تصويت "الكونغرس" على الهجوم: كم عدد الموافقين والمعارضين؟

تصويت
الإثنين ٠٩ سبتمبر ٢٠١٣ - ٠٧:٤٥ بتوقيت غرينتش

يتكوّن "الكونغرس" الأميركي من مجلسين هما: مجلس الشيوخ (Senate) الذي يضمّ 100 "شيخ" أو "سيناتور" (إثنان من كل ولاية)، ومجلس النواب (House) الذي يضمّ 435 نائباً موزّعين على الولايات بحسب عدد سكّان كل ولاية. وعلى الرئيس الأميركي باراك أوباما أن يكسب الأغلبيّة في المجلسين، للحصول على غطاء "شرعي" للعمليّة العسكريّة المقرّرة ضد النظام السوري.

فما هي النتائج حتى اليوم، وكم صوت يحتاج مشروع قرار توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري؟
بحسب آخر التقارير الواردة من واشنطن، فإنّ التأييد للضربة هو أكبر بين أعضاء مجلس الشيوخ منه بين أعضاء مجلس النوّاب، حيث أنّ 25 من أعضاء الـSenate أعلنوا صراحة أنّهم يؤيّدون الضربة، في مقابل 17 عارضوها بشكل حازم. ولا يزال 56 من أعضاء مجلس الشيوخ في حيرة من أمرهم حتى الساعة، بينما غاب عضوان من الشيوخ كلياً عن وسائل الإعلام. وبطبيعة الحال، يحتاج الرئيس الأميركي إلى دعم 51 صوتاً من أصل 100 لتمرير مشروع الضربة في مجلس الشيوخ.
وبالإنتقال إلى مجلس النواب، فالأغلبيّة حتى اليوم هي معارضة للهجوم على سوريا، وبفارق كبير. ولهذا الغرض، تُنفّذ الإدارة الأميركية منذ أكثر من أسبوع حتى اليوم، حملة إعلامية كبيرة داخل أروقة الكونغرس بهدف استمالة المشرّعين، وعبر وسائل الإعلام الأميركية بهدف نيل دعم الرأي العام.
وفي هذا السياق، كسب مشروع الضربة التأييد الأوّلي لما مجموعه 49 عضواً فقط في مقابل معارضة 199 نائباً! وأعلن 187 نائباً أنّهم لم يحسموا قرارهم النهائي بعد، أو غابوا عن السمع، ولم يدلوا بأي تصريح إعلامي لمعرفة توّجههم الأوّلي.
ومن المعروف، أنّ أوباما يحتاج إلى تأييد 218 نائباً، على الأقلّ، لتمرير مشروع الضربة في مجلس النواب (1). في المقابل، وفي حال بلغ عدد المعارضين 218 نائباً، يسقط المشروع بطبيعة الحال في عمليّة التصويت.
ولأنّ نتيجة التصويت على الضربة العسكرية المقترحة غير محسومة بعد، يقوم نحو 12 من كبار مساعدي الرئيس، ومن المسؤولين العاملين في "البيت الأبيض"، بحملات يوميّة للتسويق للضربة، عبر إجتماعات مع كل عضو من أعضاء الكونغرس بمفرده أو من ضمن مجموعة، بالتزامن مع قيام الإدارة الأميركية بنشر مشاهد مؤثّرة لجثث ضحايا هجمات "الغوطة السورية".
ومن المقرّر أن يوجّه أوباما مساء الثلاثاء خطاباً للكونغرس وللشعب الأميركي، يشرح فيه مبرّرات الضربة، ويطلب فيه أيضاً الدعم الفعلي والمعنوي، إلى جانب إجرائه مجموعة من المقابلات مع أهم وسائل الإعلام الأميركية.
وحتى الساعة، الدعم الشعبي غير متوفّر، حيث يؤيّد نحو 24 % فقط من الرأي العام الأميركي مشروع الهجوم، في مقابل معارضة 71 %، وتردّد 5 %، بحسب أحدث إستطلاعات الرأي.
ولكسب ثقة أعضاء الكونغرس المتردّدين، على الرئيس الأميركي أن يجيب على مجموعة من التساؤلات التي أطلقوها في تصاريح إعلامية أخيراً، وأبرزها:
1- ماذا ستحقّق الضربة العسكرية على الصعيد الميداني؟ (حيث يعتبر الكثير من أعضاء الكونغرس أن لا مكان للجيش الأميركي في صراع بين محور سوريا-إيران-حزب الله من جهة ومحور المعارضة السورية-القاعدة من جهة أخرى!)
2- كم ستكلّف الضربة مادياً وعلى صعيد الأرواح؟ (حيث يعتبر الكثير من أعضاء الكونغرس أنّ إدارة أوباما تخفي التكاليف المادية المرتفعة الحقيقية للهجوم المرتقب، وتخفي الخسائر البشريّة المرتقبة داخل سوريا أيضاً، كما أنّها تخفي إمكان التورّط الميداني لاحقاً بالنزاع حيث يمكن للتطوّرات المتلاحقة أن تُسقط شعار No boots on the ground الذي رفعه أوباما).
3- ماذا سيحصل بعد إنتهاء الضربة؟ (حيث يعتبر الكثير من أعضاء الكونغرس أنّ يومين أو ثلاثة من القصف الصاروخي من البحر، وحتى من الجوّ لكن من خارج المجال الجوّي السوري، لن تكون كافية لإحداث تغيير فعلي على الأرض، ما قد يُعرّض المصالح الأميركية في الشرق الأوسط للخطر).
4- ماذا ستفعل الولايات المتحدة الأميركية في حال قيام سوريا، أو القوى الحليفة لها، بالردّ؟ (حيث يعتبر الكثير من أعضاء الكونغرس أن من غير المنطقي التسبّب باندلاع مواجهة في الشرق الأوسط، ثم وقف العمليّات العسكرية من جانب الولايات المتحدة الأميركية، بينما یکون الکیان الإسرائيلي، أو غيره من الدول الحليفة، تتعرّض للقصف مثلاً).
وممّا سبق، الأكيد أنّ الطريق أمام كسب تأييد أعضاء الكونغرس الأميركي لمشروع الضربة الأميركية على سوريا ليس سهلاً على الإطلاق، مثله مثل كسب دعم الرأي العام الأميركي. وحتى الساعة لا أغلبيّة مؤيّدة للضربة. لكن الأمور يمكن أن تتغيّر خلال ساعات وليس أيّام، نتيجة الحملات الإعلامية والسياسية الكثيفة المُنتظرة إعتباراً من صباح الإثنين. أكثر من ذلك، يعتبر عدد من الخبراء الأميركيّين أنّ أوباما قد يلجأ في نهاية المطاف إلى التصرّف من دون غطاء الكونغرس في حال فشله في نيل تأييد ممثّلي الشعب الأميركي. والتاريخ الأميركي يضم أمثلة بهذا المعنى، منها على سبيل المثال لا الحصر، قرار الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان باجتياح جزر غرانادا في العام 1983 من دون إعلام الكونغرس بالهجوم إلا بعد حصوله!

(1) تذكير أنّه عند إجتياح العراق في العام 2003، أعطى 296 عضواً في مجلس النواب الأميركي الضوء الأخضر للتحرّك (لم يبق منهم ضمن المجلس الحالي سوى 75 نائباً) في مقابل معارضة 133 نائباً آنذاك. وفي مجلس الشيوخ وافق 77 على الهجوم، في حين عارضه 23 "سيناتور".

* ناجي س. البستاني