الكساسبة.. احرقته نار أججها الملك

الكساسبة.. احرقته نار أججها الملك
الخميس ٠٥ فبراير ٢٠١٥ - ١١:٢٥ بتوقيت غرينتش

من لايذكر مقولة ملك الأردن حول خطر الهلال الشيعي الذي يمتد من طهران الى جنوب لبنان، والذي أراد به تأجيج الفتنة الطائفية بين المسلمين بدفع وايحاء من القوى الغربية بهدف محاصرة محور المقاومة والقضاء عليه..

اللهم لا شماته، ومن ينكر دور الأردن في الحرب المدمرة التي تشن على سوريا منذ زهاء أربع سنوات، وقبل ذلك دور عمّان في قتل العراقيين من خلال ايواء المجرمين الفارين من بعثيين وسلفيين.

أدوار الأردن عديدة وشائكة ومربية في الوقت ذاته، فهذا البلد الذي يعيش على المساعدات الاجنبية (الغربية والعربية الخليجية غالباً) والذي وقع قبل يومين مع أميركا منحة بثلاثة مليارات دولار وأخرى خليجية بـ 175مليون دولار، والمدعوم من الحكومة الصهيونية حتى مستوى الاستهزاء به ونظامه.. يلعب دور القاعدة العسكرية الأميركية وخط الدفاع الأول في المشروع الصهيوني ـ الأميركي بالمنطقة.

أما حربه ضد داعش فهي كحرب شقيقاته قطر والسعودية وحلفاء أميركا وفرنسا الآخرين، مسرحية هدفها المنطقة وأمن الكيان الصهيوني ومحاصرة حركات التحرر... لأن داعش ببساطة ولألف مرة أخرى نقولها، هي صنيعتهم ولديهم معها أكثر من خط ارتباط، ولايزالون يدعمونها بشكل مباشر وغير مباشر، وليس بعيد عنكم خبر صفقة السلاح التي جرى الحديث عنها مؤخرا بين داعش ورومانيا، أحدى حليفات أميركا الجدد في شرق أوروبا او تعنت ورفض الحليف التركي في الحرب ضد داعش او اسقاط طائرات التحالف السلاح والعتاد "بالخطأ" ولمرات عديدة لمسلحي التنظيم في مواجهاتهم مع الحشد الشعبي والجيش العراقي وحتى قصف الحشد الشعبي والقوات العراقية ايضاً "بالخطأ" من قبل طائرات التحالف!

ليس معاذ الكساسبة بأفضل من الضباط والجنود والمتطوعين العراقيين والسوريين واللبنانيين والمصريين الذين جرى ذبحهم وحرقهم وتهشيم جماجمهم وهم يدافعون بشرف وبسالة، والذين ماتوا على عقيدة القتال التي ذهبوا بها على أرض وطنهم، على يد عصابات داعش المجرمة المدربة في الأردن وتركيا وباكستان وليبيا ما بعد ثورة الناتو، وايضا المدعومين بأموال "خادم الحرمين" وأشقاءه من أمراء النفط، والمسنودين شرعياً بفتوى "شيخ الاسلام" الاموي ابن تيمية، وسلفه من الوهابية النجديين والأردنيين والمصريين والكويتيين.. فملة الوهابية واحدة..
نعم، ليس الكساسبة بأفضل منهم، لكن لماذا كل هذه الضجة التي أثيرت حوله (وهو بالتأكيد ضحية مسكنية لسياسات حكومة تابعة للأجندات الأميركية ولهمجية التكفيريين الوهابيين الجدد)...؟

داعش من جانبه وحسب العديد من المراقبين، يريد العودة بقوة الى مبدأ "الترهيب"، خاصة بعد اخفاقاته وهزائمه في العراق وطرده من كثير من المناطق التي أحتلها بمساعدة التنسيق الأردني مع من سماهم ملك الأردن "اخواننا العشائر السنية" والذين لايزالون يعيشون في عمّان بحماية مخابرات جلالة الملك.. نعم، داعش يريد ايصال رسالة خوف الى من يخافون بالأساس ويرهبون بطشه ولايقاتلونه عن عقيدة راسخة، كما حصل للأمارات العربية التي انسحبت من التحالف فور اعلان حرق الكساسبة، فلم تكن الحرب بالنسبة لها سوى نزهة "لاسطورتها" الحربية، مريم المنصوري!
أجل، خافت الامارات المدججة بالسلاح والعتاد والتي تصرف مليارات الدولارات سنوياً على احدث الاسلحة والمعدات، والتي لا ننسى استهزاء صحافتها بالجيش العراقي في مواجهة داعش!

كما انه ـ أي داعش ـ وبهذه الخطوة سيزيد من ارباك الشارع الأردني المنقسم اساساً بين مؤيد ومعارض له، لذلك قد يكون بداية مرحلة اقتتال داخلي او تقسيم بين الجنوب السلفي والشمال العشائري، وعلى نفسها جنت براقش!

نفس الشئ بالنسبة للسعودية والامارات وتركيا، فأما الانسحاب من مسرحية التحالف الدولي ضد داعش او توقع انتقال اعمال الحرق والتفجير الى اسطنبول وأنقرة والرياض وجدة وأبوظبي ودبي وغيرها من مدن بلدان التحالف.

وهناك نقطة مهمة وراء هذا الضخ الاعلامي في قضية الكساسبة والذي يعلم الأردن جيداً أنه قتل قبل نحو شهر من تاريخ نشر فيديو حرقه.. وهو استغلال الموقف ضد سوريا!

فبدل التأكيد على محاربة الارهاب، ستقوم أميركا وحلفاءها الاقليميين بدعم فصائل ارهابية أخرى، علماً ان جسد فصائل المسلحين السوريين واحد لا فرق فيه بين داعش والنصرة والجبهة الاسلامية وأحرار الشام، وانما التمايز في المتزعمين والجهات الممولة لهم، فقط.
ولربما ارسال قوات برية غربية او اشراك قوات عربية، لضرب ما تبقى من الدولة السورية وبهدف اسقاط نظام الرئيس الأسد، الذي بدأ باحتواء فصائل واسعة من المعارضة غير المسلحة ومن خلال المبادرة الروسية.. والاّ كيف تسمح بعض الدول الاقليمية لأحد مرتزقتها (زهران علوش) بقصف عشوائي على مدينة دمشق، سوى أنهم يريدون المزيد من الفوضى والدمار وتأجيج نار القتل والحرب.. هذه النار التي ستلتهم عواصمهم بالتأكيد ولو بعد حين.

بأختصار، المنطقة على فوهة بركان مدمر وحماقات الغرب والصهاينة والرجعية العربية قد تنتهي الى كارثة وحرب عالمية ثالثة، بدأت شرارتها على يد أميركا والوهابية منذ سنوات.. ولا يوقف كرة النار هذه سوى بعض التعقل، ان وجد!

بقلم: مروة ابومحمد