أوروبا تطرق أبواب طهران

أوروبا تطرق أبواب طهران
الثلاثاء ١٠ ديسمبر ٢٠١٣ - ٠٥:٥٨ بتوقيت غرينتش

من المقرر أن يبدأ وفد برلماني اوروبي يضم 8 نواب برئاسة البرلمانیة تاريا کورنبورغ ، زيارة الى طهران يوم الجمعة 13 كانون الاول / ديسمبر، وتستمر ستة أيام، في مسعى لإعادة العلاقات البرلمانية بين الاتحاد الاوروبي وايران.

الزيارة تعد الأولى لممثلي البرلمان الاوروبي الى طهران عقب التوقيع على الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة 5+1 في جنيف، والثانية بعد انتخاب الرئيس روحاني رئيسا لايران، وذلك عندما زار وفد للبرلمان الاوروبي ايران في أواخر تشرين الاول /اكتوبر الماضي، برئاسة رئيس مجموعة الديمقراطيين الإشتراكيين في البرلمان الأوروبي هانس سوبودا والتي استغرقت ثلاتة ايام، والتي كانت الاولى منذ عام 2007 ، من أجل إعادة الدفء للعلاقات البرلمانية بين الجانبين.

زيارة وفد البرلمان الاوروبي الى ايران، والتي تأتي على خلفية التأييد الملفت للحكومات والبرلمانات الاوروبية للاتفاق النووي بين ايران والغرب ، يحمل الكثير من المعاني والدلالات ، تلتقي جميعها في نقطة مشتركة واحدة، وهي الاعتراف بالدور المؤثر والايجابي للجمهورية الاسلامية في ايران على الصعيدين الاقليمي والدولي، والذي زاد من زخمه الملحمة السياسية التي صنعها الشعب الايراني بمشاركته الواسعة في الانتخابات الرئاسية في 14 حزيران /يونيو ، والتي مزقت تلك الصورة المشوهة التي رسمتها الصهيونية والجهات المعادية لايران لدى الرأي العام الغربي ، كما وفرت فرصة استثنائية للمجتمع الدولي وفي مقدمته الغرب لفتح صفحة جديدة مع ايران ، بعيدا عن اي اوهام او احكام مسبقة.

اتهام "اسرائيل" ولوبياتها في الغرب في انها الجهة التي عملت طوال كل هذه السنين لضرب العلاقة بين اوروبا وايران، ليست اتهاما عشوائيا ، وتكفي الاشارة الى المحاولات المستمية التي قام بها هذا الثنائي، "اسرائيل" ولوبياتها، لثني الوفد البرلماني الاوروبي برئاسة النائب هانس سوبودا الذي زار طهران في تشرين الاول اكتوبر الماضي ، لنعرف مدى الاحباط الذي وصلت اليه "اسرائيل" في التعامل مع السياسة الايرانية التي يعتمدها الرئيس روحاني مع العالم والمبنية على الاعتدال واحترام الاخر. فقد شن حينها نواب يمينيون في البرلمان الاوروبي من امثال النائب الاسباني اليغو فيدال كوادراس ، والنائب الاسكتلندي ستروان ستيفنسن رئيس ما يعرف بمجموعة "اصدقاء ايران حرة" ، هجوما على الزيارة داعين الى الغائها لانها على حد تعبيرهم توجه رسائل ملتبسة الى النظام الايراني!! ، اما رئيس المؤتمر اليهودي الاوروبي موشي كانتور فطلب الغاء الزيارة معتبرا انها تمثل اهانة" للاتحاد الاوروبي!!.

الملفت ان سوبودا كان قد اعلن حينها في ختام زيارته لطهران انه كسر الجليد الذي كان يلف العلاقة مع ايران خلال تلك الزيارة ، داعيا الى التعاون مع ايران لايجاد حلول لازمات المنطقة ومنها الازمة السورية. تصريحات سوبودا تلك كانت اعترافا واضحا بدور ايران الايجابي ، كما عكست حاجة الاوروبيين لهذا الدور في معالجة الكثير من الازمات والمشاكل والقضايا التي تواجهها منطقة الشرق الاوسط والعالم.

يبدو ان الغرب أيقن أن السياسة والمواقف المبدئية التي انتهجتها وتنتهجها ايران إزاء العديد من القضايا والمخاطر التي تهدد السلم والامن العالميين، مثل ظاهرة تهريب المخدرات، وظاهرة الارهاب والتطرف، هي السياسة الامثل للتصدي لمثل هذه الآفات الفتاكة ، بعد ان ساهمت السياسة الخاطئة للغرب في افغانستان والعراق وسوريا ، في انتشارها واستفحالها للاسف.

أما موقف ايران من الازمة السورية ، فقد بانت صوابيته وبشكل اكثر وضوحا، بعد عامين ونصف العام من القتال والدمار الذي أخذ يهدد سوريا ككيان، ففي الوقت الذي كانت ايران تؤكد ان لا حل عسكريا لهذه الازمة ولابد من اعتماد الحل السياسي عبر الحوار السوري السوري ، كان الغرب يدق طبول الحرب رافضا أي تسوية سياسية تجنب سوريا وشعبها الويلات، الا ان منطق الاشياء كان اقوى من منطق الاوهام، فعاد الغرب اليوم يصغي الى ايران، التي حذرته في اكثر من مناسبة ان الارهاب الذي يُصدر الى سوريا اليوم سيرتد غدا اليه ، وهذه الحقيقة كشفتها العديد من اجهزة الاستخبارات الاوروبية مؤخرا ، حيث حذرت هذه الاجهزة من ان المئات بل الالاف من الاوروبيين الذين ذهبوا الى سوريا للقتال سيتحولون الى قنابل موقوتة لدى عودتهم الى اوروبا.

ان البرلمان الاوروبي، ونظرا الى انه اكثر المؤسسات التصاقا بالشارع الاوروبي، كان محقا في طرق ابواب طهران ، عند اول دعوة وجهت اليه، بعد أن تبين للاوروبيين انهم ارتكبوا خطأ فادحا بمقاطعتهم ايران، حيث هدروا بذلك فرصا لا تعوض، بعد أن اثبتت التطورات الاقليمية والدولية والوقائع على الارض ، ان ايران جزء كبير من الحل للازمات والمشاكل التي تواجهها المنطقة والعالم.

ماجد حاتمي