للاسف الشديد ومنذ ان نكبت الامتين العربية والاسلامية بالوهابية والنظام السعودي ، لم يذق المسلمون طعم الراحة والهدوء ، وقد ساهم اكتشاف النفط الذي درّ على النظام السعودي ثروات خيالية ، في ان يكون وقع النكبة على المسلمين اكبر واقسى ، فقد طارت الوهابية الجاهلية على اجنحة دولارات النفط فغزت مختلف اصقاع المسلمين ، ففتكت بمجتمعاتهم عبر نشر فيروس التكفير ، الذي كان محصورا في كتب ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب ، فاخذ المسلمون يكفر بعضهم بعضا واريقت دماء بريئة بفتاوي ترشحت عن عقول متكلسة لا تعرف قيمة للحياة ولا كرامة لانسان.
ساهمت دولارات النفط في ان تتحول الوهابية السعودية الى اخطبوط تمتد اذرعه في مختلف العالمين العربي والاسلامي وماالقاعدة والسلفية الجهادية والقاعدة التي عاثت وتعيث في ديار المسلمين فسادا الا من ولادات شرعية للوهابية ، التي فتكت ومازالت تفتك بافغانستان وباكستان والصومال وليبيا ومصر وسوريا والعراق.
الاخطبوط الوهابي السعودي امتدت اذرعه حتى الى اوروبا وامريكا ، ورسمت الوهابية هناك صورة مشوهة وحتى قبيحة للاسلام في تلك الديار ، فكان قراصنة الجو الذين نفذوا اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر/ ايلول في امريكا جلهم من السعوديين ، ومن فجر مترو لندن وقطارات اسبانيا فكانوا من الوهابية المرتبطة بالقاعدة.
اليوم بات واضحا ان العالم اجمع جنح للسلم في سوريا لوقف المذابح هناك ضد الشعب السوري ، عدا السعودية ، التي مازالت ترفض وقف المذابح وتصر علنا انها ستظل تمد الوهابية المجرمة هناك امثال داعش وجبهة النصرة والجبهة الاسلامية وباقي التنظيمات التكفيرية ، بكل انواع الاسلحة ، وقبل ذلك ارسلت قوات لغزو البحرين لقمع ثورة شعبية لم يشهد العالم مثيلا في سلميتها ، كما افسدت على اليمنيين ثورتهم وتدخلت بشكل فج في شؤون اليمن الداخلية ، بينما عناصر القاعدة في جزيرة العرب والتي يشكل السعوديون غالبيتهم تذبح ليل نهار ابناء الشعب اليمني المظلوم وما مجزرة مستشفى صنعاء والمجازر التي ارتكبتها القوات السعودية والجهات المرتبطة بها ضد الحوثيين الا جانبا من جوانب هذا التدخل.
من الصعب جدا وضع قائمة بحالات التدخل السعودي الوهابي الطائفي في شؤون الدول الاخرى ، فهذا الامر يحتاج لصفحات طويلة ، اقلها احتضان السعودية للحكام الخونة الهاربين من شعوبهم امثال زين العابدين بن علي وعلي عبدالله صالح ودعمها المستمر لحسني مبارك وسعيها لاطلاق سراحه وتدخلها السافر في شؤون مصر وليبيا.
اما موقف السعودية من العراق لاسيما بعد سقوط صنم بغداد عام 2003 فحدث ولا حرج ، فلم تدع السعودية وسيلة ، مهما كانت قذرة ، الا واستخدمتها ضد العراق ما بعد المقبور صدام ، وناصبت النظام العراقي الجديد العداء ، فارسلت التكفيريين ومدتهم بالعتاد والمال وحثتهم بالفتاوى التكفيرية وغطت عليهم باعلامها ، الذي يهيمن على 80 بالمائة من الاعلام العربي ، رغم يد العراق الممدوة اليها ، وكانها تطلب العراقيين بثارات قديمة ، ولم ترعو السعودية رغم القاء السلطات الامنية في العراق القبض على عشرات السعوديين وبينهم ضباط في القوات المسلحة السعودية جاؤا الى العراق للقتل والتفجير والدمار ، ورغم مطالبة رئيس الوزراء المالكي من السعودية ان ترفع يدها عن العراق وان تكف اذاها ، لكن دون جدوى.
اخيرا نجحت المحاولات السعودية ضد الشعب العراقي في تسجيل اختراق في الوضع الامني العراقي ليلة الثلاثاء 10 حزيران / يونيو عندما غزت قوات داعش التكفيرية العراقية بتواطؤ من جهات تكفيرية عراقية امثال رجال الطريقة النقشبندية وجيش المجاهدين السلفي التكفيري وضباط بعثيين من القوات الخاصة والحرس الوطني الصدامي ، وكل جماعات كانت تتلقى الدعم المالي والتسليحي من السعودية ، وارتكبت مجازر يندى لها جبين الانسانية حيث اعدم اكثر من 1700 شاب ، وتم اغتصاب عشرات النساء والفتيات في الموصل وانتحار عدد كبير منهن ، وقتل علماءالدين السنة ، ولكن هذا الفعل الهمجي لاقى ترحيبا من السعودية التي اصدرت بيانا متأخرا ، حملت فيه الحكومة العراقية مسؤولية ما حدث بسبب ما اسمته سياسة "الطائفية والاقصاء" ، وحذرت من مغبة اي تدخل اجنبي!!.
المضحك ان الوهابية تصف النظام العراقي بانه طائفي ، رغم ان العراق لم يعرف الطائفية لولا السعودية و وهابيتها و رفضها للواقع الجديد في العراق واصرارها على اعادة عقارب الساعة الى الوراء حتى لو كلف ذلك احراق المنطقة بالحروب الطائفية.
البيان السعودي يشير الى الاقصاء وانه سبب ما جرى ، بينما الجميع يعرف ان طبيعة النظام العراقي لا يمكن ان يقصي اي مكون مهما كان صغيرا من مكونات الشعب العراقي ، فما بالك باهل السنة الكرام ، التي تدعي السعودية زورا الدفاع عنهم ، فالانتخابات العراقية الشفافة والنزيهة بشهادة العالم اجمع ، و وجود كل هذه الشخصيات السنية في الحكم وفي المناصب السيادية وكل هذه الاجواء الحرة والمنفتحة في ابداء الراي عبر الفضائيات والصحف الخاصة باهل السنة في العراق ، وهو امر يشهد عليه العالم اجمع ، ترى اين هو الاقصاء الذي تتحدث عنه السعودية ؟ .
اما ما يضحك الثكلى هو رفض السعودية لتدخل القوى الاخرى في شؤون العراق ، بينما يكفي الا تتدخل السعودية في العراق ليعود العراق واحدا موحدا مستقرا مزدهرا ، ولكن للاسف الشديد التدخل السعودي والمال السعودي والسياسة الطائفية السعودية والوهابية المقيتة كلها حولت نهار العراقيين الى ليل بهيم يفوح براحة الدم.
حكام ال سعود يعتقدون ان المال يكفي بان يعمي العيون ويصم الاذان ويخرس الالسن ، لذلك اصدروا بيانهم الاخير عن العراق ، بينما العالم اجمع يعرف انه لا اقصاء ولا طائفية في العراق وان هذه التهم هي تهم لصيقة بال سعود الذين يحكمون شعب جزيرة العرب بالحديد والنار وباساليب القرون الوسطى ، فالاقليات في السعودية ليست مهمشة فقط بل محكوم عليها بالابادة فهذه دهاقنة الوهابية ، يدعون ليل نهار بكفر الشيعة في جزيرة العرب ، وان البعض منهم يطلب فرض الجزية عليهم لانهم غير مسلمين ، اما الاقصاء فحدث ولا حرج ، فلا دور لشعب جزيرة العرب في الحكم او ادراة البلاد الا لابناء ال سعود ، لذا على السعودية عندما يثار اي حديث عن الطائفية والاقصاء والتدخل في شؤون الاخرين عليها ان تصمت وتبتلع لسانها.
*تراب تراب - شفقنا