اميركا الإرهابية في قفص الإدانة

اميركا الإرهابية في قفص الإدانة
السبت ٠٥ نوفمبر ٢٠١١ - ٠٩:٤٨ بتوقيت غرينتش

في مجال السياسة كما المجالات الاخرى، قد نحتاج احيانا الى امثلة قليلة او كثيرة لتقريب ما ليس في حاجة الى برهان. فالثابت ان الاستراتيجية الاميركية تجاه الجمهورية الاسلامية الايرانية، هي مصداق واضح للفصام المزمن بين طرف مستكبر يدعي ربوبية هذا العالم ، و لايتورع عن اللجوء الى اقذر الممارسات والفبركات السياسية والدعائية والعسكرية لفرض سطوته على امم الارض.

  وطرف آخر يتبنى بصدق رسالة السماء ويؤمن بربوبية الاله الواحد الاحد القادر على كل شيء، ويعتنق قيم التسامح والخير والمحبة، ويسعى لتوطيد العلاقات الانسانية البينية، ويرفض لغة البغي والعدوان والاحتلال، ويجاهد في سبيل ارساء الامن والسلام والطمأنينة بين بني البشر كافة.

فإذا سلمنا سلفا بان السلوكيات والممارسات الاميركية ضد طهران، نابعة من اخطر مراتع الكيد واللؤم والغدر، جراء الهزائم والاخفاقات المريرة التي منيت بها واشنطن في مواجهة صلابة مواقف الجمهورية الاسلامية، وتعاظم مكانتها داخليا واقليميا ودوليا، ودورها المؤثر والمباشر في تقويض جميع المشاريع والمؤامرات الاستكبارية الغربية والصهيونية في الشرق الاوسط، فإن من الطبيعي ان تعمد حكومة الولايات المتحدة وحليفاتها الاوروبية الى تفجير قماقم اكاذيبها و افتراءاتها واطلاق شياطينها ومرتزقتها هنا وهناك للنيل من ايران وتبشيع هيبتها امام الجيران والرأي العام العربي و العالمي.

انها اذن قصة العناد والغطرسة والاستكبار، وهي قصة لن  تنتهي و لن يتخلص المجتمع الانساني منها ما دام الصراع  قائما  بين الخير واتباعه والشر واعوانه. وفي ظل مثل هذا الواقع الملغوم  ، يبدو انه ليس امام ايران ومن يشاطرها حب الخير والتعايش السلمي ، خيار سوى مقاومة الشيطان الاكبر وحيله ومؤامراته ، وتحذير الآخرين سيما من تشترك معهم بقواسم العقيدة والجغرافيا والمصير المشترك، من مغبة الوقوع في شراكهاالجهنمية.

في هذا المضمار يحذر كبار المسؤولين الايرانيين الادارة الاميركية ومؤسساتها  من  سياسة الاستفزاز و التصعيد غير المبررة ، نظرا لعواقبها الوخيمة التي لن تمر بسهولة، اذا ما ايقنا ان العالم الاسلامي ما فتيء يعيش اليوم عنفوان الثورات الشعبية والصحوة الاسلامية، وهي معطيات لاتصب حاليا في مصلحة النظام الرأسمالي الغربي وزعمائه السلطويين.

  فالناهبون الدوليون يتوهمون كثيرا إن هم ظنوا أن تدخلاتهم العسكرية والحربية عبر حلف الناتو في ليبيا ومن قبل بافغانستان والعراق واليمن وباكستان، قد وفرت لهم اجواء و فرصا " جوهرية " لإخافة  طهران ودمشق والقوى المؤمنة المقاومة في فلسطين ولبنان.

ان الوقائع على الارض تخالف التصورات والرؤى الاميركية والاوروبية تماما، اذ تؤكد النتائج الاستراتيجية ان الفشل الذريع كان حليف الغزاة والمحتلين، والدليل على ذلك ان المجاهدين الليبيين ابناء الشهيد عمر المختار، مجمعون اليوم على ان تكون دولتهم القادمة دولة اسلامية تحتكم الى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وفي هذا رسالة واضحة الى الغرب المتصهين، تفيد بان كل مساعيهم قد ذهبت ادراج الرياح، هذا عدا ما سيظهره المستقبل في هذا البلد من تصد وطني جبار بوجه مخططات نهب ثرواته وخيراته التي سال من اجلها لعاب تجار الحروب واباطرة الاحتكارات البترولية الذين تكالبوا على ليبيا وهم يحسبون ان تقسيم الغنيمة بعد اعدام العقيد معمر ، لن يكون اكثر من نزهة.

يمكن التأكيد ، وهو كلام لامبالغة فيه ابدا ، ان اللعبة الاميركية - الصهيونية  قد انتهت بالخيبة والخسران، فقد اتضح  للعالم اجمع أن الرابح الاكبر لم يكن سوى الامة الاسلامية  ، التي آن لها ان تجني حصاد تضحيات ابنائها البررة في ليبيا و فلسطين وايران ولبنان والعراق وافغانستان واليمن والبحرين والاردن والسعودية وكل بقعة طالتها ايدي الغزاة الطامعين وعصابات المافيا الدولية ، وعبثت بها جرائم قادة البيت الابيض  واوروبا واسرائيل والانظمة المتواطئة مع الاستكبار العالمي.

ازاء ذلك ليس مستغربا ان تجنح القوى الغربية لاساليبها الوضيعة القديمة الحديثة باستفزاز مشاعر اكثر من مليار و 500 مليون مسلم عبر نشر او اعادة طبع  رسوم وصور كاريكاتورية مسيئة للاسلام وخاتم الانبياء و الرسل المصطفى محمد(عليه  وعلى آله  وعليهم افضل الصلاة واتم التسليم) مثلما صنعت مجلة (شارلي ابدو) الفرنسية الاسبوعية، وعاونتها في ذلك صحيفة ليبراسيون الباريسية، في موقف ينم على انهيار واحباط  مفضوحين  ، اصابا النظام الامبريالي الربوي بمقتل، نتيجة هزيمته المنكرة في العالم الاسلامي من جانب، وتفاقم الازمة المالية والاجتماعية في اميركا واوروبا بسبب ثورة الجياع والمعدمين هناك من جانب آخر.

وامام هذا وذاك بقي ان نشير الى الدور الاجرامي للنظام السياسي في  الولايات المتحدة على مستوى اشعال الحروب والنزاعات والفتن في العالم الاسلامي ، واستخدام اسلحة الدمار الشامل في انحاء الكرة الارضية ، والتظاهر بدعم الثورات العربية كذبا و نفاقا ، الى جانب ضلوعه في إشاعة الفوضى و التناحر و الفتن ، و تفخيخ العلاقات الاخوية في بلدان حوض الخليج الفارسي ، و تنفيذه اعمال الخطف والاغتيالات ضد كبار المسؤولين والدبلوماسيين والعلماء والخبراء في ايران والمنطقة ، بالاضافة الى دعمه اللامحدود لعربدة اسرائيل و انتهاكاتها الصارخة لحقوق الانسان واستهتارها السافر بقوانين الشرعية الدولية ، الامر الذي يجرد واشنطن من اية شرعية او اهلية يمكن ان تتشدق بها  للتحدث باسم القيم والمبادىء النبيلة، او التنادي بالشعارات الحضارية و التحررية.  فلقد غدا واضحا انه لا يختلف اثنان في راهننا على ان سلوكيات اميركا المدانة والمسجلة بالوثائق والادلة الدامغة خلال العقود السبعة الماضية ، جعلتها خليقة بحمل لقب زعيمة الارهاب الدولي وراعية الجريمة المنظمة دون منازع  في المسرح العالمي المعاصر.

بقلم :حميد حلمي زادة?