وصرح ستراشي لصحيفة داي برس النمسوية "ثمة شبه انطباع أن الانقلاب قامت به" السلطة، مضيفاً أن "آليات كهذه سبق أن تجلت في شكل مأسوي في التاريخ، مثلا عند إحراق الرايشتاغ".
ومن دون أن يتهم السلطات التركية علناً بأنها كررت هذا السيناريو، اتهم ستراشي الرئيس رجب طيب إردوغان باستغلال محاولة الانقلاب في بلاده لإرساء "ديكتاتورية رئاسية" عبر "قوائم أعدت سلفا" لمعارضين ينبغي اعتقالهم.
وأتاح إحراق البرلمان الألماني ليل 27-28 شباط/فبراير 1933 للمستشار النازي آدولف هتلر الذي كان انتخب لتوه إلغاء الحريات المدنية وتصفية المعارضة بذريعة مكافحة الشيوعية.
ويرى بعض المؤرخين أن هذا الحريق خطط له الحزب النازي في شكل مباشر.
وأثار المستشار النمسوي كريستيان كيرن استياء أنقرة حين دعا هذا الأسبوع إلى إنهاء مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
ويقول مراقبون إن الحزم حيال تركيا هو موقف جامع لدى السياسيين النمسويين سواء في صفوف الائتلاف الحاكم أو بين أحزاب المعارضة.
وقال إردوغان في لقاء مع قناة الجزيرة القطرية مساء الأربعاء إن الحكومة التركية الإسلامية قد بدأت حملة استباقية ضد محاولة الانقلاب منذ عام 2000. وأكد أنه شرع في دك قلاع الانقلابيين وإغلاق مدارسهم المشبوهة منذ تلك السنة.
وقال إن الحكومة التركية كانت بصدد استبعاد عناصر غولن من مجلس الشورى العسكري والجماعة حاولت استباق ذلك بالانقلاب.
وزعم إردوغان أن تركيا أحبطت محاولة انقلابية سابقة في ديسمبر/كانون أول 2013، معترفاً بأنه بدأ حملة لـ"تطهير الجيش من الانقلابيين بالشكل الصحيح".
ويقول محللون إن هذه التصريحات تثبت النوايا المبيتة لأردوغان ولحزبه الإسلامي الحاكم (العدالة والتنمية) في أسلمة الدولة التركية وأن الانقلاب الفاشل لم يكن إلا مجرد بداية لانعطافة تاريخية وتسريع جنوني لعملية الأسلمة.
وقال إردوغان إنه بحاجة إلى الشروع في بناء دولة ننشئها من الصفر.
وفي أطار حملة التطهير التي أعقبت محاولة الانقلاب في منتصف تموز/يوليو، أقيل ستون ألف شخص على الأقل أو اعتقلوا أو أوقفوا احتياطياً بحجة قربهم من الداعية فتح الله غولن الذي اتهمته أنقرة بتدبير الانقلاب الفاشل.
كما يسعى الرئيس التركي للعب ورقة شعبيته المتآكلة محلياً وخارجياً للتأكيد على أن الاجراءات التعسفية التي يواجه بها خصمه غولن وانصاره هي اجراءت تحظى بمباركة أغلبية ساحقة من الشعب التركي.
ويفترض أن ينزل عدد من الاتراك إلى شوارع اسطنبول الاحد بدعوة من إردوغان في تجمع يأتي في ختام ثلاثة اسابيع من التعبئة الشعبية "من اجل الديموقراطية"، بعد محاولة الانقلاب التي وقعت منتصف يوليو/تموز.
وكان أردوغان دعا مؤيديه إلى النزول إلى الشوارع للتصدي للانقلابيين.
ويأمل الرئيس التركي أن يكون عدد المتظاهرين بالملايين كما يقول، في وقت ما يزال يشعر فيه بخوف شديد مما حصل له ومن احتمال حدوث محاولات جديدة من انصار غولن للإطاحة به.
ويفترض أن يشارك في هذا التجمع مئات الالاف من الاتراك في ساحة ينيكابي على شاطئ بحر مرمرة، وقد يبلغ عددهم 3.5 ملايين كما ذكرت صحيفة حرييت.
وسيحضر الرئيس إردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلديريم وكبار قادة المعارضة التجمع في اسطنبول حيث سيرفع العلم التركي حصرا ولن يسمح برفع أعلام الاحزاب السياسية التي ستلبي دعوة حزب العدالة والتنمية.
ويفترض أن تشكل هذه التظاهرة خاتمة التظاهرات اليومية منذ الانقلاب الذي قام به جزء من الجيش وهز السلطات لساعات.
ووصف إردوغان محاولة الانقلاب بأنها "كانت تشبه الزلزال ونعمل على منع أي هزات ارتدادية لها".
ويعلق مراقبون باستهزاء على حالة الرعب الشديد التي تنتاب إردوغان هذه الأيام بالقول إن الرجل يبالغ في خوفه إلى الحد الذي لا يستبعد فيه أن يعترف إردوغان بأنه "يشك حتى في نفسه"، ما دامت حملة التطهير ضد انصار غولن ستطال حزب العدالة والتنمية الحاكم (حزب أردوغان) نفسه.
ويسعى الحزب الإسلامي المحافظ إلى استبعاد المشتبه بهم في دعم غولن من بين صفوفه.
وبحسب الوثيقة الداخلية لحزب العدالة والتنمية، فإن "إقصاء" المتعاطفين مع غولن من بين أعضاء الحزب يجب أن يتم "بدقة وفورا" من أجل "استعادة مناخ السلام والثقة"، بحسب التقرير.
ويتهم إردوغان الداعية غولن بالتخطيط لمحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز/يوليو، وأطلق حملة واسعة ضد المشتبه فيهم بتأييد غولن.
وأصدرت محكمة بإسطنبول مذكرة اعتقال بحق غولن الخميس. وكان تم استصدار مذكرة اعتقال ضد غولن العام 2015 لتأسيسه منظمة إرهابية مسلحة وتعليمه لأفرادها حسبما يزعم.
ويطالب مسؤولون أتراك الولايات المتحدة بتسليم غولن، لكنه لم يتم إرسال طلب رسمي بذلك.
وذكرت الحكومة التركية أنه تم تعليق عمل أكثر من 60 ألف موظف حكومة أو فصلهم في أعقاب محاولة الانقلاب. وتم احتجاز أكثر من 25 ألف شخص، صدرت بحق 13 ألفا منهم مذكرات اعتقال.
وقال غولن إن مذكرة التوقيف الصادرة بحقه لا تغير وضعه، ونفى مجددا أي تورط في محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا.
وأضاف في بيان" صدور مذكرة اعتقال من محكمة تركية لا يغير شيئا من وضعي أو وجهات نظري".
وقال غولن "لقد أدنت مرارا وتكرارا محاولة الانقلاب في تركيا، ونفيت أي علم أو مشاركة.. من الأمور الموثقة أن نظام المحاكم التركي يعمل بدون استقلال القضاء، وصدور مذكرة الاعتقال مثال آخر على توجه الرئيس أردوغان إلى التسلط بعيدا عن الديمقراطية".
المصدر: ميدل ايست أونلاين
104-4