العالم - تقارير
الاحداث المتلاحقة في سوريا اتخمها اعلان الرئيس دونالد ترامب بسحب القوات الامريكية من سوريا فاتحا المجال امام المسؤولين والمراقبين للحديث عن عقد صفقة امريكية تركية.
فقد كشف مسؤول أمريكي مطلع أن ترامب، اتخذ قرار سحب قوات الولايات المتحدة من سوريا نتيجة محادثاته الأخيرة مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان. فيما ذكر مصدر عسكري تركي أن الولايات المتحدة ستسحب قواتها من شمال شرق سوريا بشكل جزئي قبيل بدء الجيش التركي عمليته العسكرية المرتقبة في المنطقة.
وأوضح المسؤول الأمريكي، في حديث لوكالة "رويترز"، الأربعاء، أن القرار تم اتخاذه بعد مكالمة هاتفية جرت بين ترامب وأردوغان الجمعة الماضي. مبينا ان "كل ما حدث لاحقا يجري تطبيقا للاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال هذه المكالمة الهاتفية".
وقال المصدر العسكري التركي: "ستسحب الولايات المتحدة الأمريكية قواتها من المناطق الحدودية التي ستكون مسرحا للعمليات في المرحلة الحالية، وذلك وفقا للاتفاق الذي تم التوصل إليه بين تركيا وأمريكا، وهذا الانسحاب سيكون جزئيا".
مثل هذه الصفقة حسب محللين انما تهدف لتمرير خطة وهي احلال القوات التركية محل الأمريكية، فقال الباحث المصري في معهد العلاقات الدولية والتاريخ العالمي في مدينة نيجني نوفغورود الروسية عمرو الديب، ان "ترامب تحدث كثيرا عن عدم رغبته في وجود القوات الأمريكية في سوريا، وهذه الرغبة تأتي ضمن خطة أعدها بشكل سري مع أردوغان لتحل القوات التركية محل الأمريكية، وتبدأ في قصف المناطق التي ستنسحب منها القوات الأمريكية وخاصة منبج".
وأكد أن تركيا ترغب في إعادة السيطرة على المناطق التي تنازلت عنها في اتفاقية لوزان عام 1923، وضرب الأماكن التي يتواجد فيها الأكراد كعفرين ومنبج، ويرغب أردوغان في استعادة المناطق الكثيرة التي فقدتها تركيا في الشرق الأوسط بموجب هذه الاتفاقية، لذا سنرى الكثير من التحركات التركية في المنطقة خلال الفترة القادمة.
لذلك نرى التصريحات التركية تجاه اكراد سوريا لم تهدأ قط بل هي في تصاعد مستمر حيث توعد وزير الدفاع التركي خلوصي آكار المسلحين الأكراد بدفنهم في خنادقهم شرقي الفرات، مؤكدا أن تركيز قوات بلاه منصب حاليا على منطقتي منبج وشرق الفرات شمالي سوريا.
وأضاف آكار في كلمة ألقاها اليوم أمام القوات المشتركة القطرية التركية في الدوحة: "هناك أنفاق تم حفرها في منبج وشرق الفرات، لكنها لن تقف حائلا أمام اعتزام تركيا القضاء على بؤر الإرهاب هناك".
وبذلك يفتح القرار الأميركي بالانسحاب من شمال سوريا الطريق أمام تركيا لتنفيذ تهديداتها بشن هجوم جديد ضد الأكراد، الذين قد لا يجدون أمامهم، وفق المحللين، إلا التعاون مع دمشق للحفاظ على الحد الأدنى من مكتسباتهم. فمع بدء التهديدات أعلنت "الوحدات الكردية" النفير العام، وطالبت الحكومة السورية باتخاذ موقف رسمي.
وقال القيادي الكردي زنار آواز في "معركة دحر الإرهاب" ضد داعش بريف دير الزور: "في الوقت الذي نخوض فيه معارك ضد أشرس تنظيم إرهابي في العالم، نرى تهديدات تركية على لسان زعيمها أردوغان ضد مناطق شمال وشرق سوريا مجددا، وهذه التهديدات لا تصب سوى في مصلحة الإرهاب كونها تعرقل عملية استئصال وباء يهدد الإنسانية جمعاء".
آواز الذي يقود الحملة الأخيرة ضد داعش، أكد جاهزية واستعداد "قسد" لأي هجوم يستهدف أرضهم،"لن ننكس رؤوسنا للأعداء فنحن لم نحارب تركيا ولم نشكل خطرا على أراضيها، لكن في حال شعرنا بأي خطر يهدد مناطقنا لن نتوانى في الدفاع عنها".
ويرى بعض المحللين ان الامريكان قد مرروا صفقة مع الاتراك تتشعب بين عدة ملفات يسعى فيها كل جانب الى تحقيق اكبر قدر ممكن من المكاسب التي يحاول الحصول عليها. وليس امام الاكراد سوى خيارين اما الاستستلام او المقاومة حسبما وعدت بها القيادت الكردية. وفي كلا الحالتين تكشف التطورات في الشمال السوري ان الاكراد هم "كبش الفداء"، نتيجة التفاهمات الامريكية التركية. واما الحكومة السورية فتبقى محتفظة بحقها في التخلص من اي قوى اجنبية غير مرغوب فيها او الرد على اي عدوان على اراضيها.