بعدما أثخنها الأشقاء العرب بطعنات خيانية..

سوريا تستعد لاستقبال التمثيل الدبلوماسي العربي.. الاردن نموذجا

سوريا تستعد لاستقبال التمثيل الدبلوماسي العربي.. الاردن نموذجا
الأربعاء ٢٣ يناير ٢٠١٩ - ٠١:١٧ بتوقيت غرينتش

بعد الإعلان عن القرار الامريكي بالانسحاب من سوريا يبدو أن بعض الأشقاء العرب أفاقوا من سباتهم الطويل الذي استمر لثمانية أعوام، وبدأوا بمحاولات إستئناف العلاقات الدبلوماسية مع دمشق العضو المؤسس لجامعة الدول العربية والبلد الوحيد من "بلدان الطوق" الرافض لعملية التطبيع مع كيان الإحتلال الاسرائيلي، حيث أصبحت المملكة الأردنية الهاشمية السباقة لإستئناف تمثيلها الدبلوماسي في دمشق.

العالم- تقارير

وما أن قام الرئيس السوداني عمر حسن البشير بزيارة دمشق كأول رئيس عربي لدمشق بعد ثمانية أعوام من الحرب التي فرضت على سوريا، حتى توالت الأصوات العربية المطالبة باستئناف العلاقات مع الشقيقة القديمة التي أضحت محورا لتيار المقاومة في المنطقة، سوريا العربية.

وكانت الحكومة الأردنية سبقت الرئيس السوداني بإستئناف التواصل مع الجارة سوريا، من خلال إعادة فتح معبر نصيب- الجابر الذي يعتبر من اهم النوافذ الحدودية للبلدين على مر تاريخ البلدين.

وبعد الأردن اعلنت الخارجية الإماراتية في السابع والعشرين من كانون الاول/ديسمبر الماضي انها تؤكد حرصها على استئناف عمل سفارتها في الجمهورية العربية السورية، مشيرة الى ان خطوتها هذه ستشجع الشارع العربي لدعم استقلال ووحدة اراضي سوريا وسلامتها، ويدرء مخاطر التدخلات الأقليمية في الشأن العربي السوري!!!... .

كما حذت البحرين حذو نظيرتها الإمارات لتعلن وزارة خارجيتها إستمرار العمل في سفارتها بدمشق، لحرص المملكة على تعزيز الدور العربي في الحفاظ على سلامة واستقلال سوريا وسيادتها، مشددة على أهمية منع مخاطر التدخلات الإقليمية في شؤون سوريا الداخلية !!!... .

ويرى المراقبون ان كل ما حدث حتى الآن هو ردة فعل طبيعية على فشل سياسة الإطاحة بالحكومة الشرعية لسوريا من خلال زج الجماعات الإرهابية ودعمها لوجستيا وعسكريا وماليا، من قبل الدول التي دب اليأس في عروقها بعد أكثر من ثمانية أعوام من تأليب اقليمي ودولي بقيادة أمريكا وعميلاتها الإقليميات دون إذن من مجلس الأمن او منظمة الأمم المتحدة.

لكن ما يبعث على الغرابة، هو المساعي الخجولة لإعادة سوريا للجامعة العربية، التي تم تعليق عضويتها فيها بأمر من مخططي الإطاحة بالحكومة السورية، وتنفيذ عربي دون إختيار، قبل حوالي ثمانية أعوام.

وما تجدر الإشارة اليه ان نفس الحالة التي فقد المنفذون فيها أي إختيار في تعليق عضوية سوريا بالجامعة العربية، اليوم تعتري المسؤولين انفسهم، بحيث باتوا حيارى أمام الرأي العام العربي المطالب بعودة سوريا للجامعة، وأوضاعهم التي لايحسدون عليها، بدءا من فقد أي خيار تنفيذي، وإنتهاء بإنتهاء صلاحياتهم، إذا ما وافقوا على عودة سوريا الى مقعدها في الجامعة العربية.

وتفاديا للوقوع في المحذورات القادمة تبادر بعض الدول العربية، لإستئناف علاقاتها مع سوريا كي لا تتخلف عن الركب في الوقت الذي تكون الأوضاع مهيأة لعودة سوريا الى ما كانت عليه قبل ثمانية أعوام والأهم من ذلك ان لاتبقى هذه الدول محرومة عن أي دور في إعادة ما دمرته الحرب من مدن ومنشآت البنى التحتية في سوريا.

ويؤكد المراقبون ان سوريا لا ترد بأي خطوة سلبية على أي نشاط يخدم وحدة الصف العربي، ولايتناسى قضياياه المصيرية وعلى رأسها القضية الفلسطينيية، لكنها وفي نفس الوقت تبقى آخذة بنظر الإعتبار المشاق والمتاعب التي عانت منها الأمرَّين خاصة من قبل داعمي الجماعات الإرهابية، التي عبثت بأمن وسلامة السوريين ووطنهم.

وهذا ما دفع بالاردن والإمارات والبحرين لتكون من أول الساعين لإستئناف العلاقات مع سوريا، خاصة وان الأردن لايمكن ان يتغاضى عن كل المصالح التي تصب لصالحه إذا ما بدأت فترة البناء والإعمار في سوريا.

كما أن الإمارات التي تحاول الحصول على اسواق لإستثمار تواجدها على مختلف الصعد التنفيذية والتمويلية، هي الأخرى تريد ان تحصل على حصة أكبر من كعكة الإعمار السورية في الفترات القادمة.

ولم تكن البحرين تختلف عن شقيقتها الإمارات، خاصة وان المراقبين يرون انها اصبحت البوابة الممهدة للحضور السعودي في اي خطة عربية أو اقليمية. والدليل على ذلك كما يؤكد المراقبون ان المساعي لعودة سوريا الى مقعدها في الجامعة العربية سيتم التركيز عليها اكثر من ذي قبل، لتكون التي لم يتمكن الذين أبعدوها من الجامعة العربية قبل ثمانية أعوام من قبول حضورها القمة الاقتصادية التنموية التي استضافتها بيروت مطلع الاسبوع الجاري، تكون حاضرة في القمة العربية القادمة المزمع عقدها في العاصمة التونسية، تونس.

وأخيرا يبقى الأردن صاحب الخطوة الجرئية والسبَّاق في إعادة تمثيله دبلوماسيا وبشكل رسمي في العاصمة السورية دمشق، فهو البلد العربي الوحيد الذي لم يغلق سفارته في دمشق حتى بعد إتساع رقعة الأزمة السورية عام 2011، وإكتفى بتخفيض التمثيل الدبلوماسي فيها فقط.

ومن هذا المنطلق أعلن المتحدث باسم الخارجية الأردنية السفير سفيان القضاة في بيان: "تقرر تعيين دبلوماسي أردني برتبة مستشار كقائم بالأعمال بالإنابة في السفارة الأردنية في دمشق"، مضيفا أن القرار الأردني يأتي في سياق خطوات عربية متصاعدة لإستئناف العلاقات مع الحكومة السورية والتي بدأت خلال كانون الأول/ديسمبر 2018، واشتملت على زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق، وإعلان الإمارات والبحرين عودة العمل في سفارتيهما لدى العاصمة السورية.

وطوال فترة الأزمة التي مرت بها سوريا كان الأردن يدفع للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية بشكل بقبله السوريون انفسهم، إضافة الى المحافظة على وحدة سوريا وأمنها واستقرارها، كي يتيح الفرصة للعودة الطواعية للمشردين السوريين الذين نجوا بأنفسهم من كيد الجماعات المسلحة الإرهابية.

ومن هنا يتوقع المراقبون أن يبقى الإردن أسوة في تمتين وتوثيق الأواصر والعلاقات الثنائية بين البلدين الجارين سوريا والأردن، عسى ان تحذو باقي البلدان عربية كانت او إسلامية حذو المملكة الإردنية الهاشمية في إعتماد توثيق التعاون والعلاقات الودية، خاصة بين دول الجوار عربية كانت او اسلامية، وحتى لو لم تكن عربية أو اسلامية ومهما كانت توجهاتها، فمن الأحرى ان تنتهج النهج الأردني في بناء الثقة وتوثيق العلاقات الثنائية.

*عبدالهادي الضيغمي