ولماذا يحاول الكيان في هذه الاثناء اشعال الضفة الغربية؟ ولماذا هناك تحركات مكوكية للمسؤولين الامريكيين داخل الكيان الاسرائيلي؟ ما الذي يجري؟ أليس هناك اتفاق هدنة؟ ولماذا يحاول الاسرائيلي تجديد إشعال الجبهة اللبنانية؟ اذن هذا الكيان يعيش على الدماء ولن يقوم أبدا بعملية سلام كاملة، وهذا هو أصل الحكاية لمستمرة والتي يجب مواجهتها خطوة بخطوة.
ملفات عديدة بحثتها هذه الحلقة من برنامج شيفرة؛ ففي الملف الاول تم تسليط الضوء على المشهد بين غزة والضفة، هذا المشهد الذي يحاول الاسرائيلي على الاقل فصله سياسيا لمنع إقامة دولة فلسطينية أمام الاعترافات والمطالبات الدولية المتزايدة من اجل إقامة هذه الدولة، وكذلك مناقشة ما جرى مؤخرا في الكنيست الاسرائيلي ومحاولة ضم الضفة.
في الملف الثاني تمت مناقشة المشهد بين غزة والضفة ولكن من الناحية العسكرية ومن الناحية الميدانية وكذلك على موضوع المقاومة وسلاحها.
وفي الملف ثالث تم مناقشة القدرات العسكرية لمحور المقاومة، وتسليط الضوء على المدمرة الايرانية "زاغروس"، هذه المدمرة التي وصفت بأنها عين البحرية الايرانية، وحملت إسم زاغروس وهو أحد أبرز وأهم جبال ايران وفيه أعلى قمة في البلاد ومعنى الاسم هو العاصف أو ذو العواصف.
في ملف "رصد" تمت مناقشة نظام "أولر" والحرب الرقمية التي لطالما استخدمها العدو الصهيوني في حرب الابادة في غزة.. نظام "اولر" هو نظام من ضمن أنظمة عديدة تستخدم الذكاء الاصطناعي وكيف طوع الصور الجوية المتخذة من الاقمار الصناعية وحولها لخرائط رقمية على الارض. وتم تسليط الضوء أيضا في هذا الملف على شركة "اسيا تكنولوجيا" التي طورت هذا النظام.
المشهد بين غزة والضفة
هناك ترابط بالتأكيد بين غزة والضفة الغربية، لأن هناك إتفاق لوقف اطلاق النار في قطاع غزة لكن نجد أن هناك قرار لضم الضفة الغربية صدر من الكنيست بالقراءة التمهيدية ولا تزال هناك قراءتين أخريين.
عموما نجد ان هناك "حج" لتل ابيب من قبل المسؤولين الامريكيين لمحاولة ضبط الايقاع الاسرائيلي لأنهم يريدون الكيان الاسرائيلي أن يدخل الى المرحلة الثانية من إتفاق غزة ويبدو أن هناك مؤشرات في الداخل الاسرائيلي وصلت للولايات المتحدة بأن نتنياهو او الكيان الاسرائيلي يرغب فقط في المرحلة الاولى لأنها مسألة الأسرى الاسرائيليين اللاحياء او الاموات في غزة كانت تسبب صداعا لنتنياهو.
لكن صحيفة "بوليتيكو" الامريكية تقول أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب يشعر بالإحباط مما يجري في الكيان الاسرائيلي من عدم تنفيذ الإتفاق من قبل الكيان رغم الدعم الاميركي لكل المواقف الاسرائيلية، وحتى ان الامريكي ينتقد حماس رغم أنه أيضا في نفس الوقت يقول إن حماس ملتزمة بمسألة إخراج الجثث وتسليمها في الوقت المتفق، لكن هناك تعثر بسبب عدم وجود آليات وصعوبة في العثور على هذه الجثث، لكن في نفس الوقت لا ينتقد الاسرائيلي على خروقاته المتكررة.
لكن عموما هذا القلق الامريكي لأنه يعلم أن الاسرائيليين لا يريدون المرحلة الثانية بل يريدون الاكتفاء بالمرحلة الاولى، وخصوصا أن هناك عاما إنتخابيا في الكيان الاسرائيلي واليمين المتطرف في الكيان يريد إجماع القاعدة الشعبية بأن الاحتلال لايزال في قطاع غزة وسيقوم بتهجير الغزاوييين واحتلال القطاع وأكثر من 53% من قطاع غزة ما زال تحت سيطرة الجيش الاسرائيلي. اذن هناك نوع من التملص من الالتزامات.
على الصعيد الآخر نجد أن الكنيست الاسرائيلي يقر بضم الضفة الغربية في القراءة التمهيدية.. ترامب وعدد من المسؤولين الاميركيين قالوا إن هذا الامر محبط للغاية، حتى جي دي فانس نائب ترامب وصفها بأنها حيلة غبية، لكن المعروف أن هذا الغضب الامريكي ليس لأنهم مخالفين لموضوع ضم الضفة ولكنهم يخالفون الامر من ناحية التوقيت، فهم يريدون إنجاح اتفاق غزة وضم دول عربية واسلامية لاتفاق التطبيع مع الكيان الاسرائيلي.
لا شك أنه لا يمكن فصل غزة عن الضفة، وفيما كانت الانظار كانت متوجهة نحو الحرب في غزة كانت هناك حرب من نوع آخر تجري في الضفة ولا تقل خطورة وهي حرب الاستيطان، وعلى الأقل الهدف السياسي الاسرائيلي هو محاولة ايجاد فصل سياسي بين الضفة وغزة من اجل عدم ايجاد دولة فلسطينية وضرب هذا المشروع الفلسطيني وضرب كذلك المقاومة والسلاح الفلسطيني، ولذلك شاهدنا هذه الاندفاعة في الكنيست والتسارع من أجل هذا القانون الذي تم التصويت عليه من أجل ضم الضفة الغربية، وهذا الموضوع الذي جرى مؤخرا فاقم حدة العلاقة الامريكية الاسرائيلية، فترامب صرح بعد هذا القانون بأنه لن يسمح مطلقا بضم الضفة ومن ثم نتنياهو حاول تدارك الموضوع وقال ان ما جرى هو محاولة استفزاز ومحاولة لاحداث فتنة سياسية.
هناك من يقول ان ما يجري هو لعبة سياسية من نتنياهو وانه زج وزراءه في هذه اللعبة من أجل الدفع بهذا الاتجاه وهذا التوجه في الكنيست والتصويت على القرار.. وهناك من يقول انها محاولة لاحراج نتنياهو وحكومته امام ترامب.
بغض النظر ما هي الحقيقة بين هذين السيناريوهين، ولكن في حقيقة الأمر بالمحصلة نتنياهو أمر بتجميد قرارات ضم الضفة الغربية بعد تهديد من ترامب بأنه سيوقف الدعم الامريكي للكيان الاسرائيلي إن سار في مسار ضم الضفة.
لا شك أن نتنياهو يملك ورقة قوية من ناحية أنه يستطيع حل الكنيست والذهاب باتجاه انتخابات مبكرة، لانه وفق استطلاعات رأي أجريت مؤخرا فإن نتنياهو يملك أغلبية في الكنيست بالنسبة للمقاعد لذلك هو يستطيع تحقيق تفوق في هذا الاطار، ولكن ملحقات الصحف العبرية سلطت الضوء خلال الساعات الماضية على موضوع العلاقات الامريكية الاسرائيلية التي توترت للمرة الأولى بهذا الشكل، وكذلك نقلت القناة 12 العبرية عن مسؤول امريكي ان ادارة ترامب تعتقد ان نتنياهو قد يعمل على إنهيار إتفاق غزة وأنه ان نجح في ذلك فإنه ستتم معاقبته.
صحيفة "هاآرتس" العبرية قالت إن الامريكيين اوضحوا بشكل حاد انهم لن يتسامحوا مع أية مفاجآت إسرائيلية قد تقوض هذا الاتفاق.
إذن المشهد بين الضفة وغزة لا يمكن فصله عن بعضه نهائيا، ويُقرأ ما جرى من تصويت في الكنيست بأنه محاولة من نتنياهو من أجل تخريب هذا الاتفاق وعرقلة ما يجري الآن في غزة.
إذا كان نتنياهو ادعى ان هذه القراءة التمهيدية تم تأييدها من قبل الكنيست بسبب المعارضين له، لكن من وافق عليها هم اعضاء من حزب الليكود، وأيضا من اقترح هذا القانون هم اعضاء من الليكود، وهذا يشير الى أن نتنياهو متواطئ في هذه المسألة، ولكنه لن يسمح له كثيرا بتخريب الاتفاق لا سيما أن ترامب قال إنه وعد الدول العربية بعدم ضم الضفة الغربية.
قراءة الميدان الفلسطيني
ضيف البرنامج الخبير العسكري في قناة العالم الفريق الركن عبد الكريم خلف قال: قبل عملية طوفان الاقصى كان الكيان الاسرائيلي قد فرض نوعا من الجغرافيا على القدس وعزل الضفة الغربية عن غزة وأيضا أوجد وضعا سياسيا يدعم فكرة التقسيم الجغرافية.
وأضاف الفريق خلف: وبعد طوفان الاقصى أصبح الامر خطيرا، فكان الاوروبيون والامريكان يتحدثون دائما عن أن الضفة الغربية والعرب داخل الكيان يشكلون خطرا كبيرا اذا تم استفزازهم بعمل كبير من قبل المستوطنين ومن قبل الشرطة ومن قبل بعض وزراء الكيان المتطرفين أمثال سموتريتش وبن غفير.
وتابع: لهذا فإن ترامب عندما دخل بهذه الصفقة في غزة، فإن الصفقة هي لم تأت من أفكار أمريكية فقط، هو استطلع وجهات نظر واجرى مشاورات عديدة مع دول المنطقة التي كانت تنظر الى غزة بأنها تخضع لجماعة "الاخوان المسلمين، أي أن مصر والأردن والسعودية والامارات جميعها متفقة على أن حماس تشكل تهديدا لهم.
وأردف خلف: ولهذا فإن ترامب عندما اتخذ هذه الخطوة كان هناك ضغط شديد على حماس وعلى فصائل المقاومة، ولهذا شهدنا أن المفاوضات استمرت بحدود ثلاثة الى اربعة ايام مع قادة الفصائل حصل تعديل على خطة ترامب، والتعديل حساس للغاية، وخاصة في قضايا نزع السلاح والمرحلة الثانية التي تبدي خطواتها عبر تفعيل بعض الآليات من دخول قوات عربية وأجنبية بإداره مركز تنسيق مشترك تم تعيين السفير الامريكي في اليمن هذا اليوم لإدارته.
وقال: تم جلب 200 جندي اميركي الى قطاع غزة وهم غير قادرين على القيام بمهمة مراقبة شاملة للقطاع بسبب ظروف التعقيدات الميدانية ولهذا يستخدمون الطائرات المسيرة حتى تعوض عن انتشار الجنود في مناطق محددة على محيط غزة وعينوا سفيرا مدنيا عنده خلفية عسكرية وعمل في اليمن وفي افغانستان وفي العراق ولديه خبرة في هذا المجال مع وجود ممثلين من الدول التي ستشارك في هذا المجال وبدأت الطائرات المسيرة من فجر اليوم مهامها لمراقبة الاتفاق وهذا احراج كبير جدا لنتنياهو لأنه لا يستطيع التملص من الالتزامات التي فرضت عليه من الادارة الامريكية وان يقوم بعمل ما لخرق الاتفاق، لكن نتنياهو سيستمر بالعمل على ذلك وهو بارع في المناورة ان كانت سياسية أو عسكرية وسيجد ذرائع، وهو يريد جعل قطاع غزة مثل جنوب لبنان.
وتابع الفريق خلف: الآن لا يمكن أن نقول إن الكيان الاسرائيلي اتخذ خطوات جادة بالانسحاب من غزة، ونحو 53% من القطاع تحت سيطرته، وهذا الأمر ممكن أن يؤدي الى حدوث إحتكاكات او إحتكاكات مفترضة يرسمها الشاباك او غيره بتوجيه من نتنياهو لإعادة الامور الى مربع آخر.
وأضاف: الآن لديهم 13 جثة يريدون الحصول عليها، وهم يقولون ان هناك 10 جثث جاهزة للتسليم ولكن حماس تتأخر في ذلك، والحقيقة أمر آخر، هذا العذر هو واحد من الأعذار الجاهزة لغرض القيام بعمل ما لتخريب الاتفاق، وسنسمع أيضا أعذار جديدة اخرى اذا ما أنهت حماس قضية الجثث وسلمتهم للكيان، مع العلم أن الادارة الامريكية والامم المتحدة اعطت الذرائع الحقيقية للتأخير في قضية استخراج هذه الجثث.
لماذا لم تتحرش 'اسرائيل' بقطع بحرية ايرانية مرت بسواحلها؟
في فقرة "القدرات العسکرية لمحور المقاومة" تطرق برنامج شيفرة الی مدمرة متطورة تمتلكها القوة البحرية الايرانية، مجهزة بتقنيات دفاعية وهجومية قادرة علی اعتراض المسيرات وصد أي عملية اغتيال معادية.
وأوضح الخبير الأمني والاستراتيجي، الفريق الركن عبدالكریم خلف، ان المدمرة، تقع في المنتصف بين أصغر الأسلحة البحرية (الكورفيت) والفرقاطة، ويأتي بعدها الطراد (الأكبر من المدمرة)، ثم حاملة الطائرات.
وأشار إلى أن المدمرات في الدول الأخرى تُستخدم لمرافقة السفن الحربية الكبيرة أو حاملات الطائرات ولأغراض دفاعية لحماية الهدف.
وأكد أن اللافت أن إيران صنعت مدمرة "زاغروس" بإضافات استُخدمت لأغراض دفاعية وهجومية في آن واحد، ما يعتبر تطوراً جديداً شمل حمل طائرات سمتية على متنها؛ موضحاً أن استخدام الطائرات السمتية علی السفن هو من أصعب الأمور العسكرية، ويتطلب تدريباً عالي المستوى (أكثر من 30 فقرة تدريب) للطيار ليصبح مؤهلاً لقيادتها على متن المدمرة، خاصة بسبب الحركة غير المتماسكة للسفينة والميلان وحركة البحر والظروف الجوية.
وبيّن أن مدمرة زاغروس لديها قدرة هجومية على عكس تصميم المدمرات للدفاع فقط؛ فالطرادات قد تطارد الأهداف في عمق البحار، لكن أن تمتلك مدمرة قابلية دفاعية وهجومية إضافة إلى منظومة الاستخبارات والمستشعرات والحرب الإلكترونية وجمع المعلومات عن السفن في العمق والسطح في الاتجاهين، فهذا تطور.
وعن تقنيات مدمرة زاغروس في مجال الأمن السيبراني، ومكافحة الحرب الإلكترونية، والمراقبة الذكية، أكد خلف انها تمتلك وسائل اتصالات معقدة جدًا يمكنها تمييز السفن والأهداف البحرية على السطح وفي العمق، وبإمكانها مقاطعة الإشارات اللاسلكية المشفّرة التي تستخدمها الأهداف البحرية، واستنتاج معلومات استخباراتية عبر اختراق منظومات الاتصالات المحيطة والأهداف المتحركة والثابتة التي يستخدمها الجانب المعادي، وتحويلها إلى أهداف جاهزة لغرف العمليات عند الضرورة.
ورداً على سؤال حول دورها في حرب الاغتيالات التي يشنها العدو الإسرائيلي، أكد الفريق خلف أن مدمرة زاغروس تستطيع إسقاط المسيرات ولديها دفاع جوي وقابلية لاختراق الاتصالات والتعاون مع الإشارات الرادارية، معتبراً إياها منظومة استخبارات تقنية متكاملة تستطيع اعتراض الموجات الرادارية وشبكات الاتصالات البحرية، وتقوم بالتفاهم مع الأهداف البعيدة والقريبة، وأن هذه الميزة مشتركة بين الدفاع والهجوم.
وأعرب الفريق عن اعتقاده الشخصي بأن هذه المدمرة قد تتحول مستقبلاً إلى طراد بإضافة إمكانيات أخرى، والطراد عمله هجومي ويستطيع الدفاع عن نفسه ضد كل التهديدات البحرية.
وأكد الفريق أن وجود مدمرة زاغروس يجعل الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة يحسبان الحسابات قبل أي خطوة، مشيراً إلى أن الأسطول الإيراني كبير جدًا ويضم أكثر من 300 قطعة بحرية وزوارق سريعة تحمل صواريخ، وهذه القطع قامت بـ"3 سفرات بجانب السواحل الإسرائيلية" ولم تتعرض لأي تحرش من الجانب الاسرائيلي، خاصة قرب ميناء اللاذقية، موضحاً ان سبب ذلك يعود للقدرات الهجومية، وتستطيع الدفاع عن نفسها، وتستطيع إغراق هذه الأهداف بسهولة بوجود إسناد بحري بعيد وإسناد غير اعتيادي من الصواريخ البالستية وغيرها، وهناك غرف عمليات تتابع حركتها وتقدم الإسناد.
كيف تفوقت حماس علی أحدث تقنية اسرائيلية للتجسس؟
في فقرة "رصد"، سلط برنامج شيفرة الضوء علی نظام أولر، الذي استخدمه كيان الاحتلال الاسرائيلي في عدوانه علی قطاع غزة.
نظام "أولر" (Oler) هو نظام إسرائيلي تم تصنيعه عبر إحدى الشركات الإسرائيلية المتخصصة في التكنولوجيا الإسرائيلية، ويقوم بتحويل الخرائط الرقمية والصور الجوية للمناطق الجغرافية إلى خرائط رقمية ثلاثية الأبعاد باستخدام الذكاء الاصطناعي، وهذه الخرائط تكون محدثة باستمرار.
النظام طورته شركة إسرائيلية تُدعى "آسيا تكنولوجيات"، وهي شركة تأسست عام 2003 في الكيان الإسرائيلي. وتعتبر "آسيا تكنولوجيات" شركة متخصصة في تطوير حلول تكتيكية للدفاع والأمن تجمع بين المعطيات الميدانية والتكنولوجيا، ويقال أن مدراء هذه الشركة هم ضباط سابقون في وحدات النخبة في جيش الاحتلال وهم من يقومون بإدارة هذه الشركة التكنولوجية ويقدمون الخدمة لجيش الاحتلال.
ظهر تطبيق "أولر" للعلن لأول مرة في عام 2020، وفي عام 2023، اعتُمد هذا النظام كأداة أساسية في يد جنود الاحتلال. يعمل النظام على تحويل الصور الجوية إلى خرائط رقمية يستخدمها جنود الاحتلال في قطاع غزة، وهذه الخرائط مطورة ومحدثة باستمرار نتيجة لوضع الميدان، ويوفر التطبيق هذه الميزة لجنود الاحتلال عبر هواتف محمولة مدعومة ببيانات من الأقمار الصناعية والمسيرات. يعتمد النظام على الذكاء الاصطناعي والصور ويحولهما إلى صور رقمية يمكن استخدامها عبر الهواتف؛ لا يحتاج إلى GPS ويمكن استخدامه عبر شبكات لاسلكية مشفرة مع إمكانية العمل بدون اتصال. ويستخدم النظام كاميرات ليلية ونهارية ويقوم بتحليل الصور بالذكاء الاصطناعي وينشئ نماذج ثلاثية الأبعاد مع مقارنة التغيرات مثل انهيار المباني أو الجسور ويتم تحديثه باستمرار.
نشرت صحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية الإسرائيلية تقريراً لافتاً يفيد بأن حماس تمكنت من تعطيل هذه الميزة في المعركة في غزة ومنعت جيش الاحتلال من استخدام هذه الخرائط الرقمية، وذلك بعد أن وقع حوالي 100 جهاز من هذه الأجهزة في يد حماس في الحرب الأخيرة.
وأقر جيش الاحتلال بأن حماس تمكنت من الحصول على معلومات وأنها تمكنت من بعض الاختراقات في نظام الرصد الجوي وفي نظام "أولر"، ولذلك لم تصل المعلومات أو لم يتم ربط نظام الرصد الجوي بنظام أولر ولم يتم ربط جنود الاحتلال على الأرض مع القيادة العسكرية لها.
ومن عيوب النظام أنه يتم تحديثه أكثر من مرة ويسبب تشويشاً في الصورة بسبب صعوبة استمرار الغارات المتوالية والسريعة في قطاع غزة، مما يصعب عمل الأقمار الصناعية من أخذ صور جديدة وتحديثها. والضوضاء البصرية أحد التحديات التي تواجه هذا النظام بسبب النقص في المعلومات، والدخان المتناثر بعد الغارات يسبب تشويشاً وقد يفسر تفوق فصائل المقاومة على من يستخدمون النظام على الأرض.
بالرغم من أن النظام يعزز الصناعة العسكرية السيبرانية الإسرائيلية، إلا أنه يواجه تحديات أهمها المقاطعة التي فُرضت على الكيان الإسرائيلي بسبب استمرار الإبادة في قطاع غزة والجرائم الحربية المرتكبة، مما أدى إلى تحديات في دخوله الأسواق الأوروبية.
نظام "أولر" هو ضمن عدة أنظمة تم مقاطعتها من قبل الدول الأوروبية من بعد حرب الإبادة، وتراجع سوق التكنولوجيا الإسرائيلية وخسائر هذا القطاع كانت دليلاً على أنه رغم كل التفوق العسكري والاستخباراتي والإعلامي للعدو الإسرائيلي، يبقى تفوق مهم جداً تغلبت فيه حماس رغم الحصار والإبادة وكل ما جرى في القطاع، وهو التفوق بالانتماء والعقيدة والحق وأنهم أبناء الحق أبناء الأرض، وسيُتوقع أن يكون النصر حليف أبناء هذه الأرض وينتهي هذا الاعتداء قريباً.