الانظمة الخليجية وفي مقدمتها السعودية وقطر والبحرين والاعلام الممول من جانبها، يمكن اعتبارها امثلة مناسبة للحقد من النوع الثاني، وهو الحقد الاعمى، فهذا الحقد يجعل من صاحبه مطية لهوائه فهو يجعل الابيض اسود، والنهار ليلا، والحق باطلا، فيدفع به الى مهاوي الردى دون ان يعلم او يشعر حتى، بل لولا هذا الحقد الاعمى لما كنا نشهد اليوم حقد "داعش" الوحشي، فحقد "داعش" نتاج الحقد الاعمى لتلك الانظمة المصابة بالحقد الاعمى.
ومن الامثلة التي نشاهدها اليوم لهذا الحقد الاعمى الذي ركب تلك الانظمة الخليجية واعلامها، هو الحقد الاعمى ضد الجمهورية الاسلامية في ايران، فهو يُري هذه الانظمة واعلامها ايران عدوا، واسرائيل صديقة، والبرنامج النووي الايراني السلمي خطرا داهما مدلهما، وترسانة الاسلحة النووية الصهيونية بردا وسلاما ومظلة امان، و وقوف ايران الى جانب الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني هيمنة ونفوذ وتدخل واحتلال "فارسي" و "رافضي" وشيعي"، وجرائم الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني ومقدسات المسلمين في القدس وفلسطين مسألة فيها نظر، بل وصل الامر بهذا الحقد الاعمى ان تتسول هذه الانظمة ليس فقط امريكا ل"قطع راس الافعى" بل تتسول حتى الكيان الغاصب للقدس لاستخدام اجوائها والتعاون معه لضرب الجمهورية الاسلامية في ايران، بل دفع هذا الحقد الانظمة الخليجية الى ان تضرب حتى شعوبها من خلال ضرب اقتصادياتها عندما قامت بزيادة انتاجها للنفط بهدف ضرب الاقتصاد الايراني، بينما تؤكد الارقام التي نشرتها المراكز البحثية التابعة لهذه الانظمة ان هذه الدول تخسر في العام 300 مليار دولار بسبب سياستها النفطية، التي دفعتها للاستفادة من صناديقها السيادية.
اجمل ما سمعته عن هذا الحقد الاعمى لهذه الانظمة المتخلفة هو ما قاله الأمین العام لـ«الاتحاد العالمی لعلماء المقاومة» الشیخ ماهر حمود فی خطبته بمسجد القدس بمدینة صیدا هذا الاسبوع، عندما وصف «عرب امیرکا» بانهم اشبه ب"طفل صغیر یشعر بالرعب من قصة خیالیة یرویها لهم المربی، فیعمد الی الاختباء بحضنه طلبا للنجاة من القصة الخیالیة التی یرویها هو بنفسه" .. فإن الامیرکی "استطاع ان یؤلب العرب علی ایران فیجعلهم یعتقدون فعلا ان الخطر الداهم علیهم هو ایران ولیس «اسرائیل» ولا امیرکا ولا ایة جهة، وعندما تکتمل القصة الخیالیة لا یجد الطفل الخائف له ملاذا إلا الحضن الذی اخافه وروی له القصة.. اما ایران وقد قطعت شوطا کبیرا اخرجت امیرکا من ساحتها واستطاعت ان تحاربها.. وبنت دولة قویة بکل المعاییر والمقاییس وصولا الی النووی السلمی، وأصبحت تفاوض الغرب کله من موقع القوة ومن منطق الند للند، وتمد المقاومة بکل انواع الصمود ولکنها الیوم فی نظر هؤلاء هی العدو، کما ترید امیرکا وکما ترید إسرائیل، ولماذا هی عدو؟ لأنها من مذهب آخر، هکذا یقولون، وهل امیرکا من مذهبهم؟ ام ینتمون الی نفس الجد الذی ینحدر منه نتنیاهو؟ هذه المهزلة الکبری".
آخر إفرازات الحقد الاعمى الخليجي ترشحت على صفحات صحيفة "القدس العربي" القطرية، التي نزلت عليها وعلى الاعلام الخليجي الطائفي، انتصارات الشعب العراقي، على "الدواعش" كالصاعقة، فافقدتها صوابها، فإذا بها، تختلق كذبة لا تخرج الا من نفوس مريضة، فاذا بها تقول ما لا يقال ولا يتفق مع منطق ولا مع الواقع على الارض، حيث نقلت عن "شهود عيان" و"مواقع عراقية إخبارية": "دخول رتلين من الدبابات الإيرانية رفعت العلم الإيراني وهي من طراز (تي 72) أخذت مسارين، الأول من خانقين ثم السليمانية فكركوك، ومن المفترض ان تتقدم الى شمال محافظة صلاح الدين، والرتل الثاني الذي يضم إضافة للدبابات ناقلات جند وعربات مدفعية مر عند تقاطع القدس في ديالى، ثم تجمع في منطقة الدوز، ليتجه بعدها الى سامراء"، اما سبب ارسال ايران لدباباتها، كما تقول الصحيفة القطرية، فهو " فشل ميليشيات الحشد والقوات الحكومية في تحقيق اي تقدم في تكريت خلال الحملة العسكرية الأخيرة ،على الدولة الاسلامية".
الملفت ان هذه الكذبة العجيبة اختلقها صحفيان، يمكن للعراقيين ان يطلعا عليهما بمراجعة موقع هذه الصحيفة على الانترنت، عندها سيذهب عنهما العجب، فهما معروفان للعراقيين كصحيفتهما، بحقدهما الاعمى والطائفي البغيض على ايران والغالبية الساحقة من الشعب العراقي، ولكن العجب سيبقى لدى العراقيين، بسبب كل هذا الحقد الاعمى الذي يعتلج بصدور هؤلاء الناس .
ان ما ترشح ويترشح من حقد لا يوصف، من الاعلام الخليجي لاسيما السعودي والقطري على الغالبية العظمى من الشعب العراقي، يرضي النفوس المريضة ويريحيها وينفس عنها، فهذه النفوس الشاذة تطرب عندما يُتهم شعب كامل كالشعب العراقي بانه "طائفي صفوي رافضي مجوسي و.."وبأنه "عميل لايران" وبأنه "مشكوك بعروبته" و بأنه "طابور خامس" ، كما تحتاج هذه النفوس المريضة لضخ مزيد من الحقد لتتنفس، لذلك يدب فيها الحياة عندما تسمع ان "الجيش العراقي والحشد الشعبي يحاربون السنة " و ان محاربة "داعش" كذبة ، وان "ايران تدعم الشيعة لقتل السنة" و ان "الحكومات العراقية دون استثناء طائفية وعميلة لايران وتستهدف السنة ".
الاعلام القطري والسعودي ومن اجل ارضاء هذه النفوس المريضة، لاينفك يكذب على مدار الساعة، من خلال توظيفه جيوشا من الحاقدين والمعروفين بحقدهم المرضي الطائفي على العراقيين، فهم يصورون للمشاهد العربي، وليس العراقي، لان مخاطب هذا الاعلام هم العرب لاسيما اصحاب الميول الطائفية والمستفزة على طول الخط، فلا مكان لهذا الاعلام بين العراقيين، باستثناء من يشاطر اولئك العرب من الذين ما زالوا يتغنون بامجاد قائدهم الملهم، ففي هذا الاعلام الحشد الشعبي "ميليشا" ومهمته القضاء على السنة، في هذا الاعلام التصدي ل"داعش"هوتصدي للسنة، في هذا الاعلام تحرير المحافظات الغربية من"داعش" هو "احتلال شيعي"، في هذا الاعلام تقديم ايران مشورة عسكرية للعراق بطلب من الحكومة العراقية يتحول الى ارتال من الدبابات الايرانية تعبر الحدود، عجزت عن رصدها الاقمار الامريكية والغربية، بينما رصدتها عيون عوراء لصحفيي "القدس العربي" القطرية، في هذا الاعلام احتلال "داعش" الهمجي للمناطق السنية من العراق افضل بكثير من تحريرها على يد ابناء الوطن من الشيعة، في هذا الاعلام تقديم اسرائيل وامريكا كل الدعم لعصابات "داعش" افضل بكثير من دعم الجمهورية الاسلامية في ايران للحكومة العراقية، في هذا الاعلام تتبخر الاخبار الموثقة بالصوت والصورة لعمالة "داعش" و"النصرة" وباقي المجموعات التكفيرية في العراق وسوريا لاسرائيل، بينما يجتر هذا الاعلام اخبار مختلقة عن "قتل الشيعة للسنة في العراق"، وارسال قطر لارتال من الدبابات الايرانية الى العراق، استنادا الى "شهود عيان" و"مواقع عراقية اخبارية" و"قائد ميداني" طلب عدم الكشف عن اسمه.
العراقيون يسطرون اليوم ملحمة وطنية كبرى وهم يتصدون لجيوش الظلام المدفوعة من انظمة ظلامية كالنظامين القطري والسعودي، دون ان يعيروا اي اهتمام للحرب النفسية التي يشنها الاعلام الخليجي الطائفي الحاقد، فاليوم وعلى ابواب تكريت، التي ستعود الى حضن الوطن بسواعد الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي وابناء العشائر الغيارى، ستنتصر ارادة الخير، المتمثلة بارادة العراقيين عربا واكرادا شيعة وسنة، على ارادة الشر، المتمثلة بارادة "داعش" و كل الظلاميين الداعمين لها، رغم انف الحاقدين والطائفيين المرضى.. "قل موتوا بغيظكم إن الله مخرج ما كنتم تحذرون".
* منيب السائح – شفقنا