هكذا جلب اللاجئون السوريون الأمل إلى جزيرة إسكتلندية!

هكذا جلب اللاجئون السوريون الأمل إلى جزيرة إسكتلندية!
الثلاثاء ٢٦ ديسمبر ٢٠١٧ - ٠٧:٢٥ بتوقيت غرينتش

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا، تحدثت فيه عن العائلات السورية التي فرت من ويلات الحرب؛ ليجد بعضهم في إحدى جزر إسكتلندا رحابة الصدر وحسن الضيافة.

العالم - منوعات

وقالت الصحيفة، في تقريرها نقلا عن "عربي21"، إن "جزيرة بيوت" الإسكتلندية استقبلت، سنة 2015، 24 عائلة سورية.

وقد سادت حينها حالة من الترقب والحذر بين سكان الجزيرة، البالغ تعداد سكانها 6500 نسمة، أثناء استعدادهم لاستقبال أشخاص رأوا الموت بأم أعينهم.

وذكرت الصحيفة أن هذه الحالة من الترقب غذتها مشاعر الريبة والاستياء؛ بسبب التغطية الإعلامية السلبية، التي سعت إلى نشر مشاعر الخوف من الزائر الجديد. وقد استنكر كريغ بورلاند، الذي كان يعمل محررا في صحيفة "ذو بيوتمان" المحلية، اللهجة الحادة التي كانت تطغى على تعليقات قرائه حول أخبار قدوم اللاجئين السوريين إلى الجزيرة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الوضع تغير مع قدوم بعض هؤلاء اللاجئين إلى جزيرة بيوت، حيث وجدوا الملجأ والأمان وكأنهم في الوطن؛ نظرا لأن مجتمع الجزيرة الصغير لم يكن يحمل قناعات طائفية تمنعه من احتضان اللاجئين. ومن جانبهم، شعر السوريون بأنهم ينتمون إلى هذه الجزيرة، وهم ممتنون جدا لحسن الضيافة التي قدمها لهم سكانها.

ونقلت الصحيفة أن الناشطة الاجتماعية، أنجيلا كالاغان، كانت جزءا من لجنة استقبال أسست في الجزيرة منذ سنتين؛ لمساعدة اللاجئين على الاستقرار، وتوفير حسن الضيافة لهم. وتدير أنجيلا الآن متجر "بيوت أواسيس"، الذي يبيع الهدايا والأثاث المستعمل؛ من أجل تمويل بنك غذائي لإطعام المشردين من سكان الجزيرة والعائلات السورية اللاجئة فيها. وقد أعربت كالاغان منذ سنتين عن تفاؤلها بقدوم الضيوف الجدد، مؤكدة أن اللاجئين سيصبحون جزءا من مجتمع الجزيرة.

وذكرت الصحيفة أن أنجيلا تعد أكثر من 100 صندوق غذائي للمشردين في الجزيرة والعائلات السورية في جو احتفالي رائع بمناسبة عيد الميلاد. ويساعدها في مهامها شابان سوريان، هما أحماس فارس وبسام ميداني، حيث قالت إنهما شعرا بضرورة ترك بصمة خاصة بهما في مجتمع الجزيرة، لذلك يحظيان اليوم بحب الجميع واحترامهم.

وأوردت الصحيفة أن الشابين السوريين حصلا على رخصة قيادة بعد أن اجتازا الاختبار النظري باللغة العربية في أيرلندا. كما أفادت أنجيلا كالاغان بأن المجتمع في جزيرة بيوت سعد كثيرا باستقبال اللاجئين السوريين، ويعتبرهم جزءا من النسيج المجتمعي.

وأوضحت الصحيفة أن حالة الرضا والترحيب باللاجئين السوريين انتشرت حتى بين أولئك الذين عارضوا قدومهم في البداية. ولعل ذلك ما ساهم في سرعة اندماج الأطفال السوريين داخل مجتمع الجزيرة، إلى درجة أصبحوا فيها يتحدثون بلكنة إسكتلندية. والمثير للاهتمام أن أنجيلا تسعى إلى زيارة منازلهم بشكل دائم؛ لشرب الشاي وتناول العشاء معهم.

وتجدر الإشارة إلى أن الوضع لم يكن بهذه البساطة في البداية، فقد لاحظت أنجيلا عند قدوم العائلات السورية وجود ثلاثة أطفال يعانون من اضطرابات نفسية تتراوح بين مشاعر الخوف الشديد والغضب لما رأوه من ويلات. ولكن بعد مضي بضعة أشهر بدأ التوتر يفارق أعينهم، وهم الآن يشعرون بسعادة غامرة؛ لاستقرارهم في هذه الجزيرة.

وروت الصحيفة إحدى قصص النجاح التي كانت جزيرة بيوت شاهدة عليها. وهي قصة الشاب السوري مهند حلمي، الذي وصل إلى الجزيرة قبل 10 أشهر رفقة زوجته رغد البرقاوي وابنهما نعيم ذي الأربع سنوات، وابنتهما قمر البالغة من العمر 18 شهرا. وقد تمكن مهند من الوصول إلى الجزيرة بدعم من بعض أقاربه الذين سبقوه إليها.

وفي غضون فترة قصيرة، نجحت العائلة في تأسيس بيت متواضع، أركانه الدفء والمحبة، لتعيش فترة استقرار تنسيهم ما فقدوه في سوريا. كما بدأ مهند في تعلم اللغة الإنجليزية، حيث قال: "نشعر بالسعادة هنا، لقد أحسنوا معاملتنا منذ وصولنا، والجميع يبتسمون لنا عندما نلقاهم في الأسواق أو المتنزهات. وأنا أهدف الآن إلى تعلم اللغة الإنجليزية وإتقانها؛ للعثور على عمل".

وفي هذا السياق، ذكر مهند حلمي أنه سيعود يوما ما إلى سوريا، لكنه سيترك الجزيرة بشيء من الحزن والأسى. كما أفاد بأنه يرغب في ترك أثر جيد يذكر به عند غيابه، قائلا: "نشعر بالأمان والرعاية هنا، إنه مكان مناسب ليكبر فيه أطفالنا، فكم هو رائع أن تراهم سعيدين وآمنين".

وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى الإحصائيات المرعبة المتعلقة باللاجئين السوريين، فقد فر قرابة 11 مليون سوري من منازلهم منذ اندلاع الحرب الأهلية في آذار/ مارس 2011، من بينهم 3.3 مليون لاجئ في تركيا، بينما يستضيف لبنان 1.1 مليون سوري، والأردن 660 ألفا، وجميعهم يمرون بظروف صعبة تجعل من لاجئي جزيرة بيوت محظوظين جدا.

102-104