"إسرائيل" الرابح الوحيد من تفجير الأوضاع في لبنان

الخميس ٢٥ فبراير ٢٠١٦ - ٠٧:٤٠ بتوقيت غرينتش

يبدو ان لا البيان الصادر عن الاجتماع الطارىء لمجلس الوزراء اللبناني، الذي اكد على تضامن لبنان مع أشقائه من الدول العربية، ولا تصريحات وزير الخارجية جبران باسيل، و لا الزيارات التي قامت بها شخصيات لبنانية الى السفارة السعودية في بيروت، لم يخفف من غضب الرياض، ازاء “الاخطاء” التي ارتكبتها الحكومة اللبنانية بحق السعودية.

الخط البياني للاجراءات التي تتخذها السعودية بحق لبنان، يتخذ منحى تصاعديا متسارعا، فبعد وقف الهبة التي قدمتها الرياض للجيش والقوات الامنية في لبنان، دعت الخارجية السعودية رعاياها الى مغادرة لبنان، وهو قرار اتخذته ايضا الامارات والبحرين والكويت تضامنا مع السعودية، وهناك توقعات ان يرتفع الخط البياني للتصعيد الى اكثر من ذلك خلال الايام الليلة القادمة.
تبرر السعودية غضبها من لبنان بخروج لبنان عن الاجماع العربي واتخاذه مواقف لا تتلائم مع السياسة السعودية ازاء قضايا المنطقة، وخاصة قضية التعرض للسفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد، عقب اعدام السعودية للعلامة الشيخ نمر محمد باقر النمر، بينما تؤكد الحكومة والخارجية اللبنانية، بالصوت والصورة، انهما ادانتا هاتين الحادثتين وفي اكثر من مرة.
التصريحات التي ادلى بها السفير السعودي لدى لبنان علي عواض عسيري، في مقابلة مع وكالة “فرانس برس”، يوم الاربعاء، حملت ما يمكن اعتباره تهديدا مبطنا للحكومة اللبنانية، ففي رده على سؤال حول احتمال اتخاذ بلاده اجراءات اضافية قد يطال بعضها ترحيل اللبنانيين العاملين في السعودية، قال عسيري “هذا يعود الى قيادتي والى نظرتها لما يُتخذ في لبنان.. اتمنى الا نصل الى هذه المرحلة (الترحيل) وان يُتخذ إجراء (من الحكومة اللبنانية) يرضي المملكة العربية السعودية وينهي المشكلة!!.
المتتبع لمواقف السعودية ازاء الخطوات التي قام بها لبنان حكومة وشخصيات سياسية، منذ الاعلان عن وقف الهبة، لا يستشعر وجود تفهم سعودي للوضع اللبناني الداخلي المعقد والهش، فمن الواضح ان السعودية تحاول دفع حلفائها داخل لبنان الى اتخاذ مواقف السعودية بحذافيرها ازاء القضايا الداخلية، كالموقف من حزب الله، والخارجية كالموقف من ايران، دون الاخذ بنظر الاعتبار خطورة هذه السياسية التي يمكن ان تدفع الاوضاع في لبنان الى حد الانفجار، وعندها لن يكون هناك رابح سوى “إسرائيل”.
هذه الحقيقة أكدها وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل عندما قال “اننا ننحاز الى الوحدة الوطنية اذا خيرنا بين الاجماع العربي والوحدة.. نحن امام مشكلة كبيرة اذا لم تتفهم الدول العربية موقفنا وتركيبة لبنان.. المشكلة ان هناك من يطالبنا بأكثر من ذلك.. ان مواقف الخارجية متقدمة اكثر من (مواقف) البيان (الوزاري) في موضوع التضامن مع السعودية لاننا اكدنا ادانتنا للتعرض للسفارة السعودية في طهران منذ اللحظة الاولى، الا اننا رفضنا البيان الذي يدين “حزب الله” كونه مكون داخلي وذلك سيحدث توترا في الداخل اللبناني”.
من الواضح ان السعودية تسعى للضغط من اجل ان يقوم فريق لبناني على ادانة فريق لبناني اخر، وليس ادانة التعرض للسفارة السعودية، وهو امر خطير جدا في بلد مثل لبنان قائم على توازنات معقدة وهشة، وهذا الامر ليس خافيا على السعودية، فهي الاعرف بخفايا المشهد اللبناني، لذا من حق الكثيرين ان يشعروا بالخطر ازاء الخط البياني التصاعدي الذي تتخذه الاجراءات السعودية ضد لبنان، ففي حال استمرارها بهذه الوتيرة، فمن المؤكد انه سيدفع بالاوضاع في هذا البلد الى ما لا يحمد عقباه، وسيكون لبنان مرشحا للدخول الى نادي الدول المنكوبة بالصراعات والفوضى، وهو ناد سبق لبنان اليه العراق وسوريا ولبنان واليمن؟
 

* ناصر أبو فخري - شفقنا