تدويل "السيناريو الاميركي" لمصلحة من؟!

تدويل
الخميس ١٧ نوفمبر ٢٠١١ - ٠١:٤٩ بتوقيت غرينتش

ان تكون المواقف الرسمية لاي بلد اسلامي لصيقة باجندة الاستكبار الاميركي الغربي، فضلا عن انه يسيء بعمق الى سمعة ذلك البلد، فانه يوجه اهانة بالغة الى هيبة الامة التي يفترض ان تكون منظمة المؤتمر الاسلامي الواجهة والحاضنة الحقيقية لجميع قضاياها السياسية والاقتصادية والثقافية فضلا عن الامنية والعسكرية.

لقد دعونا مرارا وتكرارا  في ما مضى الى تشكيل مجلس امن اسلامي منبثق عن المنظمة لكي يضطلع بمهمة الفصل بين المشاكل والخلافات والنزاعات التي قد تحصل  بين الدول الاعضاء وهي تمثل كتلة بشرية عظمى يتجاوز عدد نفوسها المليار و500 مليون نسمة ، ومساحة مترامية الاطراف تمتد من المحيط الاطلسي الى الصين عدا الجاليات الاسلامية المنتشرة في انحاء الارض.

   الجدير بالذكر ان الجمهورية الاسلامية وانطلاقا من مبدأ دعم هذه الهيئة الرسمية ، كانت اول دولة انتدبت سفيرا لها في مقرها ب(جدة) عام 1991 وكان المندوب شخصية سياسية وثقافية مرموقة هو الدكتور صباح زنكنة الذي رفد وجميع السفراء الايرانيين الذين جاؤوا بعده، منظمة المؤتمر الاسلامي بكل اسباب القوة و النفوذ والتأثير حتى تمارس دورها الريادي بمهابة على مستوى المجتمع الدولي ومؤسساته الخاضعة دوما للهيمنة الغربية.

  بيد ان تدخلات جيوش اميركا واوروبا والناتو في شؤون العالم الاسلامي واحتلالها الغاشم لافغانستان 2001 والعراق 2003 وقيام التحالف الغربي الصهيوني بانتهاك حرمة اراضي واجواء دول مثل اليمن والسودان وليبيا وسورية ولبنان فضلا عن استمرار الغارات  الجوية الوحشية الاسرائيلية والقصف الصهيوني الجبان على اهلنا الفلسطينيين العزل في قطاع غزة  ، كل ذلك طبع في الذاكرة  الانسانية عجز "منظمة المؤتمر" وتراخيها عن  تضميد وبلسمة الجراحات العميقة للامة جراء الكم الهائل من الطعنات والضربات الغادرة التي تعرض لها ابناؤها ولاسيما خلال السنوات العشر الاخيرة .

  والانكى من ذلك كله تبعية  امين عام المنظمة البروفيسور احسان الدين  اوغلو  للتواطؤ  الاميركي- الاوروبي – الصهيوني ، على ايران فيما يتصل بسيناريو واشنطن المفبرك الزاعم  كذبا و افتراء  ،ان طهران  كانت تخطط  لاغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير، وكأن اوغلو اراد بذلك تقديم فروض الولاء والطاعة لاولياء النعمة السعوديين  الذين عينوه في هذا المنصب من جهة ، والبرهنة على عدم تمثيل و متابعة  " منظمة المؤتمر " للاهداف الاسلامية العليا التي اسست لاجلها من جهة اخرى..

ولا يبعد والحالة المضحكة المبكية  هذه في آن معا ، ان يتقدم احسان اوغلو هو الآخر بشكوى الى مجلس الامن الدولي للبت في قضية "السيناريو" الذي اعد في مطبخ ال"سي آي ايه" وعلى نار اسرائيلية ، ابتغاء  الفتنة وايقاع  المزيد من العداوات والتناحر و التفرقة  بين ابناء العالم الاسلامي وذلك في ظل الادخنة الطائفية والمذهبية النتنة  المنبعثة من هذه الطبخة الموبوءة.

    غني عن البيان ان طهران تعتقد اعتقادا جازما بان مسلسل  "السيناريو" و"تقرير امانو" و"التصعيد الغربي" هو في مجمله مؤامرة دولية اقليمية مترابطة الحلقات ، وتسير في خط واحد يتجه الى  اخضاع الجمهورية الاسلامية ، لثنيها عن ثوابتها ومبادئها الاصيلة ، وفي مقدمتها التخلي  عن منجزاتها الوطنية السيادية  ، كامتلاك الطاقة النووية للاغراض السلمية ، و اقتحام عالم الفضاء   اسوة بالدول الكبرى ، وانتاج الصواريخ الباليسيتية  و الاسلحة الدفاعية  التقليدية  انطلاقا من  ارضية الاكتفاء الذاتي ، فضلا عن مطالبة  ايران  ايضا بالتفريط في جبهة المقاومة والممانعة ، والامتناع عن دعم قضية فلسطين ووجوب تحريرها من النهر الى البحر وجميع الاراضي الاسلامية المحتلة  الاخرى في الجولان السوري وجنوب لبنان ومصر و الاردن.

    ولكي نوفر على الاستكبار العالمي عناء التفكير في امكانية بلوغ مثل هذه المآرب الخبيثة، يتعين الاعلان وبصراحة بان تحقيق احلام الشياطين بزعامة واشنطن ، ليس له موقع او مفهوم او ترجمان في قاموس الثورة الاسلامية وقيادتها الربانية والشعب الايراني المؤمن بولاية الفقيه  ، والمستعد لكل الاحتمالات  و الاستحقاقات  ، طالما ان هذه المسيرة تندرج في سياق  حماية  الاسلام و العقيدة و الكرامة الانسانية للامة . لكننا ننصح اخوتنا في الدين والجيرة  و التاريخ والمصيرك المشترك بعدم الانجرار الى مخطط اميركا الارهابية ، فقد برهنت احداث الماضي القريب والبعيد  على مذلة وهزيمة كل من راهن على حسابات حكومات الولايات المتحدة و الدول الاوروبية و الغرب المتصهين او وثق  بوعودها الزائفة.

و من لايصدق فليسأل حسني مبارك وزين العابدين بن علي ما  دام فيهما رمق من الحياة ، و قبل ان يطلق عليهما رصاصة الصمت الابدي او يعلقا بحبل المشنقة كما فعل بصاحبيهما من قبل  معمر القذافي و صدام التكريتي . قال تعالى  (( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او ألقى السمع و هو شهيد ))  

* حميد حلمي زادة