العالم- مقالات وتحليلات
الرئيس روحاني بدأ زيارته الرسمية والمعلن عنها مسبقا من محطته الاولى وهي العاصمة بغداد حيث التقى الرئاسات الثلاث اضافة الى زعماء سياسيين وفعاليات جماهيرية ومن ثم زار المراقد الدينية المقدسة في اربع مدن عراقية وتوج زيارته بزيارة المرجع الديني الاعلى في النجف الاشرف السيد علي السيستاني اضافة الى مراجع دين آخرين في اجواء ودية واستقبالات شعبية.
زيارة لثلاث ايام ولقاءات مع مختلف الزعماء العراقيين والاطياف السياسية والاجتماعية وتوقيع العديد من الاتفاقيات المهمة في مختلف المجالات ومن اهمها مد سكة الحديد وبناء مناطق صناعية مشتركية وعمليات كري لنهر اروند رود من الجانب الايراني وشط العرب من الجانب العراقي وزيادة ميزان التبادل التجاري الى اكثر من 20 مليار دولا، كل هذا يؤشر الى نجاح الزيارة ومنحها صفة التاريخية.
ورغم كل التدافع الاقليمي والدولي حول العراق لكسبه او على الاقل تحييده في معارك نفوذ او واجهات، لم يستطع اعداء او منافسو الجمهورية الاسلامية ان يقوموا بمثل هذه الزيارة وبهذه العلنية وبهذا المستوى من اللقاءات الرسمية والشعبية وان يحظوا بهذا الاستقبال، وهو ما يسجل تفوق ايرانيا جديدا في تعزيز الآواصر مع العراق وتراجعا واضحا للاميركي الذي يخطط بطرا لمحاصرة ايران من خلال العراق.
فالزيارة التي قام بها ترامب في اعياد الكريسمس الى العراق، كانت زيارة السارق الى افراد عصابته حيث وصل العراق تحت جنح الليل والى قاعدة عين الاسد ليصور سيلفي مع جنوده دون ان يستقبل اي مسوول عراقي ودون ان تطأ قدماه العاصمة العراقية بغداد او اي ارض عراقية اخرى غير مساحة محدودة من عين الاسد ناهيك عن الغضب الشعبي والرسمي على طريقة الزيارة وتجهالها للسيادة العراقية.
كذلك لم يجرأ اي زعيم اقليمي لحد الان ان يقوم بما قام الرئيس روحاني خلال زيارته للعراق من ان يكون ضيفا على السياسيين وعلى الشعب وعلى المرجعية وان يزور اربع مدن عراقية وسط استقبال حار من قبل اهالي هذه المدن رغما عن صراخ الجيوش الالكترونية في التويتر واخواته والتي تمثل امتدادات لارادات فشلت في المبادرة والنجاح ولم تستطع الا التشويش والصراخ.
وهكذا كانت زيارة الرئيس روحاني في بعث اكثر من رسالة ولاكثر من جهة، فهي منفتحة على جيرانها رغم كل ما تحاوله ادارة ترامب من تعكير الاجواء في بلدان الجوار مع ايران وان اهم جار لها وهو العراق بات في تكامل اقتصادي معها لم ولن يقوى ترامب على هزه او اضعافه، وهي رسالة الى محاور تحاول اللعب مع الكبار، فتدور حول نفسها فتعتقد انها تحقق تقدما وهي يوما بعد يوما تدفع نفسها الى مستنقعات تخسر فيها جيرانها واصدقائها وتصنع عداوات وتحاصر نفسها في منطقتها رغم كل الدعم الغربي سياسيا وعسكريا واعلاميا ... انها فنون السياسة وادارة الدول عندما يكون الاستقلال شعارا ومصالح الشعب هدفا، لا تصورات مغرروة في رؤوس امراء حالمين او تجار اشتروا السياسة.
احمد المقدادي