اجتماع فيينا 2 حول سوريا واولوية المصداقية

اجتماع فيينا 2 حول سوريا واولوية المصداقية
الخميس ١٢ نوفمبر ٢٠١٥ - ٠٢:٤٢ بتوقيت غرينتش

تعتقد الجمهورية الاسلامية الايرانية بأهمية تجريد اجتماع (فيينا ــ 2 حول سوريا) المزمع عقده يوم السبت القادم 14 نوفمبر الجاري، من المواقف السلبية والشروط التعجيزية التي شابت أعمال (فيينا ــ 1) بسبب السياسات الإستعلائية والإملائية للنظام السعودي وحلفائه.

إن من الضرورة بمكان ان تكون أعمال هذا الاجتماع المرتقب بمستوى التحديات والتهديدات الإقليمية والدولية التي يمكن ان ينذر بها تفاقم الازمة السورية يوما بعد آخر نتيجة لتجاهل خطر الجماعات الإرهابية المتطرفة "داعش وأخواتها" على السلم والأمن العالميين.

فمن الثابت لإيران واصدقائها المقاومين ولكل العقلاء والشرفاء والاحرار في العالم، أن قيام ما يسمى بـ"دولة الخلافة الداعشية" في الأراضي السورية والعراقية المحتلة، وانقطاع التكفيريين الدمويين عن المجتمع الدولي، وهم يمارسون مختلف الموبقات المشينة باسم الاسلام، هو عبارة عن مسرحية ساخرة بكل معنى الكلمة.

كما ان اعترافات المسؤولين العسكريين الأميركيين والغربيين باطلاعهم على جميع تحركات الدواعش ابتداء من الرقة وانتهاء بالموصل، اضافة الى الاسنادات العسكرية والتموينية التي تسقطها طائرات البنتاغون على مناطق دولة التكفير والجريمة المنظمة، والتي كشفت عنها وسائل الاعلام العراقية والأقليمية كل هذا ربما يُلقي غباراً كثيفا من الشك على جدوى أية محادثات دولية لأعادة الاستقرار والأمان الى سوريا والى المنطقة برمتها في خضم هذه الإزدواجية القاتلة.

الى ذلك فإن المطالب الهزيلة التي عرضها وزير خارجية آل سعود في الاجتماع فيينا السابق 29 ـــ 30 اكتوبر 2015 التي ركزت على ان الحل السوري رهن بغياب الرئيس بشار الأسد عن السلطة والساحة السياسية، ما هو إلا التفاف منافق على الأزمة الكارثية القائمة في سوريا، والتي تأججت بفعل عوامل عديدة منها تواطؤ دولارات النفط الخليجية مع الخطط الإستخبارية الصهيوغربية لإحالة هذا البلد الثوري العظيم الى إقطاعيات اجرامية حقودة "ذات مسحة دينية".

لقد اعلنت الجمهورية الاسلامية انها دائما مع اي جهد دولي او اقليمي او انساني يمكن ان يؤدي الى تسوية الأزمة السورية بالتي هي أحسن، لكن شريطة الابتعاد عن مخاطبة الشعب السوري بلغة الإملاءا ، فهذا الشعب بلا أدنى شك، هو افهم بكثير من آل سعود وخادمهم عادل بن جبير ومن لف لفهم، وهو صاحب القرار الاول والأخير في تقرير مصيره وانتخاب رئيس الجمهورية والبرلمان وفقا للمعايير الحضارية والدولية.

وفي هذا المضمار ينبغي على الاطراف المشاركة في الاجتماع الجديد ان تشطب من اجنداتها اي تصور عن تشكيل حكومة انتقالية في سوريا تحت ذريعة حضور ممثلين عن اطياف المعارضة السورية باعتبار ان العقل والمنطق يرفضان دعاوى كل من هبّ ودبّ بأنه معارض وصاحب ثقل في الساحة السياسية، لأن الميزان هو صوت الشعب وصناديق الاقتراع وليس تزكية آل سعود وآل ثاني وسلطان تركيا الجديد، وليس من تدربوا في كواليس السي آي ايه والموساد الإسرائيلي وماشاكل ذلك.

من المؤكد ان ابناء الامة الاسلامية والعربية والعالم الحر يتطلعون الى اتخاذ قرارات حازمة في فيينا، لمحاربة الارهاب التكفيري المستشري في سوريا على ان تتم هذه العملية عبر اشراف الدولة السورية وليس سواها، والى اعادة الأمن والسلام الى ربوع هذا البلد المناضل. وكذلك الى وضع البرامج اللازمة لإعادة اعماره بعدما تبدل الى أشلاء ودمار وخراب طيلة السنوات الماضية.

نعم ان ايران ستشارك في فيينا ـ 2 وهي تضع في عين الحسبان ان مشاركتها ومن معها من الاطراف الصادقة والشريفة تهدف الى اخراج سوريا من هذه الفتنة السوداء المفتعلة نتيجة لتدخلات الاشرار المعروفين بسيماهم. فمهمة طهران واضحة وهي محددة في هذا الإتجاه وحسب، ولهذا فانه يخطئ من يعتقد بأن جلوس المسؤول الايراني الى طاولة تضم المسؤول الأميركي في فيينا، يمكن ان يفسر بأكثر من هذه الدلالة.

فالمُعلن ان دبلوماسية الجمهورية الاسلامية الراهنة، وكما صرح بذلك كبار المسؤولين في وزارة الخارجية ليست في وارد الخوض في محادثات ايرانية ــ اميركية بشأن اي نوع من القضايا الإقليمية، علما ان  فيينا ــ 2 تأتي بمبادرة من روسيا وان موفد الولايات المتحدة سيشارك في الاجتماع شأنه  شأن مندوبي 20 دولة، اضافة الى ممثلَي الامم المتحدة والإتحاد الاوروبي .. لا أكثر.

حميد حلمي زادة