في خنادق جيش التحرير الفلسطيني في سوريا: حين لا تضيع البوصلة

في خنادق جيش التحرير الفلسطيني في سوريا: حين لا تضيع البوصلة
الأربعاء ٣٠ أغسطس ٢٠١٧ - ٠٤:١٤ بتوقيت غرينتش

مسار حافل بالوطنية والمسؤولية ذلك الذي سلكته قيادة جيش التحرير الفلسطيني في سوريا، منذ بداية الأزمة التي احتاجت من اللواء محمد طارق الخضراء (القائد العام لجيش التحرير الفلسطيني) إفراد قسم كبير من وقته للعمل على الجانب التوعوي والمعنوي لدى جنوده وضباطه شارحاً لهم البعد الفتنوي لافتعال الأحداث في سوريا وتدميرها لمصلحة "اسرائيل" والولايات المتحدة، وصولا إلى تصفية القضية الفلسطينية.

العالم - مقالات وتحليلات

نجح اللواء الخضراء في شرح الأمر لجنوده وضباطه وهم الذين يدينون له بالكثير من الحب والولاء. ولم تكد تمضي أشهر على بداية الأزمة في سوريا حتى وردت إلى القيادة السورية رسالة من اللواء الخضراء تفيد بوضع كافة إمكانيات جيش التحرير الفلسطيني تحت تصرفها من أجل حماية سوريا الوطن ضد الإرهاب ببعديه الصهيوني والتكفيري فكان الجواب: عندما نحتاجكم فلن نتردد، فأنتم أخوتنا.. وهكذا كان.
 مبتسما وواثقا يستقبلك اللواء محمد طارق الخضراء القائد العام لجيش التحرير الفلسطيني الذي ينتمي لعائلة فلسطينية طالما حظيت بثقة الحكومة السورية ومنها خرج شقيقه اللواء حازم الخضراء قائد سلاح الجو في الجيش العربي السوري الذي خاض أشرس المعارك ضد العدو الصهيوني.

اللواء الطاعن في الخبرة العسكرية يفوق الشباب في نشاطهم وحيويتهم وهو ما يلاحظه زائره بوضوح، فلم نتأخر في الدخول مباشرة في الحديث عن بداية الأزمة وموقفه منها.. فتحدث اللواء الخضراء لـ"موقع العهد" مبيناً أن "معظم شباب جيش التحرير الفلسطيني كانوا يسكنون في أرياف المحافظات السورية والتي كانت في ذلك الوقت تشكل حاضنة للإرهاب وكان من الصعوبة الكبيرة انتزاعهم من هذه البؤرة التي تحرض ضد سوريا فوجب بالتالي على قيادة جيش التحرير الفلسطيني أن تبذل جهوداً مضاعفة لتوضيح الأهداف الخفية وراء ما يجري وهذا ما ساعده عليه الشباب الفلسطيني المنضبط ميدانيا وعقائدياً".

ويوضح اللواء الخضراء أن "أولى ثمار التنسيق بين جيش التحرير الفلسطيني والقيادة السورية بدأت عندما طلبت القيادة السورية من عناصر هذا الجيش تولي مسؤولية حماية عدد من المنشآت الحيوية والاقتصادية الهامة التي تساعد في توفير احتياجات المواطنين السوريين كمحطات توليد الكهرباء ومخازن الوقود وغيرها وكان أحد أبرز تجليات هذا العمل قيام وحدات من جيش التحرير الفلسطيني المكلفة بحماية محطات الوقود في عدرا العمالية في رد الإرهابيين على أعقابهم عندما حاول الإرهابيون التسلل باتجاه الطريق الدولية بين دمشق وحمص والتي لا تبعد عن عدرا العمالية أكثر من ألف ومئتي متر، فقام عناصر الكتيبة ثمانين التابعة لجيش التحرير بالتصدي لهم وردهم إلى داخل المدينة بعدما أوقعوا في صفوفهم خسائر فادحة".

وأوضح أنه "لو تمكن الإرهابيون من الوصول إلى الطريق الدولي لقطعوا أوصال دمشق والمنطقة الجنوبية عن المنطقتين الوسطى والساحلية وكان هذا من أعظم الخطوب".

ويشير قائد جيش التحرير الفلسطيني الى أنه "بعدما تبين للجيش العربي السوري ولرجال حزب الله مدى كفاءة وانضباط عناصر جيش التحرير بدأت مرحلة جديدة من التعاون أساسها القيام بعمليات هجومية مشتركة".

أبلى المقاتلون الفلسطينيون بلاء حسنا في معارك تحرير عدرا البلد وعدرا الحرة والصناعية وحوش الفارة وحوش نصري وتل الصوان وتل كردي وميدعا وفي اكثر من خمسة عشر موقعا قاتل فيها رجال جيش التحرير جنباً الى جنب مع الحرس الجمهوري السوري ورجال المقاومة اللبنانية.

فعلى سبيل المثال تمكن رجال الكتيبة 12 التابعة لجيش التحرير من المساهمة الكبيرة في استعادة الشيخ مسكين والكتيبة المهجورة في ريف درعا الشمالي، وبناء عليه فقد نال العميد الركن في جيش التحرير الفلسطيني وليد مرعي الكردي وسام الرئيس بوتين تقديرا لشجاعته وجنوده في المعارك، كما نال ضباط آخرون وسام الشجاعة من اللواء الخضراء نفسه الذي كان يتابع العمليات العسكرية لحظة بلحظة.

واوضح اللواء الخضراء أن "مشاركة جيش التحرير في المعارك لاحقا ساهمت إلى حد كبير في استعادة داريا والمعضمية، كما أن عناصره قاتلت إلى جانب الفرقة الرابعة في معارك خان الشيح ووادي بردى والقابون وبرزة ولا تزال تسطر أروع الملاحم في معارك جوبر وعين ترما".

ولم ينس اللواء الخضراء المعارك البطولية التي شارك بها مقاتلوه إلى جانب رجال المقاومة اللبنانية في الغوطة الشرقية والزبداني وفي ريف السويداء والدفاع الأسطوري عن مطار خلخلة حيث تمكنت الوحدات المتمركزة في منطقة أبو حارات وبعض المرتفعات القريبة من تكبيد الإرهابيين خسائر فادحة ومنعهم من الوصول إلى المطار فضلا عن الأداء الرائع لمقاتلي الكتيبة 13 في البادية وفي تل دكوة ورجم البقر تحديدا حيث نال الضباط الفلسطينيون ثناء وزير الدفاع السوري.

قائد جيش التحرير الفلسطيني وعبر موقع العهد المقاوم لم يفته أن يوجه التحية لشهداء جيش التحرير الفلسطيني الذين دافعوا عن سوريا الوطن والعروبة كما سماها موجها تحياته إلى الجيش العربي السوري البطل وإلى شهدائه وجرحاه وللفصائل الفلسطينية التي آمنت بأنه لا وجود للقضية الفلسطينية بدون سوريا المقاومة وسوريا الصامدة وسوريا الرئيس بشار الأسد.

في المواقع العسكرية

طلبنا من اللواء الخضراء زيارة أحد المواقع العسكرية التابعة لجيش التحرير الفلسطيني على خطوط التماس مع التكفيريين فوجه بتلبية رغبتنا عبر أحد ضباطه الذي قادنا إلى إحدى الجبهات المواجهة للتكفيريين.

الهدوء النسبي للجبهة لم ينعكس تراخيا على الجنود المتأهبين الذين خبروا محاولات التسلل العديدة للمجموعات المسلحة والتي كانوا يحبطونها تباعا، وشرح لنا العميد الفلسطيني مكان تموضع المسلحين القريب وحالة الاستطلاع الدائم لهم من قبل قواته.

صافح العميد الفلسطيني جنوده وتفقد أحوالهم ناقلا إليهم تحيات القائد العام لجيش التحرير الفلسطيني اللواء الخضراء. سألناه عن حال الجبهة فشرح لنا عن آلية التنسيق المشتركة مع الجيش السوري والمقاومة ودور الإسناد الصاروخي الذي يتولاه رجال جيش التحرير ليصل في حديثه إلى وجدانيات السياسة التي تلزم الفلسطيني المحبة والوفاء لسوريا كما كان اللواء الخضراء يوجههم قبل أن يخلص إلى القول بأن سوريا هي الطريق المعبد لفلسطين.

دخلنا برفقة ضابط فلسطيني آخر إلى غرفة العمليات القريبة ليوضح لنا أن الرمي على المسلحين يتم فورا من هنا جازما بأن جنوده غير محتاجين لإطلاق القذيفة مرة أخرى على الموقع نفسه.

وقبل مغادرتنا لفت نظرنا صورة على حائط قريب لأحد المقاتلين الفلسطينيين مرسوم عليها خريطة فلسطين والعلم السوري وشعار المقاومة "ألا إن حزب الله هم الغالبون".
بدا يقين هؤلاء الجنود بهذا الثالوث المقدس مبررا منطقيا لكل الانتصارات التي راكموها ولمسحة التفاؤل التي علت الوجوه المغبرة للمقاتلين الفلسطينيين الذين يتدربون تحت وهج الشمس الحارقة.
العهد

محمد عيد - العهد