ما هي الكونفدرالية وهل يمكن إقامتها بين الضفة والأردن؟

ما هي الكونفدرالية وهل يمكن إقامتها بين الضفة والأردن؟
الإثنين ٠٣ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٨:١٧ بتوقيت غرينتش

"تمخّض الجمل فأنجب "كونفدرالية"، هذا هو حال الصفقة التي روّج لها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، منذ توليه الحكم، وملأ بها بقاع الأرض بأنها ستكون الحل النهائي للقضية الفلسطينية.

العالم – تقارير

وأظهرت إدارة الرئيس الامریکی دونالد ترامب ضخامة وقوة للصفقة المعدَّة للفلسطينيين والإسرائيليين، وانتشرت معها الشائعات والتكهّنات حول مصير الكثير من القضايا الخلافيّة بين الطرفين، وما هي الحلول التي ستطرحها الإدارة الأمريكية من خلال صفقتها.

وأخيراً ظهرت أولى ملامح ما يسمى "صفقة القرن" الأمريكية؛ وهي "الكونفدرالية" بين الضفة الغربية والأردن، حيث كشف عنها رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، هذا الطرح الجديد المقدَّم من ترامب، وأبدى الأول موافقته على هذا الطرح شرط دخول الإسرائيليين به.

ومشروع "الكونفدرالية" بين الضفة الغربية والأردن لم يكن جديداً على الفلسطينيين؛ إذ يُعتبر عباس من أول وأكثر الشخصيات المؤيّدة لهذه الفكرة، والذي دائماً كان يطرحها في عدة مناسبات.

عباس يوافق على أحد البنود الخطيرة لصفقة ترامب

وأبدى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن موافقته للعرض الذي قدمته إدارة ترامب له، بشأن إقامة الكونفدرالية مع الأردن، إضافة إلى تبادل الأراضي.

وأكد عباس خلال لقائه بوفد صهیونی، الأحد، في مكتبه برام الله أن الخطة السياسية الجديدة تم تقديمها من قبل جاريد كوشنير صهر ترامب، والمبعوث الأميركي لعملية التسوية في الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، خلال زياراتهم السابقة لرام الله.

وقال عباس: "أبديت موافقة على هذا العرض الأمريكي، ولكن اشترطت أن يكون ثلاثيا، بمعني وجود الإسرائيليين كطرف ونحن الفلسطينيين.

وتتمحور  فكرة "تبادل الأراضي"، التي أبدى عباس موافقته عليها، على ضم القرى الفلسطينية داخل الارضي المحتلة، دون أراضيها الزراعية، بالإضافة إلى مناطق في صحراء النقب إلى الدولة الفلسطينية، وبالمقابل ضم المستوطنات الرئيسية المقامة داخل حدود 1967، إلى المناطق المحتلة. 

الأردن يرفض مقترح الكونفدرالية مع الضفة الغربية

الأردن رسمياً أعلن رفضه للفكرة المطروحة من قبل الولايات المتحدة حول إقامة "كونفدرالية" مع الضفة الغربية، مشدّداً على أهمية بناء الدولة الفلسطينية وفق حدود 1967.

وأكدت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام الناطق باسم الحكومة الأردنية جمانة غنيمات في تصريح لموقع "عمون" الأردني، الأحد، أن فكرة الكونفدرالية بين الأردن والضفة الغربية مرفوضة، وغير قابلة للنقاش.

هكذا ترد حماس على عباس بعد قبوله بكونفدرالية

من جهته قال حازم قاسم المتحدث باسم حركة حماس، إن تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خلال لقائه بوفد إسرائيلي، والذي قال فيها إنه يقبل بكونفدرالية مع الأردن وكيان الاحتلال وأنه يحافظ على التنسيق الأمني، تؤكد إصرار عباس على الخروج عن الإجماع الوطني الفلسطيني.

وأضاف قاسم، "أن تصريحات عباس حول علاقته مع الشاباك الإسرائيلي وأنه يتوافق مع رئيس الشاباك بنسبة 99%، وتوجيهاته لأجهزته الأمنية للتعاون مع الجيش الإسرائيلي، تفضح استهتاره بتضحيات شعبنا الفلسطيني والشعور الجمعي الرافض للاحتلال وقادته المسؤولين عن قتل أبناء شعبنا وارتكاب المجازر بحقهم.

وتابع: "أن هذه التصريحات تؤكد ضربه بعرض الحائط لكل القرارات التي خرجت عن المجلسين الوطني والمركزي وأن القرارات هي حبر على ورق، من خلال مفاخرته وإصراره على التنسيق الأمني مع الاحتلال".

وأوضح قاسم أن حديث عباس عن قبوله كونفدرالية مع الأردن والكيان الصهيوني، تساعد الاحتلال في جهوده لأن يكون جزءًا طبيعيا في المنطقة، كما أنه يشجع الإدارة الأمريكية على تصفية القضية الفلسطينية وسرقة القدس وإلغاء حق العودة وتصفية الأونروا.

جبهة العمل الاسلامي تعلن موقفها من تصريحات عباس

هذا وعبّر مراد العضايلة الناطق الإعلامي باسم جبهة العمل الإسلامي في الاردن عن رفضه لتصريحات محمود عباس الذي قال فيها "إنه وافق على عرض أمريكي بكونفدرالية مع الأردن وإسرائيل".

وقال العضايلة، إن تصريحات عباس مرفوضة وعليه أن يتوقف عن هذا الهراء، وبدل أن يمارس هذا الدور المشبوه عليه أن يفك الحصار عن قطاع غزة وأن يُطلق يد المقاومة في الضفة الغربية.

وأضاف: "أن السلطة بعد 25 من اللهث وراء وهم الدولة تصطدم اليوم بالجدار الفاصل والحديث عن حلول نهائية على حساب القدس وغياب حق العودة".

وتابع: "السلطة اليوم أصبحت عبئا على الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية"، مؤكدا أن الشعب الأردني يرفض أي حديث عن كونفدرالية وأية حلول تعالج مشكلة الاحتلال على حساب الأردن والشعب الفلسطيني.

وأوضح العضايلة أن أي حديث عن هذه المشاريع مرفوضة ويجب تحرير كامل فلسطين.

ما هي الكونفدرالية؟

تعتبر الكونفدرالية صيغة للنظام السياسي، يتألف من رابطة أعضاؤها دول مستقلة ذات سيادة، وتفوض بموجب اتفاق مسبق بعض الصلاحيات لهيئة أو هيئات مشتركة لتنسيق سياساتها في عدد من المجالات وذلك دون أن يشكل هذا التجمع دولة أو كياناً وإلا أصبح شكلاً آخر يسمى بالفدرالية.

والكونفدرالية تحترم مبدأ السيادة الدولية لأعضائها وفي نظر القانون الدولي تتشكل عبر اتفاقية لا تعدل إلا بإجماع أعضائها، وفي السياسة الحديثة، فالكونفدرالية هي اتحاد دائم للدول ذات السيادة للعمل المشترك فيما يتعلق بالدول الأخرى.

وعادة ما تبدأ بمعاهدة ولكنها غالباً ما تلجأ في وقت لاحق لاعتماد دستور مشترك، وغالباً ما تنشأ الكونفدراليات للتعامل مع القضايا الحساسة مثل الدفاع والشؤون الخارجية أو العملة المشتركة، حيث يتعين على الحكومة المركزية لتوفير الدعم لجميع الأعضاء.

وظهرت الكونفدرالية كصيغة للنظام السياسي أول مرة سنة 1228 ميلادية مع قيام كونفدرالية ليفونيا، التي جمعت خمس وحدات سياسية صغيرة في منطقة البلطيقْ، وقامت على أراض واسعة منها ليتوانيا وإستونيا.

الكونفدرالية سناريو خطير لفصل الضفة عن القطاع

الباحث الفلسطيني طارق معمر يؤكّد أن مواصلة عباس طرح موضوع الكونفدرالية مع الأردن مؤشر خطير لما يدور في فلك السياسة الفلسطينية، وبداية حقيقية لفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة.

ويقول: "الفكرة بحد ذاتها تُعتبر تخلّياً واضحاً عن أهداف وميثاق منظمة التحرير الفلسطينية، وبمنزلة خدمة تُقدَّم على طريق صفقة القرن".

ويوضح أن مجمل ما يدور وما يُطرح الآن هو ربح صافٍ للاحتلال الإسرائيلي، وتقديم بدائل عن موضوع حل الدولة الفلسطينية وقضيتها العادلة، وقبول محمود عباس بالفكرة هو تخلٍّ واضح عن عدالة قضية فلسطين.

ويرى أن كل ما يُحاك ضد القضية الفلسطينية هو ضياع لهوية اللاجئ الفلسطيني الذي يتعرَّض لضغوطات من قبل الإدارة الأمريكية المنحازة لصالح "إسرائيل".

******

ومنذ أن تولي دونالد ترامب منصب الرئاسة الأمريكية، بدأ باتخاذ عدد من القرارات التي تستهدف القضية الفلسطينية، وكان أولها اعتبار القدس المحتلة عاصمة لكيان الاحتلال الاسرائيلي ونقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى المدينة المقدسة، ومن ثم الاعلان عن وقف تمويل بلاده لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا".

وتأتي المحاولات الامريكية ضمن ما يعرف بـ"صفقة القرن" (صفقة ترامب) وهي خطة طرحها ترامب لحل القضية الفلسطينية، الا ان الغموض كان يحيط بها حتى بدأت تتكشف ملامحها الخطيرة بفعل الإجراءات والمقترحات الامريكية.

ويذكر ان مفاوضات التسوية بين الكيان الاسرائيلي والسلطة الفلسطينية توقفت منذ عام 2014 بسبب خلافات على عدد من القضايا الرئيسية من أبرزها الحدود واللاجئين والقدس المحتلة. ويرفض الاحتلال الاسرائيلي وقف الاستيطان والاعتراف بحدود ما قبل حرب يونيو / حزيران 1967 أساسا لما يسمى بحل الدولتين.