شيفرة:

عامان على طوفان الأقصى وتكتيكات المقاومة ومنظومة متبر وصمود غزة

الأربعاء ٠٨ أكتوبر ٢٠٢٥
١٢:٢١ بتوقيت غرينتش
ركز برنامج "شيفرة" في حلقته الأخيرة عند الذكرى الثانية لمعركة"طوفان الأقصى"، مستعرضًا أبرز تطورات المشهد الفلسطيني خلال عامين من المواجهة المفتوحة، وما رافقها من تكتيكات ميدانية للمقاومة الفلسطينية، وصمود لافت في غزة.

بعد مرور عامين، لم تطوى بعد صفحة الحرب التي هزّت المنطقة وأعادت تعريف معادلات الأمن والردع. وبينما لا يزال الداخل الإسرائيلي يعيش صدمةً مفتوحة وأسئلة مؤجلة حول الأمن والهوية، ويواصل الفلسطينيون معركتهم الممتدة منذ عقود، منذ أن اجتاحت العصابات الصهيونية أرض فلسطين قبل النكبة، في مشهد تاريخي يتجدد اليوم داخل غزة التي قلبت المعادلة وحاصرت خصمها سياسيًا ومعنويًا، رافعةً راية الصمود لا الاستسلام، فيما يواصل العالم رفع علم فلسطين في ميادين التضامن والمظاهرات.

الملف الأول: الحرب على غزة تدخل عامها الثالث

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أن حصيلة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى بلغت 76,339 شهيدًا، إضافة إلى أكثر من 169 ألف جريح. كما أودت سياسات التجويع والحصار بحياة 460 فلسطينيًا بينهم 54 طفلًا، في وقت يعيش فيه أكثر من 2.4 مليون فلسطيني أوضاعًا إنسانية مأساوية داخل منطقة تُقدّر نسبة الدمار فيها بـ 90%، وتخضع بنسبة 80% لسيطرة الاحتلال.

وأظهرت الإحصاءات أن جيش الاحتلال ألقى ما يقارب 200 ألف طن من المتفجرات على القطاع خلال عامين، ما أدى إلى تدمير شامل للأراضي الزراعية، والبنى التحتية، والمدارس، والمستشفيات، ومراكز الإيواء. كما طالت الغارات 200 موقع أثري بحسب وزارة الآثار الفلسطينية، في حين تجاوزت الخسائر الاقتصادية المباشرة 70 مليار دولار.

من أبرز نتائج «طوفان الأقصى» بعد عامين من انطلاقها، اتساع العزلة الدولية لإسرائيل وانكشاف صورتها أمام الرأي العام العالمي رغم محاولات التلميع الإعلامي الغربي.

وشكّلت منصات التواصل الاجتماعي ساحة مواجهة موازية، حيث لعبت دورًا مؤثرًا في كشف جرائم الاحتلال ونقل الرواية الفلسطينية إلى العالم. فقد شهدت الساحة الثقافية والفنية العالمية مواقف تضامنية لافتة، من فنانين ومغنين ومؤثرين أعربوا عن رفضهم للعدوان الإسرائيلي، ما عزّز زخم الحراك التضامني الشعبي والدولي مع فلسطين.

في المقابل، لجأ الكيان الإسرائيلي إلى حملات رقمية مكثفة، أنفق خلالها نحو 50 مليون دولار خلال 6 أشهر، في محاولة لتحسين صورته على الإنترنت والتأثير في الرأي العام العالمي بعد الانتقادات الواسعة التي طالته جراء المجازر والدمار في غزة.

وتشير تقارير إلى أن من نتائج الحرب أيضًا تزايد معدلات الهجرة العكسية بين المستوطنين من الأراضي المحتلة، في انعكاس مباشر لحالة الارتباك الأمني والاجتماعي التي يعيشها الكيان بعد المعركة.

الملف الثاني: تكتيكات المقاومة الفلسطينية خلال عامين من الحصار والقتال

على الرغم من الحصار المفروض على غزة منذ أكثر من عشرين عامًا، تمكنت فصائل المقاومة الفلسطينية من مواجهة أحد أقوى جيوش العالم بوسائل وإمكانات محدودة. وخلال عامين من طوفان الأقصى، أظهرت المقاومة قدرة ميدانية عالية في إدارة المعركة وتطوير تكتيكاتها القتالية.

وأشاد الخبير العسكري الفريق الركن عبد الكريم خلف، في حديث لقناة العالم، بأداء المقاومة، مؤكدًا أن وجود قادة كبار أمثال الشهيدين القائدين محمد الضيف ويحيى السنوار كان له أثر كبير في تطوير الأداء العسكري وتنظيم الصفوف. وقال إن السنوار، بعد خروجه من سجون الاحتلال، عمل بشكل استثنائي مع الضيف لتحويل قطاع غزة إلى ميدان عمل عسكري متكامل.

وأوضح خلف أن الاحتلال، بفعل تفوقه الجوي، ركّز منذ عقود على استهداف القيادات الفلسطينية بدءًا من الشيخ أحمد ياسين وقادة آخرين. ومع ذلك، تمكنت المقاومة من بناء منظومة أنفاق معقدة تضم مخازن للأسلحة ومصانع وممرات تنقل وتوزيع على امتداد المحافظات الخمس والمخيمات من بيت لاهيا وجباليا إلى رفح، ما حوّل القطاع إلى شبكة دفاعية وهجومية متكاملة.

وأشار إلى أن البنية الميدانية للمقاومة جعلت المقاتلين قادرين على تنفيذ عملياتهم من مواقعهم دون الحاجة للتنقل المكشوف، مع وجود تسلسل قيادي دقيق يضمن استمرارية العمل حتى في حال فقدان القادة. وقال: "حتى لو بقي 10 مقاتلين من ألف، فإن القيادة الميدانية تظل قائمة وفق تسلسل محدد مسبقًا".

وأكد خلف أن الذخائر والعبوات والأسلحة الخفيفة خُزنت في الأنفاق، واستخدمت بعقلانية عالية، بحيث لا تُطلق رصاصة أو تستخدم عبوة إلا نحو هدف محدد ومؤكد. ولفت إلى أن بعض العمليات الميدانية، مثل تفجير الدبابات بواسطة عبوات «شواظ»، جسّدت مستوى استثنائيًا من الجرأة والانضباط والدقة في التنفيذ، حتى وُصفت بأنها من أكثر العمليات تعقيدًا منذ الحرب العالمية الأولى.

وقال الخبير الاستراتجي عبد الكريم خلف أن الخبراء العسكريون أجمعوا على أن حرب المدن والشوارع هي من أعقد أنواع القتال. وفي غزة، حولت المقاومة طبيعة الجغرافيا إلى عنصر تفوق ميداني، حيث استخدم المقاتلون السلاح المناسب في المكان المناسب، ونجحوا في استنزاف قوات الاحتلال داخل مناطق مأهولة ومحصنة، رغم التفوق التقني والتسليحي الإسرائيلي.

الملف الثالث: القدرات العسكرية: منظومة الدفاع الجوي متبر 1


أكد الخبير الأمني والاستراتيجي، الفريق الركن عبدالكريم خلف، أن الدفاع الجوي الفلسطيني، خاصة منظومة متبر-1 حققت نجاحاً کبيراً في اسقاط المسيرات الاسرائيلي وإلغاء مهام الطائرات السمتية في سماء غزة.

في حديث لبرنامج شيفرة علی شاشة قناة العالم، أوضح الفريق خلف أن الطائرات المروحية كانت أكثر إضرارًا من الطائرات المسيرة نظرًا لصغر مساحة غزة، مشيرًا إلى قدرة هذه الطائرات على العمل كمرصد ثابت في الجو. أشار أيضًا إلى أن كتائب القسام قامت بتطوير منظومة دفاع جوي تتألف من خمسة أجزاء، تستطيع تركيبها خلال حوالي خمس دقائق، مما يعكس الجاهزية والتقنية المتقدمة لهذه المنظومة. وتتراوح مدى هذه المنظومة بين 500 متر وعشرة كيلومترات، وتتطلب دقة عالية في تحديد الهدف.

وأشار إلى أن أُسلحة مساندة أخرى يمكن أن تكون متوافرة مع هذه المنظومة، مما يعزز فعالية الدفاع الجوي، خاصة تجاه طائرات السمتيات البطيئة الحركة.

وفي إشارة إلى التأثير النفسي، أكد الفريق خلف أن هذه المنظومة قد أثرت سلبًا على حركة الطائرات الإسرائيلية، حيث أصبحت هناك قيود على تحركاتها داخل مدينة غزة، وهذا ما منع المستيات من تنفيذ مهام کنقل الجرحی والقتلی بحرية تامة، وأصبحت أمثال هذه العمليات خطرة في غزة.

كما لفت الانتباه إلى الجهود الكبيرة التي يبذلها المهندسون الفلسطينيون في غزة لتطوير الأسلحة، باستخدام وسائل بسيطة ومتواضعة، مما يعكس إبداعهم وإصرارهم على تقديم تقنيات جديدة رغم التحديات الكبيرة.

وأشار إلى أن استمرار حركة حماس في المقاومة رغم الظروف الصعبة يعود إلى الجهود المتواصلة لهؤلاء المهندسين والجنود الذين يساهمون في كل ما يتعلق بالإنتاج الحربي، مشددًا على أن المقاومة الفلسطينية لا تزال متماسكة وقادرة على مواجهة التحديات بأي ثمن.

الملف الرابع: صمود غزة

غزة، هي مدينة تتميز بتاريخ عريق، وشعب صمد على مدار التاريخ، تُعتبر من أهم المدن الفلسطينية وأقدمها في العالم.

وتتميز غزة، بموقع جغرافي استراتيجي، فهي تقع عند ملتقى قارتي آسيا وأفريقيا. أسسها الكنعانيون في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وهم من الشعوب السامية. هناك مؤرخ فلسطيني يُدعى عارف العارف قال إن تاريخ المدينة يعود إلى عام 3750 قبل الميلاد، حيث كانت تلك المرة الأولى التي ذُكرت فيها هذه المدينة خلال عهد الفراعنة.

تسميتها لها أسباب عديدة، ولكن الأقرب والأكثر قوة هو أنها تعود إلى القوة والمنعة. وبالفعل، تعرضت هذه المدينة لكثير من النماذج في تاريخها وتعرضت للتدمير عدة مرات، بداية من عصر الفراعنة إلى عصر الاغريق والرومان والبيزنطيين، وصولًا إلى الاحتلال العثماني، حتى وصلت إلى الانتداب البريطاني. وكانت هذه المرحلة مفصلية في التاريخ الحديث الفلسطيني، حيث قاموا بتسليمها إلى العصابات الصهيونية، ودارت معارك كبيرة بين أهل المدينة وبين تلك العصابات الصهيونية.

تُعرضت المدينة للتدمير بشكل كبير عدة مرات في عصور احتلالات مختلفة، وفي التاريخ الحديث دُمرت على يد الصهاينة الإسرائيليين في عدة حروب: في حرب 2008، و2012، و2014، وكذلك في 2023. وكان الهدف هو استهداف صمود هذه المدينة، الذي حير الجميع. في أسفار العهد القديم ورد ذكر Gaza تحديدًا في الإصحاح الأول من سفر عاموس، حيث أُكدت أنها من أمهات المدن الفلسطينية التي وقفت سدًّا منيعًا في وجه المحتلين وأبت الخضوع لحکمهم. وكانت الحرب سجالًا بين الطرفين، وهذا ما ذكره سفر عاموس في تأكيدٍ من كتبهم عن الأقدمية في الوجود في هذه المدينة، فعلى المحتل أن يقرأ التاريخ.

غزة، شريط ضيق في المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني وهي أرض زراعية تحتوي على مياه عذبة، تعتبر مصدر رزق لكل من أتى من النصف الآخر من صحراء مصر. وتعد الأرض الزراعية في غزة مكانًا جيدًا للاستقرار لكل من يريد التوجه إلى تلك المنطقة، لذا كانت المدينة نقطة مرور القوافل في العالم القديم.

كل من أراد أن يذهب من اليمن وحضرموت إلى الشمال أو إلى الشام، كان يمر عبر هذه المنطقة، مما جعلها محطة تجارية مهمة جدًا. اكتسبت موقعها الجغرافي وأهمية عسكرية، لأنها كانت صلة الوصل بين مصر والشام، وكانت السيطرة على غزة تعني السيطرة على طرق الحرب أو التجارة بين آسيا وأفريقيا.

كما أن الأراضي الخصبة تعتبر مصدر رزق لكل الجيوش التي تريد الاستقرار في هذه المناطق والاستيلاء على الطرق التجارية. لذلك، كان يعتبر هذا مكسبًا كبيرًا لهم.

تعد هذه المنطقة ذات أهمية كبيرة في تاريخ العالم الإسلامي، حيث كان يتواجد فيها الجد الثاني للرسول صلى الله عليه وسلم، وسُميت بنسبته إلى غزة هاشم. لذا نجد أن قطاع غزة منذ العصور هو محل أطماع للجميع، سواء الاحتلال الإنجليزي أو سابقه الاحتلال العثماني، كان دائمًا يحسب حساب هذه المنطقة.

بفضل طوفان الأقصى، أصبح العالم كله يعرف غزة، حيث تحولت المعركة من معركة الجيوش إلى معركة الإدراك. يعرف الآخرون ماذا يجري في غزة رغم بُعد المسافة واختلاف المشتركات سواء أكانت دينية أم عرقية.

لكن كل من يعرف أن هناك إنسانًا يُخلق في منطقة معينة، يواجه أشرس الجيوش والعنف، يُدرك كيف يدعم الفلسطينيين اليوم في مواجهة هذا الجيش المدعوم من الولايات المتحدة وكل دول الغرب. الإرادة والحق هما ما يعتمدان عليهما، فالتضحيات التي تُبذل في سبيل الوطن تجعل الشعب الفلسطيني مثابرًا.

تقول بعض التصريحات إن إسرائيل تخرج من الهجوم الذي جرى في 7 أكتوبر كقوة إقليمية مهيمنة، ولكن هذا الاعتقاد هو مجرد وهم، حيث يعتقدون أنهم انتصروا فقط لأنهم يقتلون المدنيين.

ولكن حركة حماس جعلت الاحتلال، معزولاً سياسيًا بشكل متزايد، مما يعرضه لخطر فقدان الدعم الغربي طويل الأمد، الذي قد يكون حيويًا لبقائه.

التفاصيل في سياق الفيديو المرفق...

0% ...

آخرالاخبار

إنطلاق المرحلة 2 من مناورات القوات البحرية لحرس الثورة الإسلامية


منتخب إيران للتايكواندو یحصد ذهبيتين في بطولة العالم للشباب


اتفاق غزة بين الاعتداءات الإسرائيلية وخطة ترامب


بعد هلاك 'أبو شباب'.. داخلية غزة تدعو المرتبطين بالاحتلال للاستسلام


الرئيس الروسي.. سنواصل 'دون انقطاع' تصدير الوقود للهند


متحدث الفيفا يرحب بحضور ممثلي إيران في حفل قرعة كأس العالم


فنزويلا تواجه عزلة جوية بعد وقف شركات طيران رحلاتها إليها


منصّات التواصل تغلي.. تعيين"كرم" يفجّر عاصفة جدل على المنصّات اللبنانية!


مسؤول أممي يدعو للضغط على كيان الإحتلال لإنهاء خروقاته


بيان لرئاسة العراق حول إدراج حزب الله وأنصار الله على قائمة الإرهاب