أزمة سوريا و ديمقراطية حمد بن جاسم !

أزمة سوريا و ديمقراطية حمد بن جاسم !
الثلاثاء ٢٠ ديسمبر ٢٠١١ - ١١:٥٨ بتوقيت غرينتش

19/12/2011 د.عدنان بكرية dradnanb@gmail.com?

لي الكثير من الكتاب الأصدقاء من كافة أرجاء الوطن العربي ممن اعتز بهم وبصداقتهم وبتواصلنا الدائم.. واختلف مع الكثير منهم بالمواقف خاصة الموقف من الأزمة السورية وهذا أمر مشروع لا بل صحي فتباين وجهات النظر من شأنه أن يخلق جوا من الإبداع التحليلي وبالتالي قد يقود الى الموقف السليم مما يجري داخل سوريا وباقي الدول العربية .

الحراكات العربية أفرزت على الساحة السياسية موقفين .. الأول يرى بها ثورات شعبية ستقود الى الديمقراطية وبما اننا مع الشعوب فعلينا تأييدها والوقوف الى جانبها مهما كانت الظروف ودواعي انطلاق هذه الحراكات وبغض النظر إسقاطات هذه الحراكات ..هكذا يرى البعض من المثقفين والكتاب والناشطين السياسيين .. أما الرأي الآخر والذي انتمي اليه ينظر الى كل حراك على حدة ويحلله من كافة جوانبه والأساس الذي قام عليه هذا الحراك .. علينا ان نفرق بين حراك وآخر .. فالحراك المصري الذي قام لاستعادة الكرامة الوطنية المهدورة والتخلص من طاغية داس على القيم والمفاهيم القومية وتعاون مع الغرب ضد قضايا الأمة العربية هو حراك ثوري بامتياز وعلينا أن نباركه جميعا مهما أفرزت الحالة الديمقراطية الحالية في مصر .. علينا ان نحترم خيار الشعب المصري بغض النظر عمن ستحمل الى الحكم رياح الديمقراطية .

ليبيا أشعلت الضوء الأحمر نتيجة تدخل الغرب والناتو بحراكها .. قلنا حينها اننا نبارك حراك الشعب الليبي ضد معمر القذافي ودعونا لان تحل الأمور في الإطار العربي .. لكن الغرب ركب موجة الثورة وتدخل عسكريا ونحن نعلم ان عاطفة الغرب لا تقطر على الشعب الليبي وهو ليس حريصا على الديمقراطية بل تدخله جاء تلبية لأطماعه الاقتصادية في ليبيا والوطن العربي وما يحصل اليوم في ليبيا من غياب الدولة وسيطرة المليشيات خير دليل على صحة أقوالنا .. فالوضع الأمني في ليبيا ازداد ترديا والوضع الاقتصادي في دوله تقوم فوق بحر من البترول يزداد سوءا

التجارب علمتنا ان الديمقراطية لا يمكن ان تأتي محمولة على دبابات وطائرات الاحتلال .. ولا يمكننا ان نبارك الديمقراطية التي تأتي على حساب خراب الوطن وتمزيقه .. الديمقراطية الحقيقية هي تلك التي يصنعها الشعب ويستلها من بين أنياب النظام دون ايذاء الوطن وتقديمه على طبق من ذهب للغرب والناتو .. من هنا جاء رفضنا لاستجلاب التدخل الأجنبي مهما كانت شعاراته ودوافعه.

نعم نختلف مع العديد من المثقفين والكتاب الذين يؤيدون إسقاط النظام في سوريا حتى لو كان ثمن هذا الإسقاط تمزيق الوطن وتفتيته ووضعه تحت الاحتلال الأجنبي .. الدكتاتورية ارحم إلف مرة من الاحتلال..ربما لأننا عايشنا الاحتلال هنا في فلسطين ندرك تماما معنى الاحتلال والدوس على كرامة الإنسان ... نحن ندرك حاجة الشعب السوري للديمقراطية والإصلاح والحياة الكريمة فمن حق الشعب السوري ان ينعم بالديمقراطية والحرية .. لكن لماذا لا ننشد هذه الحرية عن طريق التظاهرات السلمية والجلوس الى طاولة الحوار الأخوي حتى نقطع الطريق أمام أي تدخل أجنبي ؟

ان تداخل العوامل والعناصر المسيئة في الأزمة السورية ومحاولة الغرب وعملاؤه العرب تجيير هذه الأزمة لخدمة أجنداتهم السياسية جعلنا نرفض أي تدخل ونرفض الحل العسكري الذي ينتظره الغرب بهدف إسقاط النظام السوري وبالتالي فرض الهيمنة الغربية على سوريا كونها تقف في صلب محور المقاومة والممانعة .. الهدف الغربي ليس تحصيل الديمقراطية وهو لا تهمه الديمقراطية.. فلو كان حريصا على حرية الشعوب لوقف الى جانب الشعب البحريني والى جانب الشعب السعودي ضد الديكتاتوريات المتجذرة في دول الخليج(الفارسي).

من هنا يبدو جليا ان ما يحاك لسوريا اخطر واكبر من قضية "الديمقراطية " المزعومة .. ما يحاك لسوريا هو تفكيك هذه الدولة وجرها خلف ركب الامبريالية في إطار محور الاعتدال العربي ..اسرائيل مرتعبة من وجود محور المقاومة الذي يضم ايران وسوريا وحزب الله والتهديدات الاسرائيلية المتكررة ضد ايران وحزب الله تدل على مدى قلق اسرائيل من بقاء هذا التحالف .. من هنا علينا ان ندرك ان انهيار سوريا ونظامها هو مصلحة اسرائيلية كبرى .. وعينا ان نعي أيضا بان انهيار هذا التحالف سيكون له انعكاساته السلبية على العالم العربي ككل وعلى القضية الفلسطينية بالتحديد .

أعجب كل العجب ممن يتغاضون عن هذه الحقيقة ربما عن قصد وربما وقعوا ضحايا لماكنة التضليل الخليجية دون قصد .. لقد بات واضحا للقاصي والداني ان ما يحدث في سوريا هي مؤامرة كبرى تستهدف قوى المقاومة والممانعة ولا علاقة له بالديمقراطية المزعومة .. فكيف يمكننا تفسير عسكرة هذا الحراك ؟ وكيف يمكننا تفسير "الشهامة" التي انصبت على أعوان الغرب من زعماء الخليج(الفارسي) ؟ ومنذ متى كان حمد بن جاسم أبا روحيا للحرية والديمقراطية ؟!!

أتمنى على الأخوة الكتاب والمثقفين مراجعة مواقفهم .. لأننا نمر بمرحلة تاريخية حرجة لا مجال للوقوع فيها بالخطأ.. لان التاريخ لن يرحمنا .