مناورات ومفاوضات.. اعتداءات بالجملة في كل الاتجاهات.. في المقلب الآخر تدار الاستعدادات وتوضع الخطط.. فلا سلام ولا التسليم ولا انهزام... طرف يراكم خسائره لا تعد ولا تحصى في السلة.. وطرف ليس لديه ما يخسره أو يكسره..
الميدان ميزان الحق والحقيقة.. ويعرفه جيدا أصحاب الأرض الذين يرددون دوما إن عدتم عدنا.
أهلا بكم في حلقة اليوم من الشيفرة:
الملف الأول: الهجرة العكسية الإسرائيلية
وجهت عملية طوفان الأقصى ضربة قوية لوجه الكيان الصهيوني على عدة مستويات أمنية وعسكرية، ما انعكست على المجتمع الإسرائيلي حيث غادرت أعداد ليست بقليلة من المستوطنين الأراضي المحتلة وفق الإعلام الإسرائيلي.
ووفق مؤسسة سي آر ماركتينغ، يفكر نحو 40 بالمائة من الإسرائيليين بالمغادرة الى الخارج، وكذلك وفق تقرير للكنيست أكثر من مليون إسرائيلي لا يفكرون بالعودة الى الأراضي المحتلة.
وفي دراسة وصفها الإعلام العبري، سلطت صحيفة معاريف العبرية على الهجرة العكسية حيث قالت تشهد إسرائيل موجة متسارعة منها وخاصة بين فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 الى 29، فئة تعتبر هي الأكثر تأثيرا من الناحية الاقتصادية والعسكرية، ما أثار قلق الكثيرين في الداخل الإسرائيلي حيال مستقبل الكيان.
بدوره وصف رئيس لجنة الهجرة في الكنيست الإسرائيلي جلعاد كاريت، الظاهرة ب"تسونامي الهجرة" محذرا من أن تشكل تهديدا استراتيجيا للكيان.
ووجه الداخل الإسرائيلي أصابع الاتهام حول مسألة الهجرة العكسية نحو رئيس حكومته بنيامين نتنياهو نتيجة سياساته خلال الأعوام الأخيرة وكذلك غياب خطة حكومية لوقف هذا النزيف بالمجتمع.
من جهته، كشف مركز الأبحاث في الكنيست أن تسونامي الهجرة ازدادت بعد الحرب على غزة وعملية طوفان الأقصى، هجرة أعلن مركز الإحصاء الإسرائيلي أنها بلغت 33 بالمائة أي حوالي 83 ألف إسرائيلي ما اعتبرها قفزة كبيرة في نسبة الظاهرة.
وفي هذا السياق، كشف المؤرخ الإسرائيلي إيلان بيبر عن رقم كبير حيث يشير الى أن عدد المغادرين يصل لـ700 ألف مستوطن وليس أقل.
***********************************
الملف الثاني: رادار صيني يجعل مسيرات الشبح الأمريكية في مهب الريح
الشبح الأمريكي لم يعد شبحا بعد اليوم.. ولم يعد قادرا على التحليق في الجو بثقة بعد أن غيرت الصين كل خرائط القوة من خلال رادار جديد يتصيد المسيرات الشبحية الأمريكية، حيث يقوم بتضخيم الإشارات لـ 6 آلاف مرة أكثر، ما يعتبر منافسا قويا للطائرات الشبحية.
وتخشى الولايات المتحدة وصول هذه التقنية المتطورة الى حلفاء الصين بما فيها إيران، فالمسيرات الشبحية تلعب دورا كبيرا في المواجهات العسكرية حيث تقوم برصد المعلومات وإرسال الصور، فظهور رادار يفشل وظائف المسيرات من شأنه تغيير موازين القوى.
وحول تفاصيل الرادار الصيني، كشف الخبير العسكري والاستراتيجي لقناة العالم الفرق الركن عبد الكريم خلف في حديث مباشر أن هذا الرادار يمتاز بتقنية جديدة حيث طريقة عمل الرادار الشبح تقوم على امتصاص البصمة الرادارية عادة فالرادارات تطلق إشارات تصطدم جسم الطائرة وتعود الى موقع الرادار ومن ثم تتم تغذية الصاروخ ثم تذهب وهذا ما يسمى بالدفاع الجوي القفل وتقفل الهدف الذي يصبح ميتا.
وأوضح أن الجديد في الرادار هو تقنية الفوتون التي تستخدمها الصين فالبصمة الرادارية منخفضة وشبة معدومة. والفوتونات التي تصصطدم جسم الهدف يعود جزء منها الى المصدر ويتم توضيح الصورة كاملة.
وأضاف أن الفوتونات المستخدمة في الرادار بالغة الحساسية وقوية بحيث تستطيع التقاط صورة حبة رمل في الجو ما يجعله يرصد الطائرات الشبحية عن طريق مجموعة كبيرة من هذه الفوتونات باستخدام رادار كمي منخفض الطاقة.
وأشار الى عمل العلماء الصينيين سابقا على الرادرات ثلاثية الأبعاد أو رباعية الأبعاد تقوم بضخ حزمة كبيرة من الترددات وكانت هي تؤثر على طائرات الشبح ورصدها، مضيفا أن الصين قامت بتطوير وتحديث التقنية المستخدمة في الرادار وإنتاجه بكميات كبيرة ما يعني أن طائرات الشبح ستعد ضمن الآليات العسكرية الاعتيادية وغير الخارقة.
ونوه الخبير العسكري الفريق عبد الكريم خلف أنه قد يتم تزويد الطائرات الشبحية بأسلحة مضادة للدفاع الجوي الى حين اكتشاف أجهزة وآليات تبطل رادرات الفوتون.
وحول تأثير هذه الرادارات على المواجهات الإيرانية، تطرق الفريق الركن خلف إلى القدرات العسكرية الإيرانية قائلا إن الجميع يعترفون بالأسلحة الإيرانية وإمكانياتها مشيرا الى وجود درونات شبح الإيرانية وصناعتها المحلية التي جاءت نتيجة الحصار والعقوبات، ناهيك أن إيران قادرة على التوصل للتقنيات العسكرية المختلفة خاصة وأن لدى البلدين الصين وإيران علاقات قوية واستراتيجية.
وحول تأثير هذا الرادار في تسريع التصعيد العسكري بين الولايات المتحدة والصين، أكد الخبير الاستراتيجي على عدم حدوث التصعيد العسكري بين البلدين بل يؤدي الى إبطائه، معتبرا السبب في أن طائرات الشبح تعتبر العمود الفقري للولايات المتحدة كما تعتبر أسلحة استراتيجية لقواتها الجوية.
وتابع أن صنع أسلحة مضادة للرادار الصيني يتطلب المزيد من الوقت ما يدل على عدم احتمال مواجهة عسكرية بين البلدين.
******************
الملف الثالث: القمر الصناعي نور 3
يعتبر القمر الصناعي نور 3، قمراً استراتيجياً، عسکرياً، ايراني الصنع، حقق قفزة معلوماتية واستخباراتية للقوات الايرانية.
أكد الخبير الأمني والاستراتيجي الفريق الركن عبد الكريم خلف، أن القمر الصناعي الايراني"نور 3" يمثل تطوراً نوعياً مقارنة بالقمر "نور 2"، حيث يزيده بـ 7 كيلوغرامات من المعدات الإضافية، إذ يبلغ وزن المعدات في "نور 2" نحو 25 كيلوغراماً، بينما يحمل "نور 3" ما يصل إلى 32 كيلوغراماً. وأشار إلى أن دقة التعامل مع المعلومات في "نور 3" قد ارتفعت بنسبة 2.5 مرة مقارنة بسابقه.
وأوضح خلف أن القمر يعمل في المدارات المنخفضة التي تتراوح بين 200 كيلومتر خارج الغلاف الجوي وحتى 2000 كيلومتر، وقد تم اختيار مدار بارتفاع 450 كيلومتراً، بحيث يتمكن القمر من مسح الكرة الأرضية بالكامل خلال فترة 90 دقيقة، أي أنه يحدث المعلومات باستمرار كل ساعة ونصف. ويستخدم القمر في التقاط الإشارات وبث الصور، فضلاً عن مهام استخباراتية مثل رصد المواقع العسكرية وإرسال صور ميدانية لها، بالإضافة إلى تحديد المواقع التي تستهدفها إيران.
وبيّن أن المدار المنخفض هو أولى فئات المدارات، يليه المدار المتوسط الذي يُستخدم لخدمات مثل الـ"جي بي إس" (GPS) لتحديد الأهداف الأرضية، أما المدار الثابت الذي يبلغ ارتفاعه نحو 36 ألف كيلومتر فيُخصص للاتصالات والبث التلفزيوني والخدمات التقنية المشابهة.
الفريق الركن خلف شدد على أن "نور 3" شكّل صدمة في الشرق الأوسط، إذ أصبحت إيران الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك تقنية تطوير الأقمار الصناعية الاستخباراتية البحتة، القادرة على التعامل مع الإشارات ووسائل الاتصالات المخصصة لخدمة الأغراض العسكرية، من خلال إنتاج صور حديثة للأهداف وتحديد مواقعها بدقة عالية.
وأضاف أن هذا القمر يعد خطوة استراتيجية كبيرة لتعزيز المعلومات التي لا يمكن للجيش الإيراني أو الحرس الثوري الحصول عليها بالطرق التقليدية، خاصة المعلومات المتعلقة بالأهداف ذات الأهمية العسكرية. وضرب مثالاً بما حصل في عملية "الوعد الصادق 3"، حيث تم استهداف اماکن وأهداف لم تكن حتى حلفاء إسرائيل على علم بها، وهو ما يعكس الأهمية الفائقة لهذا النوع من الأقمار الصناعية.
وأشار خلف إلى أن "نور 3" مخصص لمهام المعلومات والرصد والمراقبة، بالإضافة إلى التقاط الإشارات سواء كانت راديوية أو اتصالات تخدم الاستخبارات والمعلومات العسكرية. وأوضح أن المعلومات الاستخباراتية نوعان: تلك التي تأتي من مصادر بشرية وتتطلب التدقيق، والمعلومات التي تقدمها الأقمار الصناعية والتي لا تحتاج لمراجعة، كونها تأتي مباشرة عبر الصور والإشارات وتصل فوراً لغرف العمليات، حيث يتم تحويلها إلى أهداف عسكرية قابلة للتنفيذ.
الفريق الركن اعتبر أن القمر الصناعي يمثل قفزة كبيرة في سلم تطوير وتوسيع قاعدة المعلومات لدى الحرس الثوري والجيش الإيراني، وخاصة لدى قوات الصواريخ والطائرات المسيرة، مشيراً إلى أن التحديث المستمر كل 90 دقيقة يعني أن خلال 8 ساعات هناك سلسلة من المعلومات الجديدة وأي تغييرات ميدانية في نطاق عمل القمر يتم رصدها وبثها بشكل فوري.
وأكد أن المعلومات التي يمكن أن يحصل عليها أي جيش أو جهاز استخبارات حول العالم قد تتطلب أسابيع أو شهوراً أو حتى سنوات للوصول إليها بالطرق التقليدية، وقد تكون تلك المعلومات ناقصة أو مشوشة، فتتحول إلى ألغاز استخباراتية يصعب حلها. لكن الأقمار الصناعية، وعلى رأسها "نور 3"، توفر الحقائق المحدثة كل 90 دقيقة، ما يتيح تنفيذ ضربات دقيقة وتقييم نتائجها مباشرة بعد التنفيذ، وهو أمر بالغ الأهمية في الحروب، لأن الجميع يسعى لمعرفة تأثير الضربة وما بعدها، وهذا ما يوفره القمر بفضل قدرته على المسح الشامل للكرة الأرضية.
*******************************
الملف الرابع: مارك 84؛ القنبلة الغبية التي قتلت عشرات الألاف في غزة
القنابل الأمريكية الصنع من نوع مارك 84 (Mark 84) لم تكن يوماً بحاجة إلى تسليط الضوء عليها، فهي كانت بالفعل محور الاهتمام العالمي في ظل الحرب الهمجية على قطاع غزة، نظراً لما تسببت به من دمار واسع وقتل جماعي غير مسبوق.
هذه القنابل كانت الأكثر حضوراً في ساحات القتال، والأكثر تدميراً وإزهاقاً للأرواح خلال العدوان الأخير على أهل غزة، حيث ارتبط ذكرها بالمجازر المروعة والمشاهد الدامية التي هزت العالم.
ويُذكر من بين تلك المآسي المجزرة التي وقعت في مستشفى المعمداني، والتي راح ضحيتها نحو 500 شهيد فلسطيني، واتهم حينها الاحتلال الإسرائيلي حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية بالمسؤولية عنها. إلا أن الحقائق لاحقاً قلبت الرواية رأساً على عقب؛ إذ تبين عبر الإعلام الإسرائيلي نفسه، من خلال القناة الثانية العبرية، إضافة إلى تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أن من نفّذ عملية القصف لم يكن طياراً إسرائيلياً، بل ضابطاً أمريكياً في سلاح الجو الأمريكي، استخدم قنبلة من طراز "مارك 84" من طائرته لتنفيذ الضربة القاتلة، وهو ما يكشف حجم التورط الأمريكي المباشر في عمليات الاستهداف داخل قطاع غزة.
القنبلة "مارك 84" تُعرف أيضاً باسم "القنبلة المطرقة"، نظراً لقدرتها التدميرية الهائلة، ولأنها تحتوي على مادة شديدة الانفجار تُعرف باسم HMX، وهي من المواد التي تُحدث ضغطاً يفوق العادة وتسبب أضراراً بشرية جسيمة حتى على مسافات بعيدة من نقطة التفجير. فقد وثّق الخبراء حالات لأشخاص على بعد مئات الأمتار من موقع الانفجار تمزقت رئاتهم بفعل موجة الضغط الناتجة عنه، وهو دليل صادم على قوة وتأثير هذه القنبلة.
وتملك هذه القنبلة قدرة كارثية على تسوية الأبنية بالكامل بالأرض، حيث يخلّف انفجارها حفرة بعمق 11 متراً وعرض 20 متراً، مما يجعل استخدامها في مناطق مأهولة كارثة إنسانية بكل المقاييس. وتشير البيانات إلى أن مئات القنابل من هذا النوع استخدمت في غزة ما بين عامي 2023 و2025، وأن نصفها على الأقل كان من نوع "مارك 84"، الأمر الذي فسّر حجم الدمار الشامل في القطاع خلال تلك الفترة.
كما كشف التقرير أن نحو 1800 قنبلة "مارك 84" كانت موجودة في المستودعات الأمريكية قبل أن يُفرج عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قرر إرسالها إلى إسرائيل بعد أن كان هناك قرار سابق في إدارة جو بايدن بحظر تصدير هذا النوع من القنابل الثقيلة لإسرائيل، بسبب وزنها الهائل الذي يبلغ 2000 رطل، وخطورتها البالغة على المدنيين. لكن ترامب ألغى قرار الحظر وأذن بتصديرها، لتُستخدم لاحقاً في العدوان الأخير على غزة، مخلفة وراءها آلاف القتلى ومشاهد مأساوية من الدمار الجماعي.
تاريخياً، تم تصنيع قنبلة "مارك 84" بعد الحرب العالمية الثانية، ودخلت الخدمة الفعلية في الجيش الأمريكي عام 1970، واستخدمها في حرب فيتنام، ثم في حرب الخليج الثانية ضد العراق، مما جعلها إحدى القنابل الأكثر فعالية في ترسانة سلاح الجو الأمريكي. وعلى الرغم من امتلاك كيان الاحتلال الإسرائيلي لتقنيات تصنيع هذه القنبلة، إلا أنه يستورد 70% منها مباشرة من الولايات المتحدة، في دلالة على الارتباط الوثيق بين جيشه والسلاح الأمريكي في تنفيذ عملياته العسكرية.
ويؤكد الخبراء العسكريون أن "مارك 84" تُعد من أثقل القنابل في الترسانة الأمريكية، وعند انفجارها تُحدث موجة ضغط تفوق سرعة الصوت، تجعلها قادرة على تدمير المباني بالكامل، إضافة إلى تمزيق الرئتين والأطراف وقتل جميع من يقع في دائرة شعاع انفجارها الذي يمتد إلى نحو 300 متر من موقع السقوط.
ورغم قدرتها التدميرية العالية، إلا أن القنبلة تصنف ضمن ما يُعرف بـ "القنابل الغبية" أو غير الموجهة، لأنها لا تعتمد على تحديد هدف دقيق قبل الإسقاط، بل تسقط بشكل عشوائي، مما يجعل استخدامها في مناطق مكتظة بالسكان انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني. فإسقاط مثل هذه القنبلة في بيئة مأهولة يعد دليلاً دامغاً على القتل الممنهج للفلسطينيين، وقد استطاع كيان الاحتلال من خلال استخدامها أن يقتل آلاف الفلسطينيين ويُحدث دماراً هائلاً في البنى التحتية والمنازل والمستشفيات، ضمن أسلوب حرب يُوصف من قبل الخبراء بأنه إبادة جماعية بأسلحة ثقيلة محرّمة إنسانياً.
المزيد من التفاصيل في سياق الفيديو المرفق...