ظريف و"الديبلوماسية الباسمة"

ظريف و
الأربعاء ١٥ يوليو ٢٠١٥ - ٠٧:٠٤ بتوقيت غرينتش

من الصعب تصوير المحادثات النووية بين إيران والقوى الدولية الست من دون وجه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف المبتهج، الذي أظهر من خلال التوصل للاتفاق النووي، قوة يطلق عليها الإيرانيون تعبير «الديبلوماسية الباسمة».

وقاد الديبلوماسي البالغ من العمر 55 عاما فريق التفاوض الإيراني لإبرام اتفاق مع القوى الدولية في فيينا، بعد مفاوضات دامت قرابة عامين.
لكن ظريف، الذي أمضى فترات طويلة في الدراسة أو العمل في الولايات المتحدة، كان بحاجة لدعم الرئيس الإيراني حسن روحاني وتأييد ( قائد الثورة الإسلامية آية الله ) خامئني لحمايته من المعارضين بالداخل.
ووصف المحلل في مؤسسة «كارنيغي» كريم سجادبور ظريف بانه أنجح ديبلوماسي حظيت به إيران منذ الثورة، وأضاف «هو الرجل الوحيد في العالم الذي يستطيع أن يتحدث إلى (وزير الخارجية الأميركي) جون كيري في يوم ثم إلى ( السيد علي ) خامنئي في اليوم التالي، وأن يقنع كلا منهما بأنه يشاركه وجهة نظره».
واستطاع ظريف بوجهه الباسم واتقانه اللغة الانكليزية أن يبني علاقة وثيقة مع الديبلوماسيين الأجانب...
وقال جون ليمبرت، وهو نائب سابق لمساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون إيران، «عندما بدأ ظريف وفريقه المفاوضات في العام 2013 تغيرت الأجواء في الغرفة تماما». وأضاف «لكيري وظريف نهج مشابه في الديبلوماسية. ما يثير إعجابي فيهما هو أنهما يدركان أهمية التحلي بالصبر. لديهما قدرة على الإنصات والمثابرة وعدم الاستسلام».
ويألف ظريف الحضارة الغربية نظرا لأنه عاش في الولايات المتحدة مرة عندما كان يدرس في سان فرانسيسكو ودنفر، ثم عندما كان ديبلوماسيا لدى الأمم المتحدة في نيويورك، حيث كان مندوبا عن بلاده بين العامين 2002 و2007.
وأجرى ظريف اتصالات مباشرة مع مسؤولين أميركيين في السابق، الأمر الذي خدمه بقوة خلال التسعينيات عندما شارك في مفاوضات لتحرير رهائن أميركيين في لبنان.
ووجهت اليه انتقادات قاسية وصل البعض منها الى اتهامه بالجبن لأنه كان يدرس في الولايات المتحدة خلال فترة الثمانينيات بدلا من الدفاع عن بلده خلال الحرب مع العراق ( الحرب المفروضة على ايران ).
وكرر طوم كوتون، السناتور الجمهوري الذي يعارض الاتفاق النووي نفس الأقاويل عندما كتب تغريدة لظريف في نيسان لكن ظريف رد بتهنئته  على الابن الذي كان قد رزق به، وقال «الديبلوماسية الجادة وليس التشويه الشخصي الاستعراضي هو ما نحتاجه».
وكان هذا مثالا على ما وصفه حسين موسويان المفاوض النووي الإيراني السابق بأنه نهج ظريف القائم على عدم التوتر إطلاقا والذي طبقه في المفاوضات.
وبينما ساعد هذا النهج على التقريب بين ظريف ونظرائه الغربيين كان حريصا على ألا يتجاوز سلطاته ودائما ما كان يعود إلى ( قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي ) خامنئي الذي كان يعتمد على دعمه.
وقال سجادبور إن ظريف «لا يملك سلطة وضع الأهداف الإستراتيجية الإيرانية، لكنه بارع في إبراز تلك الأهداف في سياق المصالح الوطنية وليس الأيديولوجية الثورية».
أما منتقدوه في الداخل الذين يتهمونه بتقديم مسألة تحسين العلاقات مع الغرب على تلك المصالح الوطنية فلهم أن يقرأوا مذكراته الشخصية التي نشرت في العام 2013 تحت عنوان «السيد السفير». وكتب ظريف في مذكراته «ينبغي أن تبتسم دائما في المساعي الديبلوماسية.. لكن على ألا تنسى أبدا أنك تحادث عدوا».
المصدر / السفير