الطريق السعودي الى دمشق

الطريق السعودي الى دمشق
الخميس ١٢ أبريل ٢٠١٨ - ٠٤:٣١ بتوقيت غرينتش

ابتعد عن التأويل الميكانيكي، والتأويل القبلي، للنص، ليحل محله التأويل البراغماتي. فرض المساكنة بين فتاوى عبد العزيز آل شيخ وأغنيات جون ترافولتا. لاحظ أن «الاخوان المسلمين» هم «الخطر الأعظم».

العالم - مقالات وتحليلات

هو الذي يرفض لقب «أتاتورك السعودي» لأنه لن يصل الى حد كتابة القرآن بالحرف اللاتيني، ولا أن يأمر بحلق اللحى وابدال الكوفية والعقال بقبعة اللوردات الانكليز، أو أن يتخلى عن العباءة التي هي أحد رموز السلطة في الهيكلية القبلية للدولة.

المملكة تبقى الى اشعار آخر، ربما الى زمن آخر، كونسورتيوم القبائل كي لا تتزعزع البنية التاريخية للبلاط.

الديمقراطية هي القتل بالصدمات الكهربائية. صارح بعض أعضاء الكونغرس بأن اعتماد النموذج الغربي يعني تناثر المملكة لتغدو أثراً بعد عين.

الأمير وصف تركيا بأنها جزء من «محور الشر». تجنب الصدام معها كي لا يجد نفسه بين الفكين الايراني والتركي. رجب طيب أردوغان الذي بعث بجنوده، ودباباته، الى قطر قد يكون هو من حال بينه وبين لقب ملك ملوك العرب. لنتصور أي امبراطور كان صاحب السمو لو وضع يده (وعباءته) على ثروات الخليج (الفارسي)، وصناديق الخليج (الفارسي)، ودول الخليج (الفارسي).

البعض في الغرب تحدث عن «التحول الدارويني في النظام السعودي». استخدموا خيالكم لتصور كيفية الانتقال بالانسان من عهدة الميثاق الثنائي بين آل سعود وآل شيخ الى عهدة الميثاق الثنائي بين الأمير السعودي والكاوبوي الأميركي.
قيل لولي العهد ان دونالد ترامب لا يخجل أن يظهر بمظهر شايلوك في رائعة شكسبير «تاجر البندقية»، وانه اذ يفتقد أخلاقية توماس جيفرسون، ويتقمص شخصية الليدي غاغا، لا يمتلك أي رؤية استراتيجية. تغريداته تتسم بالنزق، والعشوائية، والنرجسية.

هذا لا يزعج الأمير الشاب ما دام الرئيس الأميركي لا يتقن اللعب على الجزء الخلفي من المسرح، ولا في شقوق الجدران. انه يتقيأ، وأمام الكاميرات، كل ما في صدره.

وقيل له أن رقصة التانغو مع دونالد ترامب أشبه ما تكون برقصة التانغو مع مصاص الدماء. ما العمل، في هذه الحال، وهو الذي يدرك أن وكالة الاستخبارات المركزية تشاركه النوم حتى في غرفة النوم ؟

الاوروبيون يرون أن الأمير الشاب لن يتوقف في عملية (أو عمليات) التحول عند حدود معينة. لا بأس من الدخول من الباب الخلفي للكرملين، أو من مغازلة التنين، ولكن برؤوس الأصابع لأن دونالد ترامب يعتبر نفسه الوصي الشرعي على المملكة. الى أي مدى يستطيع ولي العهد تحمل ذاك الشكل الفظ من الوصاية؟ الى الأبد ؟!

العلاقة مع "اسرائيل" مضت بعيداً. سيناريوات، وتصورات، مشتركة باعتبار أن باستطاعة بنيامين نتنياهو أن يفعل بسياساته المباشرة والوحشية مالا يفعله البيت الأبيض بالسياسات الفوضوية، والانتقائية، والانتهازية.

أي من السيناريوات لم يكن قابلاً للتحقق. بدا أن الشعب الفلسطيني ليس في الثلاجة. الاسرائيليون تراجعوا عن الغرق في المستنقع السوري. أي حرب ضد «حزب الله» تعني الهولوكوست الآخر.

نظرة الرياض الى لبنان تغيرت منذ احتجاز الرئيس سعد الحريري لتعود المملكة الى التبني الاضطراري لهذا الأخير.

قطعت رأس خالد ضاهر، ادارت ظهرها لأشرف ريفي الذي كان يعتقد أنه كلما تجاوز الرئيس الحريري في الحملة الصاخبة ضد «حزب الله» كلما أصبح صاحب الحظوة الكبرى في البلاط.

لماذا، اذاً، الابقاء على سياسة العداء مع دمشق ؟ حتى الآن مازالوا يصفون النظام بالقاتل. كان يفترض ببشار الأسد تسليم مفاتيح القصر الى أبي بكر البغدادي أو الى أبي محمد الجولاني، أو الى رجب طيب أردوغان الذي طالما اعتبر أن الطريق الى مكة (واستعادة لقب خادم الحرمين الشريفين) يبدأ من الجامع الأموي في دمشق.

الأمير محمد بن سلمان لا بد أن يزور موسكو، هذا ما تتوقعه أوساط خليجية، بعد الجولة الطويلة في الأرجاء (والأدغال) الأميركية. اتفاقات وصفقات وأحلام بأن تشتري المملكة حتى المريخ من أميركا. مهلاً، مهلاً، يا صاحب السمو.

اذا ذهب الى موسكو، وسيذهب، ستكون نصيحة فلاديمير بوتين… اذا كنت ضد ايران، لا سبيل أمامك سوى أن تمد اليد الى سوريا. اذا كنت ضد تركيا، لا سبيل أمامك سوى أن تمد اليد الى سوريا.

هذا لم يعد خيالاً…

نبيه البرجي - الديار

2-4