خطاب قائد الثورة الاسلامية القائد العام للقوات المسلحة في الجمهورية الاسلامية في ايران ، وضع الحكومة الايرانية ، امام مسؤولية جديدة ، تقتضي التحرك فورا بمجرد ورود تقارير عن تعرض الحجاج الايرانيين وجثامين ضحايا كارثة منى الى الاساءة ، مهما كانت صغيرة ، او في حال استمرت السعودية في تجاهلها المريب للمطالب الايرانية ، وهي رسالة استشعرت السلطات السعودية جديتها.
كان من الصعب جدا التعامل بذات اللغة الدبلوماسية التي اعتمدتها ايران ، بعد ان اصمت السعودية اذنيها عن سماع المطالب الايرانية ، ورفضت التعاون مع ايران حتى بالحدود الدنيا في البحث عن مفقوديها او تسليمها جثامين الضحايا ، وجاء استفزازيا الى ابعد الحدود ، عمق الجرح النازف في الجسد الايراني ، فكان لابد من ارسال رسالة قوية و واضحة اللغة لا تقبل التأويل ، الى القيادة السعودية ، التي اعتادت التعامل مع الكوارث التي تنزل على حجاج بيت الله الحرام ، بين فترة واخرى ، بطريقة غير مسؤولة ، بل ومهينة في اغلب الاحيان ، بسبب المواقف المتراخية والخجولة لحكومات الدول التي تفقد رعاياها في مواسم الحج ، اما طمعا او خوفا.
بعد خطاب قائد الثورة الاسلامية مباشرة ، تغير خطاب وتعامل السعودية مع موضوع المفقودين وجثامين ضحايا كارثة منى كليا ، فقد سمحت للوفد الايراني الذي ترأسه وزير الصحة الدكتور حسن هاشمي ، بزيارة المستشفيات والمراكز الطبية ، وتفقد الاماكن التي كانت تحفظ بها جثث القتلى ، كما تم ترتيب لقاء للوفد بكبار الشخصيات في خمس وزارات سعودية بالاضافة الى ضباط سعوديين كبار، والتقى الوزير هاشمي ايضا بنظيره السعودي ، والمعروف ان الوفد الايراني لم يتمكن في البداية من التوجه الى السعودية بشكل مباشر ، لذلك اضطر ان يذهب الى قطر ومن هناك الى السعودية.
في نفس اليوم الذي القى قائد الثورة الاسلامية خطابه ، اضطرت السعودية للكشفت عن مصير الحجاج الايرانيين، فاذا بعدد القتلى يرتفع من 239 الى 465 قتيلا ، بينما كانت السلطات السعودية ، وعلى مدى سبعة ايام ، ترفض التعاون مع ايران للكشف عن مصير حجاجها المفقودين ، في تصرف اقل ما يقال عنه انه لاانساني ولا اسلامي ، فكل ما كان يشغل السعودية ، هو طمس معالم فشلها الذريع في ادارة شؤون الحج ، وزاد الفشل هذا بشاعة ، التعامل البعيد كل البعد عن القيم الاسلامية والانسانية لقوات الامن والدفاع المدني مع ضحايا وجثث قتلى كارثة منى ، والتي تم توثيقها بالصوت والصورة.
من الخطأ الاعتقاد ان ما اقامت به السعودية من اجراءات تحت ضغط خطاب قائد الثورة الاسلامية ، هو تعاون سعودي يمكن ان يفضي الى انفراجة في الازمة الناشبة بين البلدين بسبب كارثة منى وما تلاها من كارثة التعامل السعودي معها ، فالسعودية مطالبة بالكشف عن الاسباب الحقيقية التي ادت الى وقوع كارثة منى ، بعد ان ساهم تصرفها المريب ، في اثارة الشكوك حول حقيقة ما وقع ، هذا اذا ما اضفنا الى ذلك ما قيل عن وجود عوارض يعاني منها بعض المصابين ، وهي عوارض لا تنتج عن حالات التدافع ، بل بسبب التسمم ، كحالات فقدان الذاكرة ، كما اكدت بعض المصادر الطبية ، لذلك من مصلحة السعودية ، الكشف عن حقيقة ما وقع ، قبل ان يقع ما لا تتوقعه ، في ظل استمرار مفاعيل خطاب قائد الثورة الاسلامية ، وعندها سيتضاءل خطر ما تخفيه الان ، امام الاخطار القادمة.
* ماجد حاتمي / شفقنا