بانيتا لنتنياهو: "قد لا تنجو إسرائيل من الصحوة العربية

بانيتا لنتنياهو:
الثلاثاء ١١ أكتوبر ٢٠١١ - ٠٦:٥٧ بتوقيت غرينتش

عقب ثلاثة أسابيع من تسمية الرئيس أوباما "ليون بانيتا" المدير التاسع عشر لوكالة الاستخبارات المركزية (سي.آي.أي) في شهر كانون الثاني/ يناير عام 2009، وبعد بدء دوامه في هذه الوظيفة في 12 شباط/ فبراير 2009، وقّع بانيتا في شهر آذار/ مارس من العام نفسه تقريرا رسميا للوكالة بأنه قد أكمل وكالته الجديدة للتّو. وتجدر الإشارة إلى أن "ليون بانيتا" هو وزير الحرب الأميركي حاليا.

وكما نشر آنذاك، فإن تقرير (سي.آي.أي) توقع زوال إسرائيل في غضون عشرين عاما إذا ما استمرت الاتجاهات السياسية الحاضرة على حالها. وقد خلص المحلّلون الاستخباراتيون في الوكالة إلى أنه لم يكن من المحتمل أن تقدم إسرائيل أدنى حد من التنازلات بهدف التوصل إلى تسوية مع جيرانها الذين يزدادون أملا باستعادة الكرامة والعدالة.

 وقد أشار التقرير إلى أن المسؤولين الإسرائيليين تجرأوا على أخذ أرض فلسطين نتيجة الدعم الكبير الذي تلقته إسرائيل من قادة كل من مصر، وتونس، والسعودية، والبحرين، والأردن، وقادة ثلاث دول عربية أخرى.

 ولكن سرعان ما سحقت إسرائيل وجماعتاها الأميركيتان، أي الكونغرس الأميركي واللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة (أيباك)، سحقوا تقرير العام 2009 بحيث لم يتبقّ منه سوى سبع نسخات وجدت فيما بعد، واحدة من هذه النسخ موجودة لدى (أيباك) أما البقية فتقتصر على موظفين من لجان الكونغرس الأساسية الداعمة لإسرائيل.

 وفي اجتماعات عقدت خلال الأسبوع الفائت مع مسؤولين إسرائيليين علم الطرفان أن دراسة (سي.آي.أي) في 2009 كانت ظاهرة ومركزية حتى لو لم يكن "بانيتا" أول المشيرين إليها.

 وقد أرسل الرئيس أوباما طلبا إلى "بانيتا" لبدء مناقشات واضحة تتضمن استياء البيت الأبيض من تحقير "نتنياهو" المتكرر للرئيس على مدى ثمانية عشر شهرا مضوا، فضلا عن التهديدات الإسرائيلية بقطع المساعدة اليهودية لحملة إعادة انتخاب أوباما عام 2012.

 أما "بانيتا" فقد ألقى بيانات عامة سمحت لنتنياهو بتقديم أفضل تفسير للسياسة الإسرائيلية خلال هذه اللقاءات، فضلا عن شكر وزير الحرب الأميركي "لمساعدته في تحسين العلاقات الأميركية الإسرائيلية".

 وخلال مؤتمر صحفي مع نظيره الإسرائيلي إيهود باراك، كرّر "بانيتا" بعض التعميمات المحددة. وقال إنه: "خلال هذه الأوقات المأساوية التي تعصف بالشرق الأوسط، وحيث أنه قد حصل عدد من التغيرات، فإن تزايد الانعزال الإسرائيلي لن يجعلها في حالة جيدة".

 وأضاف: "لا يخطر على بالي الكثير من الأسئلة حول إمكانية محافظتهم على ذلك الحد (العسكري). ولكن السؤال الذي يجب أن تفكروا فيه هو: هل تكفي المحافظة على الحد العسكري وأنتم تعزلون أنفسكم على الساحة الدبلوماسية؟ فخلال هذه الأوقات المأساوية التي تعصف بالشرق الأوسط، وكنتيجة للتغيرات الكثيرة الحاصلة، فإن تزايد الانعزال الإسرائيلي لن يجعلها في حالة جيدة".

 وبحسب مصادر أميركية، كان الجو مختلفا تماما في الجلسات الخاصة. وقيل إن "بانيتا" أوضح أن إسرائيل كانت تفقد الوقت سريعا بالنسبة للتغيرات الأخيرة الحاصلة في دول الشرق الأوسط، أي الثورة العربية والصحوة الإسلامية. وكان خيارها الوحيد هو إما السلام مع الفلسطينيين والدول المجاورة وإما الفناء.

 وخلال أحاديث صريحة وحادة في بعض الأحيان، أخبر "بانيتا" الإسرائيليين بأن الوقت أوشك على النهاية بالنسبة لحلّ الدولتين، أي نهاية زمن إسرائيل الصهيونية كما حصل لسياسة التمييز العنصري جنوب أفريقيا عقب عهد الرئيس الأميركي "ريغان". إن أيام الدعم الأميركي لإسرائيل باتت قليلة.

 وأخبر "بانيتا" الإسرائيليين أن التركيز على عدم قدرة الولايات المتحدة على الاستمرار في تمويل إسرائيل بأكثر من 6 مليار دولار سنويا وقدرتها على الاستمرار في ضمان الحد النوعي العسكري الإسرائيلي يبدو مؤكدا بالنظر إلى المشاكل الأميركية الداخلية وعملية فك الارتباط الأميركي من المنطقة كليا أو جزئيا.

 وفي ما يتعلق بالعجز الأميركي وتزايد المعارضة لدعم الحد الإسرائيلي العسكري النوعي، نذكر قانون خط النقل البحري غير المؤذي والصادر عام 2008 حيث جاء به الكونغرس قبيل شهر من انتخابات عام 2008 الرئاسية عبر أحد أفراد اللوبي المندفعين في دعمهم لإسرائيل وهو النائب "هوارد برمان".

 ويقيّد هذا القانون كلّ رئيس أميركي من خلال إجباره على ضمان حفاظ إسرائيل على سيطرتها العسكرية في الشرق الأوسط.

 وتم وضع هذا القانون ليضمن أن سيطرة إسرائيل على المنطقة  مكفولة قانونيا عبر "الحد العسكري النوعي" الإسرائيلي.

 وعلى الحكومة الأميركية أن تضمن أن "بيع أو تصدير وسائل الدفاع والخدمات الدفاعية لن ينعكس على الحد الإسرائيلي العسكري النوعي بوجه أي تهديد عسكري ضد إسرائيل".

 ويعني مصطلح "الحد العسكري النوعي" القدرة على مواجهة وهزم أي تهديد عسكري تقليدي محتمل من قبل أي دولة منفردة، أو أي إئتلاف محتمل بين الدول، أو أي طرف لا يرتبط بالدولة، إلى جانب تحمّل أدنى حد من الأضرار والضحايا وذلك عبر استخدام وسائل عسكرية متفوقة ومتوفرة بكميات كافية بما في ذلك الأسلحة، والقيادة، والتحكم، والاتصالات، والاستخبارات، والمراقبة، والقدرات الاستطلاعية التي تتميز بخصائص تقنية متفوقة على تلك المتوفرة لدى أي دولة منفردة، أو أي إئتلاف محتمل بين الدول، أو أي طرف لا يرتبط بالدولة.

 كما ورد أن "بانيتا" قد ذكّر إيهود باراك خلال تلك المناقشات الحادة بين وزيري الحرب هذين، ذكّره بكلمات أحد الجنرالات المصريين عام 1973 كما صرّح آنذاك "نيكسون" الذي اعتلى سدّة الرئاسة فيما بعد.

 وبحسب "نيكسون"، فإن مسؤولا إسرائيليا سأل جنرالا مصريا يمتثل إلى الشفاء في أحد المستشفيات، فقال له: "لقد هزمناكم أنتم العرب ثلاث مرات، عام 1948 و1967 و 1973، فلماذا تستمرون في مقاومتنا؟". فأجاب المصري: "يمكن أن تكونوا قد هزمتمونا ثلاث مرات، ويمكن أيضا أن تهزمونا إحدى عشر مرة، ولكننا سننتصر في المرة الثانية عشر وستتحرر فلسطين".

 وتتضمن الإشارات التي رآها "بانيتا" وسلفه وزير الحرب السابق "روبرت غيتس"، والتي لا يمكن التغاضي عنها، تتضمن ما يفوق عشر ثورات في المنطقة تشترك في هدف يزيد على بقية أهدافها وهو إعادة فلسطين إلى سكانها الشرعيين.

 ويطالب المصريون بموقف مصري مشرف بين العرب وذلك عبر المساعدة في قيادة قضية تحرير فلسطين، وقد شهدنا ذلك من خلال نواياهم في إخراج السفارة الإسرائيلية، والتخلص من اتفاقية "كامب ديفيد"، وإبطال الاتفاقيات المعقودة من دون قيد أو شرط، بما في ذلك منح الغاز الطبيعي المصري إلى إسرائيل كمعونة من الشعب المصري والتي كان يقوم بها أفراد عائلة مبارك كجزء من أعمالهم مع المسؤولين الإسرائيليين.

 ويعرف "بانيتا" وعدد متزايد من المسؤولين الأميركيين، فضلا عن الرأي العام الأميركي، جميعهم يعرف أن الجني قد خرج من فانوسه وأن العرب والمسلمين وجميع أصحاب النوايا الحسنة سيستمرون في مواجهتهم المتصلبة بوجه بقاء المشروع الاستعماري منذ القرن التاسع عشر، والذي يمثل الزرع الصهيوني المصنّع وغير الشرعي على أرض فلسطين.

*كتب: د. فرنكلين لامب- ترجمة: زينب عبدالله -المنار