ضرب مؤخرة "العدو" تكتيك جديد لطالبان
الثلاثاء ٢٣ ديسمبر ٢٠٠٨
٠٤:٤١ بتوقيت غرينتش
تناقلت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة المعلومات والأخبار حول قيام بعض جماعات مسلحة بتنفيذ العديد من الهجمات والعمليات العسكرية الناجحة ضد قوافل لقوات الاحتلال الاجنبي وقوات نظام حامد كرزاي. هذا، وأشارت التقارير إلى أن القوافل قد تعرضت للهجمات وهي في طريقها إلى داخل الأراضي الأفغانية وخارجها.
تكتيك الهجمات الجديدة ينطوي على قدر بالغ من الخطورة بالنسبة لمستقبل أداء قوات الاحتلال الاميركي وقوات الناتو العسكرية في ساحة الحرب الأفغانية وإذا علمنا أن طاقة خوض الحرب تعتمد على تأمين تدفقات الإمداد للقوات التي تخوض الحرب، فإن ضرب قوافل الإمداد سيترتب عليه تقليل إن لم يكن انقطاع الإمدادات عن القوات الاميركية وقوات الناتو.
هذا، ومن المعروف أن كل معطيات العلم العسكري وعلم الحرب الحديثة وحتى القديمة تؤكد بكل وضوح على عنصر الإمداد باعتباره يشكل أحد أهم عوامل التفوق التي تساعد القوات في تحقيق الحسم العسكري النهائي.
* ماذا تقول التسريبات حول ردود الأفعال الاميركية؟
استطاعت العناصر المسلحة الأفغانية خلال الأيام الماضية تدمير 106 شاحنات محملة بالإمدادات داخل الأراضي الأفغانية كانت في طريقها لإفراغ حمولتها في القواعد الاميركية وقواعد الناتو. وكذلك، فقد شنت هذه العناصر هجوماً كبيراً ضد أحد مراكز نقل الإمدادات داخل الأراضي الباكستانية وتحديداً في المناطق المجاورة لمدينة بيشاور الباكستانية.
هذا، وتقول المعلومات والتسريبات بأن النوعية ذاتها من الهجمات حدثت خلال الفترة الماضية وبالتكتيك ذاته ونوعية الاستهدافات ذاتها وذلك على وجه الخصوص خلال فترة الانشغال بأحداث مومباي وتداعياتها.
على هذه الخلفية، كما تقول التسريبات الاميركية فقد بدأت التوترات تظهر أكثر فأكثر في أوساط قيادة القوات الاميركية وقيادة قوات الناتو وعلى وجه الخصوص لأن هذه الإمدادات كان متوقعاً لها أن تعزز موقف الإمداد خلال فترة فصل الشتاء الذي أقبلت تباشيره في أفغانستان إضافة إلى أن نقل الإمدادات الجديدة سوف لن يكون سهلاً لأن وصولها إلى الأماكن والمواقع المطلوبة داخل أفغانستان سيكون صعباً ومكلفاً للغاية بسبب الطبيعة الجبلية الوعرة وظروف الجليد والشتاء القارص.
* البنتاغون ومستجدات المسرح الأفغاني:
تقول المعلومات الاستخبارية بأن القوات الاميركية وقوات الناتو الموجودان في المسرح الأفغاني تحصلان على 75% من الإمدادات عبر ميناء كراتشي الباكستاني ويتم توزيعها على النحو الآتي:
o يتم نقل معظم الإمدادات من كراتشي إلى بيشاور ثم عبر ممر خيبر إلى كابول الأفغانية.
o يتم نقل بعض الإمدادات من كراتشي عبر منطقة كويتا إلى قندهار الأفغانية.
o يتم نقل الإمدادات داخل أفغانستان بشكل رئيسي عبر طريق رئيسي يربط العاصمة كابول بمدينة قندهار.
الآن على خلفية الهجمات الأخيرة فإن كل هذه الطرق أصبحت تحت خطر تهديد الهجمات وعلى ما يبدو فإن جماعة طالبان الأفغانية (والباكستانية) إضافة إلى الحركات والفصائل الإسلامية المسلحة الأخرى كعسكر طيبة وعسكر عمر وعسكر الجبار وجماعة صبح الصحابة.. إضافة إلى ميلشيات مناطق القبائل الباكستانية السبعة قد رتب المسرح جيداً للقيام بإغلاق الطرق والمنافذ بما يؤدي إلى شن حرب الإمداد عن طريق ضرب قوات المؤخرة ومنع تقديمها للسند الإمدادي لقوات المقدمة الموجودة في خطوط المواجهة داخل أفغانستان.
بكلمات أخرى، فمن المحتمل أن تؤدي هذه التكتيكات الجديدة إلى تحويل قواعد الاشتباك في الحرب الأفغانية بحيث يتغير تعريف العدو من القوات الموجودة في خطوط المقدمة إلى القوات الموجودة في خطوط المؤخرة وهذا معناه أن إدراك الحركات الأصولية المسلحة للعدو سيتغير بحيث يصبح الهدف الرئيسي مراكز وخطوط الإمداد والهدف الثانوي هو القوات الاميركية وقوات الناتو المنتشرة في المسرح الأفغاني.
تقول التسريبات والمعلومات بأن البنتاغون يدرس حالياً إمكانية القيام ببعض التحركات العاجلة التي سيتوقف على نجاحها تأمين البدائل الممكنة لتمرير الإمدادات إلى داخل الأراضي الأفغانية دون المرور بالأراضي الباكستانية طالما أن باكستان أصبحت إحدى ساحات المواجهة العسكرية المحتملة المؤجلة وإن كانت قد بدأت مع المليشيات والفصائل المسلحة. أما البدائل فتتضمن الخيارات الآتية:
o استخدام الطرق البرية العابرة للقارة الأوروبية بدءاً من سواحل أوروبا الغربية مروراً بأوكرانيا عبر البحر الأسود إلى جورجيا عبر أذربيجان إلى آسيا الوسطى ثم شمال أفغانستان.
o إقناع الصين بتمرير الإمدادات عبر الأراضي الصينية وحتى مناطق غرب الصين ثم كيرغيزستان وأفغانستان.
o استخدام وسائط النقل البحري حتى المناطق الآمنة في جزر المحيط الهندي كجزيرة سيشل ثم جواً إلى القواعد الاميركية الرئيسية في أفغانستان وتحديداً قاعدة الباغرام.
من المعروف وربما المؤكد أن تحول الحركات المسلحة إلى قطع الإمدادات عن طريق ضرب القوافل ومراكز تجميع الإمدادات وإغلاق الطرق والمعابر