مؤتمر لتحديد استراتيجية تجاه الولايات المتحدة أم لمواجهة ايران؟

مؤتمر لتحديد استراتيجية تجاه الولايات المتحدة أم لمواجهة ايران؟
الخميس ٣١ أكتوبر ٢٠١٣ - ٠٨:٤٧ بتوقيت غرينتش

افتتح يوم امس الاربعاء في المنامة " المؤتمر الخليجي الاستراتيجي " بمشاركة عدد كبير من السياسيين العرب والاجانب من اصحاب الاختصاص حسب بيان المنظمين والذي أكد على ان المؤتمر سيركز على موضوع "خيارات الشراكة الاستراتيجية امام دول الخليج (الفارسي )" في ضوء الواقع المستجد والشراكة الاستراتيجية بين هذه الدول والولايات المتحدة، ليخلص الى وضع القواعد وتحديد الأسس الضرورية لبناء نظام اقليمي جديد، يأخذ في الإعتبار المعطى الاقليمي وخصوصاً العلاقة مع تركيا ".

ويبدو ان المؤتمر عقد على عجل لدراسة العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية بعد أن تراجعت السعودية عن قبول العضوية غير الدائمة في مجلس الامن الدولي احتجاجا على الحوار الامريكي - الايراني الذي يراه السعوديون صفعة موجهة من الولايات المتحدة اليهم .
كما أن المؤتمر سيدرس سبل مواجهة ايران بعد تعاظم نفوذها ودورها في المنطقة، واعتراف الولايات المتحدة والبلدان الاوروبية بالدور الايراني في منطقة الشرق الاوسط .
ويبدو ان المنظمين لم يكتموا غضبهم من " الاتجاهات الجديدة التي رسمها الانفتاح الاميركي على طهران" ، وقرروا ان يتدارسوا بجدية اكبر " موضوع البرنامج النووي الايراني وما يرافقه من طموحات ايرانية الى لعب دور محوري اقليمي" ، كما ان المؤتمر خصص لهذا الامر جلسة بعنوان "تحديات استراتيجية معاصرة" تتناول تحديات البرنامج النووي الايراني وتأثيراته على المنطقة، اضافة الى المخاطر وآليات المواجهة والتطورات الاستراتيجية في الشرق الاوسط وخيارات الردع" .
ان ما نقرأه بين السطور يظهر بوضوح ان المؤتمر مخصص لدراسة سبل مواجهة النفوذ الايراني في المنطقة، وليس العلاقات الامريكية السعودية ، لان العلاقات الامريكية السعودية كما يقول صحفي سعودي هي علاقات استراتيجية وليست تكتيكية، اذا، هذه العلاقات لن تتأثر بموقف الولايات المتحدة من ايران خاصة وان السعودية ودول الخليج الفارسي اعضاء مجلس التعاون هي بحاجة الى الدعم السياسي والعسكري الامريكي وليس العكس هو الصحيح، لان حكومات دول مجلس التعاون تعتمد مائة بالمائة على الدعم الامريكي اللامحدود لها وما القواعد العسكرية الامريكية في جميع دول مجلس التعاون وتواجد القوات الامريكية فيها، الا دليل على حاجة هذه الدول لامريكا،اذا، فهذه الدول سوف لن تغير سياساتها تجاه الولايات المتحدة. المؤتمر، اذا ، يعقد لتنسيق جهود دول مجلس التعاون تجاه ايران ، وليس اتخاذ موقف من الولايات المتحدة.
ان موقف ايران من دول الخليج الفارسي موقف معلن وواضح ويقوم على اقامة افضل العلاقات مع هذه الدول. وقد اعلن الرئيس الايراني حسن روحاني عند انتخابه رئيسا للجمهورية عن سياسته الواضحة تجاه البلدان العربية المجاورة مؤكدا على عدم تدخل ايران في شؤون اي دولة جارة والتعاون معها على كافة المستويات.
ولكن دول مجلس التعاون ، لم تدرك بعد اكثر من 34 عاما من قيام الجمهورية الاسلامية ، مواقف ايران المعلنة تجاهها، ولازالت تتمسك بأوهام ومنها ادعاءها بتدخل ايران في شؤونها الداخلية، بينما يدرك الجميع بان ايران بما لها من مساحات شاسعة وثروات طائلة من النفط والغاز والمناجم والسكان وشعب ذكي ونشط وفعال ، لا تحتاج الى خيرات جيرانها، ولا تطمع فيها، بل انها هي التي تحملت طوال السنوات الماضية اعباء وخسائر كبيرة نتيجة تدخل جيرانها في شؤونها وخاصة النظام العراقي الذي شن حربا على ايران استغرقت ثماني سنوات ، والحقت خسائر بشرية ومادية جسيمة بإيران، وكان لدول مجلس التعاون حصة الاسد في دعم صدام عسكريا وماليا وسياسيا وتزويده بالسلاح والمال والافراد لمواصلة عدوانه ضد ايران ، والعمل على اسقاط النظام، وقد رد صدام على مساعدات العرب السخية له ولنظامه باحتلال الكويت ومهاجمة كل دول الخليج الفارسي بعد وصفهم بالسراق والخونة.
ان على دول مجلس التعاون ان تتراجع عن اوهامها واتهاماتها لايران، وأن تدرك جيدا بأن ايران هي صديقة لها، وعليها ان تتخذ مواقف ايجابية منها، لا ان تتخذ استراتيجية عدوانية ضدها.
* شاكر كسرائي