لم يعد الحديث عن أزمة المياه مجرد إنذار مبكر، بل أصبح واقعا يوميا يعيشه الناس.
الأنهار تتراجع والأراضي الخضراء تتحول الى تربة متشققة والمزارعون يهجرون حقولهم بعد أن عجزت عن الإنتاج.
وخلال 3 سنوات فقط، خسر العراق نصف مساحة زراعية فيما تراجع مخزون المياه الى أدنى مستوى له منذ 8 عقود، فهل السبب يعود الى سياسات دول الجوار أم أن التغير المناخي؟ وكيف وصلت بلاد الرافدين الى هذه المرحلة الحرجة؟
العراق الذي عرف تاريخيا ببلاد ما بين النهرين يعتمد على نهري الدجلة والفرات وهما ينبعان من جبال تركيا ويمران بمسافات طويلة يشكلان إحدى أقدم الحضارات في العالم، غير أن الوضع بدأ يتغير منذ أواسط القرن الماضي مع إطلاق تركيا مشروع غاب بالعملاق وهو شبكة ضخمة من السدود على الدجلة والفرات، ما قلص كميات المياه المتدفقة إلى العراق.
وقال النائب البرلماني محمد حسن الشمري:
الجانب التركي حريص جدا على المياه أما نحن مع الأسف نحتاج إلى تحرك حكومي باتجاهين، اتجاه للتأكيد على جعل حصة ثابتة للعراق، بالإضافة الى طريقة الخزن الصحيحة.
الجغرافيا منحت أنقرة السيطرة على 90% من مياه الفرات و40% من مياه دجلة وهما المصدران اللذان يزودان العراق بنحو 98% من موارده السطحية.
ومنذ سبعينيات القرن الماضي شرعت تركيا في تنفيذ مشروع غاب الذي يتضمن إنشاء 22 سدا لتوليد الكهرباء ونتيجة لذلك انخفضت كميات المياه المتدفقة نحو العراق بنسبة وصلت الى 80 بالمائة.
في ظل مشهد معقد بين عوامل خارجية وضغوط داخلية لا يبدو حلا سهلا لأزمة المياه ولكن يبقى السؤال هل يستطيع العراق تحويل هذه الأزمة الى فرصة لإعادة سياساته المائية وموارده أم سيكون العطش عنوان المرحلة القادمة؟