يتحرك الحضور الإيراني في المنطقة كأنه خيط دقيق بين هويات سياسية صلبة ورؤية استراتيجية ترى العالم من نافذة المقاومة.
في القراءة القريبة تبدو طهران لاعبا مركزيا في معادلة الصراع مع الكيان الإسرائيلي والحضور لا يمارس بوصفه وصاية بل كشراكة مع قوى محلية تمسك بقرارها وتستمد شرعيتها من بيئتها.
حركات المقاومة ليست جيوشا بالوكالة بل كيانات سياسية واجتماعية نشأت من تربة محلية قبل أي ارتباط خارجي.
تجربة حزب الله على سبيل المثال أثبتت أن قوى المقاومة تولد من مجتمعها قبل أن تتعزز بحليفها وهو ما يتكرر بأشكال مختلفة في فلسطين واليمن والعراق.
ورغم اختلاف السياقات تشترك هذه الحركات في قاعدة واحدة القرار النهائي ينبع من مصالحها النهائية فيما يتقاطع مسارها مع إيران في العداء للاحتلال رفض الهيمنة الأمريكية.
من منظور إيراني الاحتضان للمقاومة ليس شعارا خطابيا ولا أداة مساومة بل جزء من عقيدة سياسية وامتداد لفلسفة الثورة الإسلامية ومسؤولية تجاه الشعوب المستضعفة.
لهذا بقي الموقف الإيراني ثابتا دعم فلسطين ليس ورقة تسحب أو تقدم بل عنصر بنيوي في رؤيتها الإقليمية.
وفي هذا الإطار، أكد المحلل والباحث السياسي بيار أبي صعب أن إيران لا تدعم حركات المقاومة في المنطقة من باب المصالح أو التوسع الإقليمي، بل باعتبارها جزءًا من عقيدة الثورة الإسلامية وموقفها تجاه المظلومين والشعوب العربية والفلسطينية.
وأشار إلى أن الدعم الإيراني لحركات المقاومة، يأتي ضمن إطار الدفاع عن حقوق الشعوب المستضعفة، وليس انتهاكًا للسيادة الوطنية، مؤكدًا أن إيران لم تتدخل مباشرة في شؤون الدول العربية كما تفعل قوى أخرى مثل الولايات المتحدة والسعودية.
وأوضح أبي صعب أن الانتقادات الموجهة لإيران غالبًا ما تأتي من دول تسعى لتبرير مصالحها، متهمًا الإعلام الغربي وبعض الأنظمة العربية بتصوير إيران كتهديد استراتيجي بينما هي، وفق وصفه، "الدولة الوحيدة التي تتحمل تكلفة دعم المقاومة على حساب حصار اقتصادي وضغوط دولية".
وأضاف أن العلاقة بين إيران ودول مثل تركيا ومصر والسعودية تخضع لمعادلات معقدة، مشيرًا إلى أن التقارب مع بعض هذه الدول ممكن لكنه يواجه قيودًا نتيجة النفوذ الأمريكي والحسابات الإقليمية. كما أشار إلى أن إيران قادرة على الاستمرار في دعم حركات المقاومة رغم العقوبات والحصار، معتبرًا أن موقفها ليس تكتيكيًا بل جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد.
وعن احتمالات الحرب على إيران، اعتبر أبي صعب أن كل السيناريوهات واردة نظريًا، لكن "الوقائع تشير إلى أن قوى بما فيها الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي، تحاول تجنب مواجهة مباشرة، كما ظهر خلال اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في غزة".
وقال إن إيران تظل ملتزمة بدعم حركات التحرر والمقاومة في المنطقة، معتبرة ذلك جزء من واجبها تجاه قضايا الشعوب العربية والإسلامية، ورفضت أن تتحول هذه السياسات إلى مجرد لعبة مصالح قصيرة المدى.
للمزيد إليكم الفيديو المرفق...