الآلية المالية الاوروبية.. انجازات طهران وخيبة أمل واشنطن

الآلية المالية الاوروبية.. انجازات طهران وخيبة أمل واشنطن
الجمعة ٠١ فبراير ٢٠١٩ - ٠٢:٥٤ بتوقيت غرينتش

بعد اكثر من ثمانية اشهر من اعلان واشنطن الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني، كشفت کل من فرنسا والمانيا وبريطانيا عن تدشين آلية مالية تسمح للاتحاد الاوروبي بإنقاذ الاتفاق النووي عبر التعامل التجاري مع ايران والالتفاف على الحظر الامريكي. ايران رحبت بالآلیة المالیة الاوروبية الجديدة التي طال انتظارها لكنها دعت في نفس الوقت الاوروبيين الی تنفیذ كامل التزاماتهم في أقصر وقت ممكن.

العالم- تقارير

اكد وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس، تدشين بلاده وفرنسا وبريطانيا آلية مالية لمساعدة الشركات الأوروبية على تجنب الحظر المفروض على إيران. وقد أطلق على الآلية الجديدة اسم "انستكس "INSTEX ومن شأنها الالتفاف على الحظر الأمريكي من خلال السماح للدول الاوروبية باستخدام هذه الالية للتعامل التجاري مع ايران.

وأوضحت مصادر أن الهيئة التي ستحمل اسم "انستكس" ستسجل في فرنسا وستكون إدارتها ألمانية، وسيتم تمويلها أولا من قبل فرنسا وألمانيا وبريطانيا، الدول الثلاث في الاتحاد الموقعة للإتفاق النووي مع طهران والذي اعلنت واشنطن انسحابها الاحادي منه في 8 مايو عام 2018.

وعبرت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، ترحيبها بقرار فرنسا، بريطانيا وألمانيا، ورأت أن الإعلان عن الآلية التي ستسمح بالاستمرار في إجراء مبادلات تجارية قانونية بين الشركات الأوروبية يبعث برسالة هامة للإيرانيين، مفادها تصميم الأوروبيين على المضي قدماً في الاتفاق النووي.

من جانبه، أكد وزير الخارجية البلجيكي ديديه ريندرز أن بلاده ترحب بهذه الآلية التي تراها خطوة إيجابية نحو استمرار تنفيذ الاتفاق النووي، منوهاً بأن الشركات تتمتع بحق الاختيار باستخدام هذه الالية أو الالتزام بالعقوبات الأمريكية وعدم التعامل مع ايران.

المتحدث باسم الخاريجة الايرانية بهرام قاسمي اكد ان الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة تعتبر الخطوة الاخیرة المتخذة من جانب الاتحاد الاوروبي لتسجیل واعلان الآلیة المالیة الخاصة للتعامل مع ایران اول خطوة للاتحاد في تنفیذ تعهداته تجاه ایران وفقا لبیان مایو 2018 الصادر عن وزراء خارجیة ایران والدول الاوروبیة الثلاث، وتدعو للتنفیذ الكامل لتعهدات الاتحاد الاوروبي في اقصر فترة زمنیة ممكنة.

بدوره قال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف: "نرحب بالآلية المالية الجديدة وهي خطوة أولى طال انتظارها تنفيذا لالتزامات أيار/ مايو 2018". وأضاف في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "نحن لا نزال على استعداد للمشاركة البناءة مع أوروبا على قدم المساواة والاحترام المتبادل".

وفي السياق رحب مساعد وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي بالالية الجديدة معتبرا انها خطوة أولى ضمن مجموعة الوعود التي تعهد بها الاوروبيون تجاه ايران، مؤكدا ان ايران تتطلع الى تنفيذها بشكل تام ومن دون نقص.

الى ذلك اعتبر رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الايراني حشمت الله فلاحت بيشه، تسجيل الالية المالية انتصارا سياسيا دوليا لايران؛ وقال: ان تفعيل الالية المالية سيضمن جانبا من المصالح الاقتصادية للجمهورية الاسلامية.

وتبدو واشنطن قلقة من الآلية الأوروبية للتعامل المالي مع طهران اذ قال مستشار غير رسمي لإدارة ترامب لوكالة "أسوشيتد برس"، إن لدى البيت الأبيض عدة مواضع تقلقه بخصوص الآلية المالية الجديدة، وهي تتعلق بإمكان أن تكون الآلية الجديدة قادرة على التنافس بشكل فعال مع الآلية المصرفية الدولية الحالية "سويفت"، كما يقلقها كذلك أن تستخدم دول أخرى خارج أوروبا الآلية الجديدة للحفاظ على تعاونها مع طهران. أما النقطة الثالثة فتعود إلى احتمال استغلال الآلية لتنفيذ عمليات خارج المجال الإنساني، رغم الوعود الأوروبية، وفقا للوكالة.

من جانب آخر قالت السفارة الأمريكية في ألمانيا، إنها تسعى للحصول على تفاصيل إضافية بشأن الآلية الأوروبية الجديدة لتسهيل التجارة مع إيران دون استخدام الدولار لكنها لا تتوقع أن تؤثر الآلية على حملة واشنطن لممارسة أقصى ضغط اقتصادي على طهران، حسب زعمها.

****

دون ان نثق وثوقا تاما بالوعود الأوروبية في هذا المجال نظرا للتجارب السابقة ويعترينا الاعجاب بهذا الاعلان، نری ان تدشين الآلية الاوروبية الجديدة الخاصة للتعامل التجاري مع ايران، ورغم تأخيره، جاء تتويجا لجهود ايران الدبلوماسية في التصدي للمخططات الامريکية الرامية الی فرض العزلة علی ايران وتشكيل تحالف دولي ضدها.

ونعتقد ان ايران وفي هذه المرحلة بالذات لا تطلب المزيد من الاتحاد الاوروبي الا تنفيذ تعهداته المنصوص عليها في الاتفاق النووي بشكل كامل ولن تقبل اي تقاعس في هذا المجال. فايران قد اثبتت مرارا التزامها بالاتفاق النووي كما تقر بذلك تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية واكدت انها ستواصل تنفيذ التزاماتها مادام التزم الجانب الآخر بتعهداته.

باعتقادنا ان الآلية الاوروبية الجديدة وحال تطبيقها بنجاح تشكل أرضية خصبة لإفشال اجتماع وارسو المزمع عقده في 13 و14 فبراير الجاري، وبالتحديد في الوقت الذي أشار تقرير صادر عن الاجهزة الامنية الامريکية الی ان الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي تسبب بمشاكل للرئيس دونالد ترامب؛ واکد على ان القوة الصاروخية الايرانية لا تشكل خطرا علی المصالح الوطنية الامريكية.

أضف الی ذلك ان انجاز ايران في دفع الاتحاد الاوروبي الى تنفيذ التزاماته بموجب الاتفاق النووي جاء بالتزامن مع احتفالات الذکری الاربعين لانتصار الثورة الاسلامية، ما يبرهن مرة اخری على انتصار الارادة السياسية لايران وشعبها ضد المؤامرات التي تحاك ضد الجمهورة الاسلامية، ويضاف ذلك الى الانتصارات السياسية المتتالية التي حققتها ايران بعد الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي.

وأخيرا ان ايران اثبتت رغبتها في احلال السلام والاستقرار في المنطقة والعالم، بإعلان بقائها في الاتفاق النووي الموقع عام 2015 مادام يوفر مصالحها لانها تعرف جيدا ان الانسحاب من الاتفاقيات الدولية ينال من سمعة الدولة ويتسبب في عزلتها قبل كل شيء كما حدث ذلك بالفعل للولايات المتحدة بعد خروجها المتسرع وغير المدروس من الاتفاق النووي الايراني. وهنا يکمن السر في حنكة المسؤولين الايرانيين مقابل حماقة المسؤولين الامريكيين.

د. نظري