العالم - فلسطين
وتميزت هذه الانتفاضة مقارنة بسابقتها بكثرة المواجهات مسلحة وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، راح ضحيتها 4412 فلسطينيا و48322 جريح.
وأما خسائر الجيش الإسرائيلي تعدادها 334 قتيل ومن المستوطنين 735 قتيل وليصبح مجموع القتلى والجرحى الإسرائيليين 1069 قتيل و4500 جريح وعطب 50 دبابة من نوع ميركافا ودمر عدد من الجيبات العسكرية والمدرعات الإسرائيلية.
ومرت مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة خلالها بعدّة اجتياحات إسرائيلية منها عملية الدرع الواقي وأمطار الصيف والرصاص المصبوب.
كانت شرارة اندلاعها دخول رئيس الوزراء الإسرائيلي "الأسبق" أرئيل شارون إلى باحة المسجد الأقصى برفقة حراسه، الأمر الذي دفع جموع المصلين إلى التجمهر ومحاولة التصدي له، فكان من نتائجه اندلاع أول اعمال العنف في هذه الانتفاضة.
يعتبر الطفل الفلسطيني "محمد الدرة" رمزا للانتفاضة الثانية فبعد يومين من اقتحام المسجد الأقصى، أظهر شريط فيديو التقطه مراسل قناة تلفزيونية فرنسية في 30 سبتمبر/أيلول 2000، مشاهد إعدام للطفل (11 عاما) الذي كان يحتمي إلى جوار أبيه ببرميل إسمنتي في شارع صلاح الدين جنوبي مدينة غزة.
أسباب اندلاعها
بدءاً من نهاية عام 1999 ساد شعور عام بالإحباط لدى الفلسطينيين لانتهاء الفترة المقررة لتطبيق الحل النهائي بحسب اتفاقيات أوسلو والشعور بالإحباط بسبب المماطلة وجمود المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والصهيوني بعد مؤتمر قمة كامب ديفيد، وتوضّح أن محاولة "إسرائيل" بدعم من الولايات المتحدة فرض حل على الفلسطينيين بعيداً عن قرارات الشرعية الدولية (242,338,194).
بالإضافة إلى عدم تطبيق الصهاينة "إسرائيل" للعديد من الجوانب التي تم الاتفاق عليها في أوسلو أو الاتفاقيات والمفاوضات اللاحقة. واستمرار الصهاينة "إسرائيل" في سياسة الاغتيالات والاعتقالات والاجتياحات لمناطق السلطة الفلسطينية ورفض الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.
واستمرار بناء المستوطنات واستبعاد عودة اللاجئين واستبعاد الانسحاب لحدود حزيران 1967، جعل الفلسطينيين متيقنين بعدم جدوى عملية السلام للوصول إلى تحقيق الاستقلال الوطني.
وفي ظل هذا الشعور العام بالإحباط والاحتقان السياسي، قام رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق أرئيل شارون باقتحام المسجد الأقصى وتجول في ساحاته وقال ان الحرم القدسي سيبقى منطقة إسرائيلية مما أثار استفزاز المصلين الفلسطينيين فاندلعت المواجهات بين المصليين وجنود الاحتلال في ساحات المسجد الأقصى فسقط 7 شهداء وجُرح 250 وأُصيب 13 جندي إسرائيلي وكانت هذه بداية أعمال الانتفاضة.
ميزان القوى
من ناحية الفلسطينيين كان يوجد 35,000 جندي من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية وأسلحتهم بنادق كلاشنكوف و45 مصفحة من نوع (بي أر دي ام-2) وأما مسلحين المقاومة أسلحتهم بنادق كلاشنكوف وأم-16 وبعض الألغام محلية الصنع.
أما من ناحية الإسرائيليين حشدوا لهذه المعركة 60,000 جندي من الجيش الإسرائيلي و1000 دبابة و450 طائرة مقاتلة من طراز اف-16 وفانتوم وإف-15 إيغل و50 مروحية هجومية من طراز أباتشي.
نتائج الانتفاضة الثانية على الفلسطينيين
- تصفية معظم الصف الأول من القادة الفلسطينيين أمثال ياسر عرفات و و الشهداء أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وأبو علي مصطفى.
- تدمير البنية التحتية الفلسطينية.
- تدمير مؤسسات السلطة الفلسطينية.
- تدمير ممتلكات المواطنين.
- استشهاد عدد كبير من أبناء فلسطين.
- الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة
- اختراع أول صاروخ فلسطيني في غزة من نوع (صاروخ قسام) وتطورت الفصائل وصنعت صواريخ كثر مثل صاروخ (قدس 4) التابع للجهاد الإسلامي و(صمود) التابع للجبهة الشعبية وقامت كتائب شهداء الأقصى الموجودة في قطاع غزة بصناعة صاروخ (أقصى 103) وقامت كتائب المقاومة الشعبية بصناعة صاروخ (ناصر).
- فلتان أمني في الشارع الفلسطيني عقب الانتفاضة ومن ثما قامت قوات الامن الفلسطينية بفرضه بالقوة.
- بناء جدار الفصل العنصري الإسرائيلي.
نتائج الانتفاضة الثانية على الإحتلال
- انعدام الامن في الشارع الإسرائيلي بسبب العمليات الاستشهادية
- ضرب السياحة في "إسرائيل" بسبب العمليات الاستشهادية
- اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي (زئيفي) على يد أعضاء من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
- الحاق عدد من القتلى الإسرائيليين بسبب اجتياحات المدن الفلسطينية والاشتباكات مع رجال المقاومة وكثرة العمليات
- مقتل قائد وحدة الهبوط المظلي الإسرائيلي (الكوماندوز) في معركة مخيم جنين
- تحطيم مقولة الجيش الذي لا يقهر في معركة مخيم جنين الذي قتل فيها 58 جندي إسرائيلي وجرح 142.
- ضرب اقتصاد المستوطنات الإسرائيلية.
ردود الفعل العربية
أما الشارع العربي فقد تفاعل مع الانتفاضة لدرجة أن دولا لم تعرف المظاهرات مثل دول الخليج الفارسي خرجت فيها مظاهرات مؤيدة لانتفاضة الأقصى، وهو ما أحرج الأنظمة العربية التي عقدت بعد ما يقرب من شهر على اندلاع الانتفاضة القمة العربية الطارئة في القاهرة وخرجت ببيان لم تصل فيه إلى مستوى آمال الشارع العربي، وإن كان فيه دعم وإعطاء صبغة شرعية أعمق لانتفاضة الأقصى.
وبالمثل تحرك الشارع الإسلامي في مظاهرات حاشدة ودفع نحو تسمية مؤتمر الدوحة الإسلامي المنعقد في نوفمبر/ تشرين الثاني بقمة الأقصى وخرج بيان القمة ناقما على الكيان الإسرائيلي وناقدا لأول مرة الموقف الأميركي المتسامح مع القمع الإسرائيلي.
أحيت الانتفاضة جوانب منسية في المجتمع العربي فعادت من جديد الدعوة إلى مقاطعة البضائع الأميركية والإسرائيلية ونشط مكتب المقاطعة العربية وعقد اجتماعا في العاصمة السورية دمشق وإن لم يسفر الاجتماع عن كثير يذكر. كما شهدت الحركة الفنية عودة الأغنية الوطنية وشعر المقاومة وامتلأت الفضائيات العربية بمواد غزيرة عن انتفاضة الأقصى واحتلت الانتفاضة المساحة الأكبر في أغلب الفضائيات العربية.
المجتمع الدولي
حتى المجتمع الدولي خرج عن صمته وأدان الاعتداءات الإسرائيلية والاستخدام غير المتوازن للقوة العسكرية وصدرت العديد من القرارات والمقترحات الدولية التي تعتبر وثائق إدانة للجانب الإسرائيلي.
من المفارقات أن الانتفاضة الأولى التي انطلقت في التاسع من ديسمبر/ كانون الأول من عام 1987 في غزة قادت إلى سلسلة اتفاقات السلام التي بدأت في أوسلو وانتهت عام 1993 بتوقيع اتفاق المبادئ. أما انتفاضة الأقصى فقادت إلى ما يقرب من دفن لعملية السلام وإظهار الرفض الشعبي الفلسطيني لها.
لم يعد الفلسطينيون يتحدثون عن عملية السلام ، واقتصر الحديث عن قرار 242 الذي يطالب بانسحاب الكيان الإسرائيلي عن الأراضي التي احتلتها في حرب 1967. ولوحظ لأول مرة ارتفاع حدة الخطاب الرسمي الفلسطيني والذي برز في تصريحات الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات خصوصا في لحظات تأبين الشهداء فكان يدعو إلى مواصلة الكفاح المسلح وتحمل التضحيات لنيل الأهداف المشروعة للشعب الفلسطيني.
المصدر: فلسطين الآن