ذكرى العدوان على غزة و خيانات "أشباه الرجال"

ذكرى العدوان على غزة و خيانات
السبت ٣١ ديسمبر ٢٠١١ - ٠٤:٠٧ بتوقيت غرينتش

في مثل هذه الايام من عام 2008 وعندما كانت اجزاء واسعة من العالم تحتفل باعياد الميلاد وتضىء لياليها بالمفرقعات والالعاب النارية ، كانت القنابل الصهيونية بمختلف انواعها تنهمرعلى قطاع غزة فتحول لياليها الى نهار ، وتمزق اجساد الاطفال والنساء والشيوخ على مدى 22 يوما ، امام مرأى ومسمع العالم اجمع وفي مقدمة هذا العالم ، الاصم الابكم ، كانت الحكومات العربية والجامعة العربية.

 فاذا كانت "الفضيحة" و "العار" هي اخف الكلمات التي يمكن ان يوصف بها صمت القبور الذي لاذت به الحكومات العربية وجامعتها ، ابان العدوان الصهيوني الوحشي على غزة واهالها المحاصرين ، ترى ماهي الكلمات اوالعبارات التي يمكن ان توصف مواقف حكومات الاعتدال العربي بزعامة مصر والسعودية  حينها ، والتي تواطأت مع الكيان الصهيوني ، بشهادة الصهاينة انفسهم ، في العدوان على غزة ؟!.

وشهد شاهد من اهلها  

 ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت في عددها الصادر في 26 كانون الاول ديسمبر 2008 ، اي قبل العدوان بيوم واحد،  بأن وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني قامت بالتحدث مع قادة وممثلين عن الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة وحتى بعض الدول العربية ، لشرح موقف إسرائيل من العملية التي تنوي تنفيذها وللحصول على موافقتهم على البدء بالهجوم.

المعروف  أن المجازر الوحشية التي نفذها الجيش الصهيوني في غزة  قد جاءت بعد اقل من 48 ساعة من زيارة وزيرة الخارجية الإسرائيلية ليفني لمصر واعلانها في مؤتمرها الصحفي المعروف مع قادة مصر في عهد مبارك أن "إسرائيل لن تسمح بعد الآن باستمرار سيطرة حماس على غزة وستغير الوضع" .

خيانات الاعتدال العربي .. النسخة المصرية

الغريب ان الحكومات العربية وجامعتهم وفي مقدمتهم قادة الانبطاح العربي في مصر والسعودية ، كانوا سيصنفون في خانة العار لو بقوا على صمتهم ، الا انهم كانوا يكشفون عن خياناتهم وبشكل فاضح من خلال تصريحاتهم ومواقفهم ، ففي الوقت الذي كانت غزة تذبح من الوريد الى الوريد ، اعلن الرئيس المصري حسني مبارك بتاريخ 31 كانون الاول ديسمبر 2008 بانه لن يسمح بفتح  معبر رفح ، كما حمل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مسؤولية العدوان الصهيوني على غزة ، عندما قال  موجها كلامة لقادة حماس: "لقد حذرناكم مرارا من أن رفض تمديد التهدئة سيدفع إسرائيل للهجوم على غزة، وأكدنا لكم أن إعاقة الجهد المصري لتمديد التهدئة هي دعوة مفتوحة لإسرائيل لهذا الهجوم". اما وزير خارجيته  سييء الصيت أحمد أبو الغيط فحمل هو ايضا كسيده حماس مسؤولية العدوان ،قال "قامت مصر بتحذير حماس منذ فترة طويلة بأن إسرائيل ستقوم بالرد بهذا الأسلوب" كما أضاف قائلاً: "فليتحمل اللوم هؤلاء الذين لم يولوا هذا التنبيه أهمية" .

خيانات الاعتدال العربي .. النسخة السعودية

اما قادة السعودية ، قرن الاعتدال الثاني ، فلاذوا بالصمت المريب ، واذا ما تحدثوا ، كما تحدث وزير خارجيتهم سعود الفيصل ، فانهم لم يخرجوا عن أطار موقف قرن الاعتدال الاول مصر مبارك .

اما الوهابية ، الخنجر المغروز في ظهر الامة ، فقد وصل بها الصلافة الى وصف التظاهرات التي خرجت في جميع البلدان العربية والاسلامية للتنديد بالعدوان الصهيوني على غزة ب"العبثية" ودعت الى وقفها لانها تجلب "المفاسد" وتؤدي الى "الفوضى" وهدر "الطاقات" !!!.

الارقام تتحدث

في الوقت الذي كانت المواقف الرسمية  المصرية و السعودية المخزية  تتوالى لتبرير العدوان الصهيوني ، كانت التقارير الدولية تتوالى ايضا مؤكدة أن إسرائيل تستعمل أسلحة محرمة دولياً في عدوانها على غزة، حيث حملت أجساد بعض الضحايا آثار التعرض لمادة اليورانيوم المنضب و الأسلحة الفسفورية والتي تصيب بحروق مؤلمة وقاتلة.

هذه القنابل قتلت على مدى  22 يوما نحو 1417 فلسطينياً على الأقل (من بينهم 926 مدنياً و412 طفلاً و111 امرأة) وإصابة 4336 آخرين . واستهدف القصف الصهيوني بشكل متعمد وبشهادة المحافل الدولية ، المدارس والمستشفيات والجامعات والمساجد والكنائس والمناطق السكنية.

الاسد مخاطبا قادة الاعتدال العربي : يا لارجال وأشباه الرجال 

لم يكسر الصمت العربي الرسمي المخزي الا صوت سوريا تحت قيادة الرئيس بشار الاسد ، فكان صوتا مدويا في المنطقة والعالم ، ضد العدوان وداعمية ، فمازال  صدى كلمته التي اطلقها ابان العدوان الصهيوني على غزة يسمع حتى اليوم ، وهو يخاطب  زعماء الاعتدال (الانبطاح) العربي بقوله : يا لا رجال وأشباه الرجال.

الا ان الدهر ابى الا ان يسخر ، فقد تحول اشباه الرجال هؤلاء ، وبقدرة امريكية خارقة ، الى "رجال" ولكن ليس على اعداء الامة بل على ناصريها وفي مقدمتهم القيادة السورية التي جعلت من سوريا العقبة الكأداء امام مشاريع الغرب والصهيونية العالمية ، حيث نفخت واشنطن والصهيونية في جثة الجامعة العربية التي كانت في حالة اغماء منذ ولادتها عام 1945 ، فاخذت تحرك بعض اطرافها ، واحست بما حولها واول مافعلته كان تعليق عضوية سوريا والعمل على تعبيد الطريق للناتو لغزو هذا البلد العربي الممانع ، الذي وقف في وجه امريكا وربيبتها على مدى عقود وافشل كل مخططاتهما ، و عرى الانظمة العربية المتخاذلة امام شعوبها ، فكان لابد ان يدفع ثمن هذه الممانعة التي كانت ومازالت هدفا وهدفا اثيرا لهذا التحالف الصهيوني الرجعي الغربي.

بقلم : نبيل لطيف-خاص"العالم"