الندية.. كلمة السر لإنجاح اجتماع بغداد بين إيران و5+1

الأحد ٢٠ مايو ٢٠١٢
١٢:٣١ بتوقيت غرينتش
الندية.. كلمة السر لإنجاح اجتماع بغداد بين إيران و5+1 "الأميركيون هم الأقل ميلاً إلى الحوار.. لكن في هذه المرة كانوا مضطرين إلى ذلك لأن الدولار في خطر"، هذا الكلام هو لرئيس الوزراء الفرنسي الأسبق ميشل روكار، وهو يتحدث إلى القناة الثانية في التلفزيون الإيراني في 13 أيار/مايو، خلال زيارته الأخيرة إلى إيران.

كلام روكار الذي جاء في إطار حديثه عن الأسباب التي ساهمت في إنجاح الاجتماع الذي عقد في الـ 14من نيسان/أبريل الماضي في إسطنبول بين إيران ومجموعة 5+1، ابتعد عن الحقيقة كثيراً، وهي حقيقة ما كانت لتغفل عن سياسي مخضرم مثل روكار لو كانت الجهة التي فرضتها غير إيران!
لم يكن من اللائق على شخصية مثل روكار أن تلتف حول الحقائق، التي باتت معروفة حتى للإنسان العادي، كي تبرر الإيجابية التي تمخض عنها اجتماع إسطنبول النووي، وتلتمس أسباباً لا مكان لها بالمرة بين الأسباب الحقيقية التي أدت إلى نجاح إسطنبول، وفي مقدمة هذه الأسباب قوة الحق الإيراني في مقابل حق القوة الغربي الذي لم يدخر أية وسيلة ممكنة لحرمان إيران من حقها، إلى الحد الذي تم فيه مطاردة حتى أصغر الشركات والعملاء الذين يتجرأون على شراء النفط الإيراني في أصقاع المعمورة، بعد أن عجزت التهديدات بشأن عدوان عسكري لوقف عجلة تطورها العلمي والتقني.
لقد نسي روكار أو تناسى أنه لولا قوة الحق الإيراني وتحول القضية النووية داخل إيران إلى قضية كرامة وطنية، وأن الشعب الإيراني يمتحن وطنية مسؤوليه بمدى تمسكهم بحقوقه النووية المشروعة، وعدم التفريط بها تحت أية ظروف كانت، لما أمكن أن تخرج إيران مرفوعة الرأس، وهي التي فرضت عليها أميركا، عبر هيمنتها على المحافل الدولية وفي مقدمة هذه المحافل مجلس الأمن الدولي، ستة قرارات ظالمة أربعة منها ملحقة بعقوبات قاسية وظالمة، هذا بالإضافة إلى الحظر التجاري والمالي والنفطي الذي فرضته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جانب واحد.


**الحق الإيراني أقوى تاثيراً من الأزمة الاقتصادية
صحيح أن اقتصاديات أميركا وأوروبا تترنح تحت وطأة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بمنطقتي الدولار واليورو، والتي قد تقدم وتؤخر في بعض أولويات قادة أميركا وأوروبا، إلا أن الأصح والأكثر تاثيراً من الأزمة الاقتصادية، على قرارات قادة أميركا وأوروبا، هو شرعية المطالب الإيرانية والتزام إيران بالقوانين والمعاهدات الدولية وفي مقدمتها قوانين ومقررات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وخاصة معاهدة منع الانتشار النووي (إن بي تي)، والتعاون الإيراني الشفاف والشامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وخضوع منشآتها النووية على مدار الساعة لتفتيش الوكالة دون أية قيود، حتى أن إيران، وانطلاقا من إيمانها بعدم جدوى السلاح النووي وأنها ليست في وارد عسكرة هذا البرنامج، ذهبت إلى أبعد مما تتطلبه معاهدة منع الانتشار النووي ومقررات الوكالة الدولية، وذلك عندما وقعت طوعياً البرتوكول الإضافي الذي يعطي المفتشين الدوليين الحق في القيام بعمليات تفتيش للمنشات النووية الإيرانية بشكل مفاجىء ودون إنذار سابق.
وتأكيداً منها على عدم حاجتها لتخصيب يورانيوم بنسبة 20 بالمائة اتفقت إيران مع تركيا والبرازيل، على أن تسلم طهران مالديها من يورانيوم مخصب بنسبة 5/3 بالمائة للغرب وتستلم في المقابل يورانيوم مخصب بنسبة 20بالمائة لتشغيل مفاعل طهران للنظائر المشعة ذات الاستخدامات الطبية، إلا أن الغرب لاسيما أميركا رفض وبشكل استعلائي هذا الاتفاق.
وعلى الفور ردت إيران على عنجهية أميركا وصلفها برفع نسبة التخصيب إلى 20 بالمائة، ووفرت بذلك حاجة مفاعل طهران للأبحاث الطبية دون أن تمد يدها للغرب لتزويده بهذه المادة، عندها جن جنون أميركا التي حرضت أوروبا أيضاً لفرض عقوبات أحادية الجانب على إيران خارج نطاق الشرعية الدولية، الأمر الذي استفز الصين وروسيا وباقي دول العالم، التي اعتبرت الإجراء الأميركي الغربي قد تجاوز كل الأعراف الدولية، في الوقت الذي لم تمارس فيه طهران إلا حقها الذي تنص عليه القوانين والمعاهدات الدولية.


**بوادر التغيير في مواقف الغرب، اجتماع إسطنبول مثالا
في أكثر من مناسبة وحتى دون مناسبة، سربت بعض الصحف الأميركية والغربية، مازعمت أنها تصريحات لمسؤولين أمنيين أميركيين وغربيين  كبار، تؤكد على عدم وجود أية بوادر انحراف في البرنامج النووي الإيراني السلمي، بل أنهم ذهبوا إلى أبعد من ذلك عندما أكدوا وبشكل قاطع عبر الإعلان عن تقرير أعدته أكثر من 16 وكالة مخابرات أميركية، كشفت وبشكل واضح عن أن إيران ليست بالمرة في وارد الانتقال إلى مرحلة إنتاج السلاح النووي، وأنه ليست هناك أدنى بوادر تشير إلى أن القيادة الإيرانية تفكر في الانتقال إلى هذه المرحلة.
هذه التقارير، أكدت ما كانت إيران تردده دوماً، على أنها ليست بحاجة إلى السلاح النووي، لأن مثل هذا السلاح يتعارض مع مبادىء الدين الإسلامي الحنيف، كما أن هناك فتوى لقائد الثورة الإسلامية في إيران آية الله السيد علي الخامنئي تحرم هذا السلاح لضرره الكبير على الإنسانية، هذا بالإضافة إلى أن التجربة التاريخية أثبتت أن حيازة مثل هذا السلاح في عصرنا الراهن يشكل عبأ على أصحابه فهو لم يحل دون انهيار الاتحاد السوفيتي السابق كما لم يحل دون هزيمة الكيان الإسرائيلي أمام المقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين كما لم يحفظ هيبة أميركا التي مرغت بالتراب في أفغانستان والعراق والعديد من مناطق العالم.
عملياً يمكن تلمس التغيير الذي طرأ على الموقف الغربي من البرنامج النووي الإيراني، من خلال تعامل المنسقة العليا للاتحاد الأوروبي رئيسة مجمومة 5+1 كاثرين أشتون، في إطار المفاوضات التي جرت بين هذه المجموعة وإيران في إسطنبول في الـ14 من نيسان/أبريل الماضي.
فقد كشف المفاوض الإيراني سعيد جليلي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني كشف في مؤتمره الصحفي الذي عقده فور الانتهاء من مفاوضات إسطنبول، عن وجود تغيير جوهري في تعامل أشتون، عندما قال إن دور السيدة أشتون في تقدم مفاوضات إسطنبول كان ملحوظا.
كما وصف جليلي الأجواء التي سادت اجتماع إسطنبول بأنها كانت أجواء تعاون، وهي أجواء تختلف عن الأجواء التي كانت تسود المفاوضات السابقة، حيث الضغط والتهديد بالحظر.


**اجتماعات فيينا ، مقدمة لاجتماع بغداد
بعد النتائج الإيجابية التي تمخض عنها اجتماع إسطنبول بين إيران ومجموعة 5+1، جاءت نتائج اجتماعات فيينا التي جرت في أيار/مايو بين ممثل إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي أصغر سلطانية و رئيس مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية هيرمان ناكايرتس، لتشد من عضد نتائج اجتماع إسطنبول، وترسم صورة أكثر تفائلاً لما سيتمخض عن اجتماع بغداد الذي سيعقد في الـ23 من شهر أيار/مايو الحالي بين إيران ومجموعة 5+1.
اجتماعات فيينا بين الوكالة وإيران والتي وصفها ناكايرتس بالايجابية والبناءة، يبدو أنها لم ترق للبعض، من الذين اعتادوا وضع العصي أمام أي حل مشرف للبرنامج النووي الإيراني السلمي، فقبل يوم من انعقاد الجولة الأولى من المباحثات، يوم الاثنين الـ12 من أيار/مايو، دعا وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك، الأسرة الدولية، كما قال إلى ممارسة الضغوط ضد إيران لتوقف كل أنواع التخصيب مهما كانت نسبها، وهي دعوة وإن كانت محاولة لتسميم الأجواء الإيجابية بين إيران والوكالة الدولية، جاءت رداً على مانقلته الـ"واشنطن بوست" الأميركية عن شائعات تقول إن الولايات المتحدة قد تسمح!!! لإيران بتخصيب اليورانيوم بنسب ضعيفة لإنتاج اليورانيوم لإنتاج الكهرباء.
رغم أن كل مايتم تسريبه عبر الصحافة الأميركية أو الغربية وحتى الإسرائيلية حول البرنامج النووي الإيراني ، لا يعني طهران من قريب أو بعيد، فقضية التخصيب حق مشروع لإيران تكفله معاهدة حظر الانتشار النووي، كما تكفله الإرادة الشعبية والرسمية لإيران، وأن الحديث عن حق إيران بالتخصيب أمر قد تجاوزه الزمن وليس وارداً حتى في مخيلة بعض أعضاء مجموعة 5+1، من الذين استماتوا على مدى عقد من الزمن لحرمان إيران من هذا الحق.
إن اجتماع بغداد، ورغم كل التصريحات السلبية والتحريضية لبعض الجهات المعروفة ونواياها إزاء إيران وسياستها بشكل عام، يمكن أن يشكل مرحلة مفصلية في مسيرة العلاقات بين إيران ودول مجموعة 5+1، لاسيما أن جميع المؤشرات تؤكد على وجود رغبة لدى دول هذه المجموعة بكسب ثقة الشعب الإيراني من خلال تجنب سياسة التهديد والوعيد والحظر والتعامل بندية مع إيران، في مقابل وجود رغبة مؤكدة وقديمة لدى طهران في إثبات سلمية برنامجها النووي بالشكل الذي لا يمس بكرامتها ولا بسيادتها الوطنية.
من جانب آخر يمكن أن يشكل اجتماع بغداد نكسة خطيرة في العلاقة بين إيران وبين بعض دول مجموعة 5+1، في حال أخطأ الجانب الغربي في تقدير حساباته، واستثقل التعامل بندية مع إيران، وأعاد ذات النغمة القديمة في مخاطبتها، والحديث عن خياراته المتعفنة وطاولته التي أكلتها الأرضة.

 

بقلم: ماجد حاتمي/ البديع

0% ...

آخرالاخبار

قوات الاحتلال تحتجز عددًا من الشبان وتعتدي على آخرين بالضرب المبرح شرقي طولكرم


إيران.. رفض للضغوط السياسية لانعدام القوانين المختصة


المفوضية الأوروبية تندد بفرض واشنطن حظر تأشيرات على 5 شخصيات أوروبية ذات صلة بتنظيم قطاع التكنولوجيا


السودان على صفيح ساخن.. الدعم السريع يوسع هجومه غرباً


"رويترز": 7 قتلى بانفجار في مسجد بشمال شرق نيجيريا


رويترز: انفجار داخل مسجد في مايدوغوري بولاية بورنو النيجيرية أثناء الصلاة


الجنوب السوري يتحول إلى مسرح ساخن لانتهاكات الاحتلال


عراقجي يرد على أورتاغوس:مد اليد للدبلوماسية لا يعني إرسال قاذفات!


عضو المكتب السياسي لحماس غازي حمد: المنطقة التي يدعي الاحتلال خرقنا للاتفاق فيها تخضع له بالكامل


إعلام عبري: ويتكوف أبلغ المسؤولين الإسرائيليين ضرورة الانتقال إلى المرحلة 2 بداية يناير