صاحبة "الفوضى الخلاقة" تفجر مفاجآت حول غزو العراق وأفغانستان!

صاحبة
الخميس ١٨ مايو ٢٠١٧ - ٠٥:٥١ بتوقيت غرينتش

ستدخل السيدة كونداليزا رايس وزيرة الخارجية، ومستشارة الامن القومي الأميركي السابقة التاريخ لأسباب عدة، ابرزها انها اول سيدة من أصول افريقية تتولى هذا المنصب أولا، ولأنها كانت زعيمة دبلوماسية الحروب في أفغانستان والعراق في زمن رئاسة جورج بوش الابن ثانيا، ولكونها صاحبة “نظرية الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط”، التي نراها تتجسد امامنا حروبا، ودولا فاشلة، وتهجيرا، وتقسيمات طائفية.

العالم - مقالات

السيدة رايس التي خدعت الكثيرين من الكتاب و”المفكرين” العرب من خلال تبريرها للحربين المذكورين آنفا (افغانستان والعراق) بالحديث عن تحويلهما جنتين للديمقراطية وحقوق الانسان والرخاء الاقتصادي، اعترفت في محاضرة لها القتها قبل أيام في معهد بروكينغ الأميركي “ان الولايات المتحدة لم تذهب الى غزو أفغانستان عام 2001، والعراق عام 2003 من اجل تحقيق الديمقراطية، بل للإطاحة بحركة طالبان التي وفرت ملاذا آمنا لتنظيم “القاعدة”، وحكم الرئيس العراقي صدام في بغداد، الذي كنا نظن انه كان يعيد بناء ترسانة من أسلحة الدمار الشامل”.

لا شك ان هذا الاعتراف جاء متأخرا ولكنه على درجة كبيرة من الأهمية لانه يقدم تفسيرات دقيقة، وواضحة، لما يجري حاليا من عمليات تفتيت للدول القطرية، خاصة في سوريا واليمن وليبيا، تحت عنوان الديمقراطية وحقوق الانسان.

لا نجادل مطلقا بأن الحكومات في هذه الدول لم تكن ديمقراطية، وسجلاتها على صعيد حقوق الانسان لم تكن وردية على الاطلاق، لكن ما ازعج الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين والعرب كان طموحات حكوماتها في امتلاك أسباب القوة العسكرية، ومعارضتها بشدة لكيان الاحتلال الاسرائيلي، وتصديها للمشاريع الاميركية في المنطقة المسخرة لخدمة كيان الاحتلال، واضعاف الجميع حتى تبقى قوية متفوقة.

الحكومات التي تسير في الفلك الأميركي وتستضيف قواعد عسكرية أميركية، وتآمرت على العراق وأفغانستان، وغزت اليمن لاحقا، لم تتعرض لغزو اميركي، ولم تشهد ثورات تطالب بالحرية وحقوق الانسان وتطبيق القيم الديمقراطية، بل استمرت في الحكم، وانتقلت الى مقعد القيادة في المنطقة العربية، وهيمنت على الجامعة العربية، ومولت حروب التفتيت وسلحتها، رغم انها لم تعرف الحد الأدنى من اشكال الديمقراطية والحريات وحقوق الانسان، ولم يعرف مواطنوها صناديق الاقتراع، او البرلمانات المنتخبة.

اعتراف السيدة رايس لن يعيد لنا حياة مليون عراقي قتلوا جراء الغزو الأميركي، ولا مئات الآلاف من القتلى الليبيين والافغان واليمنيين، الى جانب الجرحى واليتامى والارامل، ولكنه يظل مهما من ناحية كشف “كتائب الدجل” العربية، في الحكومات ومؤسسات الاعلام والجامعات والندوات والمعاهد البحثية، الذين تجندوا في خدمة المشاريع الاميركية هذه، بقصد او بدون قصد، وهيمنوا على المنابر، وما زالوا، لسنوات عديدة باعتبارهم الحضاريين الديمقراطيين الداعمين للحريات وحقوق الانسان.

كنا في هذه الصحيفة “راي اليوم”، وفي العديد من الصحف الأخرى، من المشككين بالادعاءات الاميركية حول الديمقراطية، والمعارضين بشراسة لكل حروبها في أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا واليمن، المدعومة بقوى محلية وإقليمية، وطالنا الكثير بسبب ذلك، وكظمنا الغيظ، وها هي الأيام تكشف الحقائق واضحة امام الملأ دون أي رتوش.

لن نشكر السيدة رايس على اعترافها المتأخر، لان اياديها، مثل رئيسها جورج بوش، وأعضاء ادارته، ملطخة بدماء قتلانا، ولكننا نحترم شجاعتها في قول الحقيقة، او بعضها، لعل بعض المخدوعين العرب، وما اكثرهم يعودون الى رشدهم، ويعترفون بخطاياهم أيضا، وان كنا فاقدين الامل في هذا المضمار.

“راي اليوم”

2-4