة ولا نتولی الفاسدين.
وأشار الی ان بعض أهل غزة، لم يکونوا علی علم بسيرة الامام الحسين عليه السلام ولم يطلعوا سوی علی قضية صعود الامام الحسين عليه السلام في أيام طفولته علی ظهر النبي صلی الله عليه وآله وسلم عند الصلاة ويظنون ان قصة الامام الحسين عليه السلام انتهت هنا، في حال ان الجميع يعرف ان الحسين علیه السلام جاهد واستشهد وقدم أولاده واصحابه وعائلته شهداء.
وقال ان علماء السلاطين يجبرون الشعوب على طاعة ولي الأمر حتى لو كان فاسدًا أو فاجرًا أو زانيًا، اما الفكر الحسيني فقد هدم کل هذه الأفکار ونادی بنصرة الحق مهما كان الثمن.
وأشار الدکتور محمد طاهر انه عندما كان يسمع في غزة نداءات: "أين العرب؟ أين المسلمون عنا؟ تعالوا أغيثونا"، كان يتذکر نداء الامام الحسين عليه السلام حيث نادی:"هل من ناصر ينصرنا".

طوفان الاقصی وثورة الامام الحسين عليه السلام
قال الدکتور محمد طاهر ان هناک من يرى أن عملية "طوفان الأقصى" كانت عملية انتحارية، دون الأخذ بالنظر ما يعيشه أهل غزة من معاناة ودمار وإبادة، فماذا يمکن ان يفعل شعب محاصر ومكتئب؟
وأضاف انه إذا ربطنا هذه العملية بثورة الإمام الحسين سلام الله عليه، سنجد من يقول ان الامام الحسين قام بعمل انتحاري لأنه خرج وهو يعلم أنه سيُقتل، لکن حاشا أن يکون کذلك، فيجب فهم الدوافع الكامنة وراء ذلك.
مؤامرة اسرائيلية کبيرة ضد طوفان الاقصی
وأکد الدکتور محمد طاهر ان الاحداث أثبتت وجود مؤامرة صهيونية ضد عملية طوفان الاقصی کان الهدف منها تشويه هذا الانتصار الفلسطيني، فقام الاحتلال بعملية عسکرية ضد جنوده ومراکزه العسکرية وقصف الاسرائيليين مع مقاتلي المقاومة لمنع أسر الجنود؛ ثم نشر أکاذيب عن قطع رؤوس 40 طفلاً اسرائيلياً واغتصاب النساء، ثم أثبتت الاحداث ان کل هذه، کانت مجرد أکاذيب، لتهيئة أجواء يمکن اتخاذها ذريعة لإبادة غزة، فخطتهم الاساسية کانت التوسع من النيل الی الفرات.
تخاذل الدول العربية مدعاة للعار
وبيّن الدکتور محمد طاهر ان تورط بعض الدول العربية بما يحدث في غزة، او التخاذل ازاءه، أو دفاع بعض هذه الدول عن الكيان الصهيوني مدعاة للعار.
وتابع قائلاً کيف يمکن الاکتفاء بمشاهدة ما يحدث من إبادة في غزة وفلسطين دون فعل أي شيئ، الأمة في وضعية عار كبير.
ورأی ان الشعوب العربية وانظمتهم في العار سواء، فـ"كما تكونوا يولى عليكم". وان الشعوب قبلت بالمذلة، فلماذا لايخطب خطباء الجمعة ويوقظون ضمائر العالم ووينادون بالجهاد في سبيل الله دفاعًا عن المظلوم. السبب هو انهم يخافون السجن، فلماذا هذا الخوف، فليسجنوا وليأت خطباء آخرون مکانهم ويرددون نفس النداء. لكننا نعيش حالة من الخوف، والشعوب تقول علينا الاکتفاء بالدعاء، فهل اکتفی الامام الحسين عليه السلام بالدعاء، ام انه قاوم وتحرک؟.
رسالة الامام الحسين حية في قلوب الشعوب المقاومة
وأثنی علی مواقف الشعوب المقاومة في لبنان واليمن، ثم أدان خطب الجمعة في العديد من الدول العربية التي حضرها معتبراً انها خطب مخدرة، وان خطباء الجمعة يفسدون الأمة.
وأشار الدکتور محمد طاهر الی مقاومة لبنان، واليمن والعراق وايران، ضد العدوان الصهيوني، مؤکداً انها أثبتت ان رسالة الامام الحسين حية في قلوبنا، فقد أعطت هذه الشعوب فكرة المقاومة مهما كان الثمن، ولذلك، قدمنا السيد الشهيد البطل السيد حسن نصر الله.

الدول المطبعة تقتل غزة وتمشي في جنازتها
وأکد الدکتور محمد طاهر ان العالم کله متخاذل، وانصار الامام الحسين (في ايران ولبنان واليمن) هم الوحيدون الذين نصروا أهل غزة.
وأضاف ان هناک دول عربية ترسل مساعدات لأهل غزة، لکن هذه الدول مطبعة مع الكيان الصهيوني ولديها اتفاقيات وتجارة معه. فهل يعقل ان تقتل القتيل وتمشي في جنازته؟ هذا ليس من الدين ولا من الإنسانية.
وأوضح ان أهل غزة أصبحوا أکثر انفتاحاً علی الفکر الحسيني بعد ما شاهدوا مقاومة أتباع الامام الحسين في نصرتهم وهذا ما تسبب في تقارب بين المذاهب وهذا ما نريده، فدماء المسلم محرمة مهما كانت طائفته ومن يکفر المسلمين، فهو العدو، ومن يطبع مع "إسرائيل" فهو الجاسوس.
وأفاد انه أصبح هناك تواصل بين قلوب السنة والشيعة، وهذا مدعاة للفخر؛ وقضية فلسطين قضية حق وباطل. وغزة الآن هي المقياس؛ إما أن تكون مع الحق وإما أن تكون مع الباطل. هذا الشيء صار واضحًا جدًا للشعوب.
العالم لم يتحرک ازاء المجاعة في غزة الا بعد ان شاهد هياکل الأطفال هزيلة
واعتبر الدکتور محمد طاهر ان ما يجري في غزة، كارثة حقيقية، موضحاً ان أثر التجويع لا يُری في الأبدان، الا بعد شهور، والعالم لم يتحرك إلا عندما رأى أجساد الأطفال وقد أصبحت هياكل عظمية. العالم تحرك بعدما رأی شعباً وصل الی أقصی حد من المعاناة، فتفاعل مع غزة، لأيام أو أسبوع ثم ترك الموضوع.
وأوضح الدکتور العائد من غزة، ان المعاناة في القطاع كارثية جدًا، فالأطفال يموتون جوعًا، والناس تتساقط في الشوارع من شدة الجوع، والأدوية معدومة. المريض يُنقل إلى المستشفى وهو جائع، والمسعف الذي ينقله أيضًا جائع، والطبيب في المستشفى يعاني من الجوع كذلك. وهذا كله يحدث تحت ظروف القصف والقتل والذبح والدماء. هذا عار، وأنا أتساءل: متى ستنتهي هذه المأساة؟ هل تنتظرون ان يسحق هذا الشعب بکامله؟
وانتقد الدکتور محمد طاهر تخاذل المفكرين والكتاب، مذکراً بحديث لرسول الله صلی الله عليه وآله وسلم شخّص فيه درجات الايمان، فقال إذا رأيتم منكرًا فغيروه بأيديكم، فإن لم تستطيعوا فبألسنتكم، فإن لم تستطيعوا فبقلوبكم، وذلك أضعف الإيمان". مؤکداً ان الجميع أصبح متوقفاً عند "أضعف الإيمان".
ما المطلوب من الشعوب العربية والاسلامية؟
وأکد ضرورة النهضة في الدول العربية قائلاً علينا النهوض! ومحاسبة كل متخاذل، سواء كانوا علماء، مفكرين، بشرًا، أو حكامًا. ونبذ فكرة اطاعة ولي الأمر حتى لو كان فاسقًا أو زانيًا.
وشدد علی ضرورة استبدال القيادات في الدول العربية والاسلامية، بقادة تمثل مشاعر الشعوب وتوجهاتها ونبذ الخوف والمذلة والعيش في وهن محبة الدنيا وكره الموت.

اسرائيل تهدد الدکتور العراقي العائد من غزة بالقتل
وفي نهاية حديث الدکتور محمد طاهر لقناة العالم، طلب مقدم البرنامج منه ان يوجه کلاماً لأهالي غزة، فقال بتأوه: "يا أهل غزة، يا أحبابي، والله أنتم في قلبي وفي روحي، وأنتم تعلمون هذا. حياتي كلها قدمتها لكم، لأني أرى فيكم أشرف الناس وأفضلهم. أنتم الأبطال الذين قدمتم كل شيء لنصرة كلمة "لا إله إلا الله محمد رسول الله".
وأضاف:"في الحقيقة، نحن مقصرون معكم، وأنا آسف لأنني لم أتمكن من العودة إلى غزة. منعني الاحتلال 3 مرات، وربما سمعتم أنهم هددوني بالقتل. لكنني فداء لكم، بروحي ومالي وعرضي ودمي".
وأکد ان قضية غزة هي قضية حق ضد الباطل. هي ليست قضية وطنية لكم فحسب، بل هي قضية أمة، قضية إنسانية، قضية إسلام، قضية لله. نحن لن ننساكم، ولن نستسلم، فإما ان ننتصر وأما ان نموت وسنبقى فداء لهذه القضية. وكما قال سيد الشهداء: "هيهات منا الذلة".