بمناسبة 17 اكتوبر..

اليوم العالمي للقضاء على الفقر

اليوم العالمي للقضاء على الفقر
الخميس ١٨ أكتوبر ٢٠١٨ - ١١:٣٣ بتوقيت غرينتش

يرجع تاريخ الاحتفال باليوم الدولي للقضاء على الفقر إلى يوم 17 أكتوبر من عام 1987 ففي ذلك اليوم اجتمع ما يزيد على مائة ألف شخص تكريما لضحايا الفقر المدقع والعنف والجوع، وذلك في ساحة تروكاديرو بباريس، التي وقِّع بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948.

العالم - تقارير

وقد أعلنوا آنذاك أن الفقر يُشكل انتهاكا لحقوق الإنسان وأكدوا الحاجة إلى التضافر بغية كفالة احترام تلك الحقوق وقد نُقشت تلك الآراء على النصب التذكاري الذي رُفع عنه الستار ذلك اليوم.

 وقد رفع الستار عن نماذج للنصب التذكاري في شتى أرجاء العالم، حيث تمثل تلك النماذج نقطة تجمع للاحتفال بذلك اليوم وهناك واحد من تلك النماذج في حديقة مقر الأمم المتحدة وهو موقع الاحتفال السنوي بهذه الذكرى الذي تنظمه الأمانة العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

ولكن في الواقع، وبعيدا عن التماثيل والكليشية، يستمر الفقر المدقع بالتأثير على حياة الملايين في شتى أرجاء المعمورة ويبتلع المزيد من الفرائس كل عام.

العنف، الجهل، الاستبداد، النزاعات وغياب العدالة الاجتماعية... هذه بعض أسباب الفقر في العالم، واختيار الأمم المتحدة يوم 17 أكتوبر من كل عام يوماً عالمياً للقضاء على الفقر ليس مناسبة احتفالية عابرة، بل مناسبة لقرع ناقوس الخطر سعياً إلى تعبئة الجهود الدولية للقضاء على أشد مظاهر البؤس حدة في العالم.

في هذا العام، حملت رسالة الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريس" الكثير من الحقائق الصادمة حول الفقراء، وبعض بصيص أمل، إذ تحدث عن إمكانية نجاة مليار شخص من كمّاشة الفقر لو توفرت القيادة السياسية الحكيمة، والتنمية الاقتصادية الشاملة، والتعاون الدولي، لكنه أكد أن أكثر من 700 مليون إنسان عاجزون عن تلبية حاجاتهم الأساسية اليومية.

وحذرت رسالة غوتيريس أيضاً من أن الكثير من الفقراء يعيشون أوضاعاً مأسوية بسبب النزاعات المسلحة والأزمات، بينما تعترض الآخرين عقبات تحول دون حصولهم على الرعاية الصحية والتعليم وفرص العمل، مما يحرمهم من الاستفادة من التنمية الاقتصادية على نطاق أوسع، ورأى أن النساء هن الأكثر هشاشة وفقراً.

ويشدد غوتيريس على أن "القضاء على الفقر ليس مسألة إحسان، وإنما عدالة"، طالباً من المجتمع الدولي الإصغاء إلى ملايين الناس الذين يعانون الفقر والعوز في جميع أنحاء الأرض.

13 مليون يمني مهددون بالموت جوعاً

علمًا أن كارثة الجوع في اليمن لا تنتظر اليوم العالمي للقضاء على الفقر لتبرز، فمنذ الحرب هناك، دقت المنظمات الدولية ناقوس الخطر أكثر من مرة، فالأرقام كارثية، آخرها ما صدر الاثنين: "مجاعة اليمن هي الأسوأ في العالم منذ قرن" (هذه العبارة جاءت على لسان ليز غراندي، منسقة الأمم المتحدة لشؤون اليمن).

وتقول الأمم المتحدة إن الجوع يهدد 13 مليون يمني، محذرةً من أن يتحول الأمر إلى أسوأ مجاعة، مطالبةً المجتمع الدولي بأن "يشعر بالخجل بسبب الأحوال في اليمن".

إن اليوم العالمي للقضاء على الفقر فرصة سانحة للأمم لدعوة قوات التحالف العربي بقيادة السعودية لوقف الهجمات الجوية، التي تقول المنظمة الدولية إنها تفاقم معاناة المدنيين. وتسبب القتال في اليمن بقتل عشرة آلاف على الأقل، وشرد الملايين.

تكلفة صادمة للحصول على الغذاء في بلدان النزاعات

يفيد بحث جديد أجراه برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بأن تكلفة الغذاء أصبحت مرتفعة أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً في البلاد التي تعاني من صراعات، أو تلك التي هي عرضة لعدم الاستقرار السياسي، وفي العديد من الدول يقضي الارتفاع المستمر لأسعار المواد الغذائية على أمل الملايين في الحصول على وجبة غذاء مفيدة.

وبقراءة متأنية في مؤشر أسعار الغذاء الذي يحمل اسم (Counting the Beans) الذي يصدره برنامج الأغذية العالمي، يتبين أن متوسط دخل الفرد متطابق في جميع أنحاء العالم، ثم تحتسب منه النسبة المئوية التي يجب على الناس إنفاقها للحصول على طبق يحتوي حريرات كافية للجسم، بعدها يقوم بتسعيرها مقابل أرقام حصة الفرد من إجمالي الناتج المحلي اليومي.

نتعرف من خلال المؤشر على حقيقة صادمة. فالشخص الذي يعيش في نيويورك ينفق 0.6٪ فقط من دخله اليومي لشراء مكونات طبق بسيط، في حين أن شخصاً ما في جنوب السودان سيحتاج إلى إنفاق 201٪ من دخله اليومي لتجهيز نفس الطبق، يعني ضعفَيْ دخله، أي سيقترض ليشبع.

وبحسب هذا المؤشر، فإن شخصاً يقيم بمبنى الإمباير ستيت في نيويورك على سبيل المثال سيحتاج لإنفاق نحو 1.20 دولار لطهو طبق من الحساء أو الخضراوات، منها بعض الفاصوليا أو العدس وحفنة من الأرز أو البقوليات، بالإضافة إلى الماء والزيت، لكن في المقابل سيحتاج مواطن يعيش في جنوب السودان إلى 348.36 دولارًا لتجهيز الطبق ذاته.

ويظهر المؤشر أن تكلفة طبق من الغذاء تتأثر بدرجة كبيرة بالمشاكل التي تدور في بلدك. وعليه، فالمعادلة هي: مجتمعات سلمية مستقرة تساوي توافر الغذاء بأسعار معقولة، والصراعات تساوي الفقر والجوع.

وفي بعض البلدان، مثل اليمن، لن يكون البقاء على قيد الحياة ممكناً دون مساعدة من برنامج الأغذية العالمي وشركاء دوليين آخرين.

منظمة أنقذوا الأطفال: المجاعة تهدد 5 ملايين طفل باليمن

حذرت منظمة "أنقذوا الأطفال" الإنسانية من أن المجاعة تتهدد مليون طفل إضافي في اليمن.

وقالت في تقرير نشر الشهر الماضي، إن الهجوم على مدينة الحُديدة سيزيد عدد الأطفال اليمنيين المهدّدين بالمجاعة إلى 5.2 ملايين طفل.

وأوضحت المنظمة أن أي تعطل في إمدادات الغذاء والوقود التي تمر عبر الحديدة يمكن أن يسبب مجاعة على نطاق غير مسبوق. وأشارت إلى أن أي إغلاق لهذا الميناء الإستراتيجي قد يعرض حياة مئات الآلاف من الأطفال للخطر الفوري ويدفع ملايين آخرين للمجاعة.

وكشفت المديرة التنفيذية للمنظمة هيلي ثورننغ شميدت في التقرير أن "ملايين الأطفال لا يعرفون متى ستأتي وجبتهم التالية أو ما إذا كانت ستأتي فعلا".

كما حذرت من أن الحرب تهدد بقتل جيل بأكمله من الأطفال اليمنيين الذين يواجهون أخطارا متعددة من القنابل إلى الجوع إلى أمراض يمكن الوقاية منها مثل الكوليرا.

وأضافت "في مستشفى زرته في شمال اليمن، كان الأطفال ضعفاء لدرجة أنهم لم يقووا على البكاء وأجسادهم كانت منهكة بسبب الجوع". 

    
وتدخل عبر ميناء الحديدة غالبية المواد التجارية والمساعدات الموجهة إلى ملايين السكان في البلد الذي أنهكته الحرب.          
تجدر الإشارة إلى أنه قتل في اليمن منذ بدء عمليات التحالف نحو 10 آلاف شخص معظمهم من المدنيين، بحسب الأمم المتحدة.

واقترن تعامل الأمم المتحدة مع امثال هذه الملفات بالإعراب المستمر عن القلق، وتعيين مندوبين دوليين لمناطق النزاع، وفي حين كان المتغير الأبرز تناوب عدد من "الموظفين" على هذا المنصب في سوريا واليمن وليبيا، كان الثابت الوحيد استمرار الأزمات والعنف.

وبات إعراب الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون وخلفه أنطونيو غوتيريس عن قلقهم مثار تهكم للمتابعين، بينما أثيرت شكوك حول آلية عمل مندوبي المنظمة إلى مناطق النزاع والمنظمات المرتبطة بها، لاسيما بعد سلسلة من الفضائح والإخفاقات.

ويبقى الفقر يلقي بظلاله الثقيلة على الملايين في انحاء العالم وخاصة في المناطق التي تعاني من الحروب الظالمة والمفروضة كاليمن وسوريا والعراق، بعيدا كل البعد عن الاحتفالات بـ"اليوم العالمي للقضاء على الفقر" وسائر الشعارات الرنانة للامم المتحدة ومنظماتها الانسانية.