بين حرق علم "داعش" وحرق لبنان

الإثنين ٠١ سبتمبر ٢٠١٤
٠٧:٤٥ بتوقيت غرينتش
بين حرق علم مازالت ردود الافعال تتوالى على حادث حرق علمي "داعش" و "النصرة" في ساحة ساسين في الأشرفية في العاصمة اللبنانية بيروت ، بين منددة ومؤيدة و متصيدة في الماء العكر.

المؤيديون اعتبروا الحادث جاء احتجاجا على الجرائم التي يرتكبها التنظيمان التكفيريان في العراق وسوريا ولبنان ، لاسيما بعد قيام "داعش" بذبح الجندي اللبناني علي السيد ، فيما المنددون اعتبروا الحادث جاء تحقيرا للشعائر الاسلامية ، لوجود شعار "  "لا إله إلا الله ومحمد رسول الله" على العلمين ، فيما قام المتصيدون في الماء العكر بحرق صلبان في مدينة طرابلس تحت علم "داعش" ، وتظاهر اخرون في مخيم عين الحلوة.

وزير العدل اللبناني اشرف ريفي امر بملاحقة الفاعلين وانزال العقاب بهم ، لما يترتب عن فعلتهم من فتنة قد تتسع الى ما لا يحمد عقباها.

ولكن هل حقا ان حرق علم "داعش" يعتبر جريمة ، لانه يحمل شعار الاسلام ؟ ، وان الفاعلين كانوا يستهدفون الاسلام والمسلمين ؟، وهل حقا جاء رد فعل المنددين بالحادث لغيرة على الدين الاسلامي ؟ ، وان تصرفهم جاء للدفاع عن الاسلام ضد من يحاولون الاساءة الية؟.

من اجل الاجابة على هذه الاسئلة ، نطرح بعض الملاحظات التي قد ترفع بعض اللبس الذي يحيط بالموضوع ، منها:

- ليس خافيا ان العلم الذي ترفعه "داعش" له جذور في تاريخ الاسلام ، ويحمل عبارات في غاية القدسية لدى المسلمين ، الا ان العلم ، شأنه شأن باقي الشعارات الاسلامية الاخرى ، اُختطف وسُرق من قبل "داعش" ، فهو علم مسروق وليس ل"داعش" ، لذا فإن من الخطا التعامل مع هذا العلم على إنه علم يعود ملكيته ل "داعش" وانه خاص بهذا التنظيم ، ونتصرف معه على هذا الاساس ،  بل هو مسروق من اكثر من مليار مسلم ، ولا يحق لاي كان التصرف بشيء ثبت بالدليل القاطع انه مسروق.

- النية او الركن المعنوي للجريمة (القصد الجرمي) عامل مهم في القانون لاثبات او نفي الفعل الجرمي ، فالذي يقتل شخصا ما في حادث سير لا يمكن اعتباره قاتلا ، على عكس من الذي يخطط لتنفيذ جريمة قتل عن سبق اصرار وترصد ،  فالاعمال بالنيات ، لذا فالظرف الذي احاط بحادث حرق علم "داعش" يؤكد ان الفاعلين لم يكونوا يقصدون اهانة الاسلام او التعرض للمسلمين ، وكل ما فعلوه كان احتجاجا على ارهاب "داعش".

- العلم الذي اُحرق هو علم "داعش" ، المنظمة الارهابية التكفيرية ، وليس شيء اخر ، وان الذين قاموا بهذا الفعل كانوا يقصدون التنديد بجرائم "داعش" من خلال هذا الفعل ، وهو فعل متداول لدى الكثير من الشعوب ، فعلى سبيل المثال عندما يتم حرق علم بريطانيا في تظاهرة ما ، احتجاجا على السياسة البريطانية الاستعمارية في بلداننا العربية والاسلامية ، لا اعتقد ان هناك شخص واحد بين المتظاهرين يفكر من خلال هذه الممارسة ان يوجه اهانة الى الدين المسيحي او المقدسات المسيحية ، لمجرد وجود شعار الصليب على العلم البريطاني.

- ان اغلب الشعارات الدينية الموجودة على اعلام التنظيمات الارهابية واعلام الدول الاستعمارية ، هي شعارات مسروقة وتم اختطافها من اهلها الحقيقيين ، لتمرير وتبرير الجرائم التي ترتكبها   ، وكما سرقت "داعش" شعارات الاسلام ، سرق المستعمر الغربي شعارات المسيحية ، لذا لا المسلمين ولا شعارات الاسلام مسؤولين عن جرائم "داعش" ، كما لا المسيحيين والا شعارات المسيحية مسؤولة عن جرائم المستعمر الغربي.

- لا اعتقد ان هناك من اهان الشعارات الاسلامية اكثر من "داعش" نفسها ، التي ارتكبت كل هذه الفظاعات ضد الانسانية ، واخرها الجريمة الكبرى التي ارتكبتها في قاعدة سبايكر في تكريت مركز محافظة صلاح الدين العراقية ، عندما قامت وخلال لحظات باعدام نحو الفي طالب في عنفوان الشباب،  وهي ترفع علم المسلمين المسروق ، وكأنها تريد ان تجعل من هذا العلم ، عن قصد واصرار ، رمزا لكل ما هو شر ، ونفس القول ينطبق على فعل المستعمر الغربي الذي ارتكب كل ذلك  الظلم بحق الشعوب تحت شعار الصليب ، و وجه بذلك اكبر اهانة للصليب والدين المسيحي ، بينما الصليب والمسيحية  براء من افعال المستعمرين ، كما الاسلام والشعارات الاسلامية براء من افعال "داعش".

- نظرة سريعة على ردود الافعال العنيفة التي اثارها حادث حرق علم "داعش" في لبنان ، تؤكد ان ردود الفعل تلك لم تكن في اغلبها غيرة على الدين بل اصطيادا في المياه العكرة ، وتنفيذ جانب من سيناريو توطين الفتنة الدائمة في لبنان للنيل من وحدته وضرب عناصر قوته ، خدمة لاجندات لم تعد خافية على اللبنانيين ، ويكفي ان اغلب ردود الفعل تلك جاءت من مناطق ، تُرفع فيها اعلام "داعش" بمناسبة او بدونها.

اخيرا المتتبع للاحداث التي يشهدها لبنان حاليا ،  يستشعر وجود ارادة وارادة قوية جدا ، تعمل لجر هذا البلد الى اتون الفتنة المدمرة ، والا كيف نفسر ان تقوم "داعش" بخطف جنود لبنانيين من بلدهم وتنقلهم الى سوريا!!، وهناك من اللبنانيين من يتوسط بين الارهابيين والجيش اللبناني ، وتقوم "داعش" بذبح جندي لبناني لانه شيعي ، وتطلق سراح خمسة جنود مختطفين لديها لانهم سنة ، وفي غضون ذلك يُحرق علم "داعش" ، فتُثار ردود افعال مشبوهة لا مبرر لها في مناطق معروفة من لبنان ، فهذه السطحية في  تبرير ردود الافعال ، ومحاولة بعض السياسيين توظيفها لصالح مشروعهم  السياسي ، كل هذا يؤكد ان هناك من يحاول اختطاف القرار اللبناني ، كما اختطفت "داعش"من قبل  الشعارات الاسلامية ، وهو ما يجب ان يدفع العقلاء في هذا البلد الى دق ناقوس الخطر قبل فوات الاوان.

*ماجد حاتمي- شفقنا

0% ...

آخرالاخبار

شاهد بالفيديو.. هدف تاريخي في نهائي كأس العرب 2025


حزب الله يدين تدنيس المصحف ويفضح خطاب الكراهية الغربي


مسؤول بحزب الله: عندما ينفد صبر المقاومة، فهذا ما سيحدث


هكذا ترد طهران على مزاعم واشنطن بـ"التعاطف مع الشعب الايراني"


إنقسام أوروبي عميق حول مصادرة الأصول الروسية وتمويل حرب أوكرانيا


تركيا تحذر قسد من نفاد الصبر وتدعوها للاندماج مع دمشق


آخر مستجدات الإعتداءات الإسرائيلية على العمق اللبناني


بزشكيان: بالعلماء والمتخصصين نستطيع تجاوز الأزمات


شهيد البرد في غزة: طفل يرحل قبل أن يعرف الدفء!


حرب الظل تنفجر.. إختراق سيبراني يربك "إسرائيل"ويكشف المستور"!