العالم - تقارير
قال مسؤولون محليون وشهود عيان، أمس الثلاثاء، إن الإمارات قامت بسحب بعض قواتها من مدينة عدن جنوبي اليمن. وأضاف المسؤولون أن رتلا إماراتيا صعد إلى ظهر سفينة عسكرية في ميناء البريقة النفطي قرب مصفاة عدن قبل أن تغادر السفينة الميناء.
وأكد عاملون في المصفاة أنهم شاهدوا رتلا كبيرا من المركبات العسكرية والحافلات تقل نحو مئتي جندي وهي تتجه نحو الميناء.
ولم يتضح بعد قوام القوات الإماراتية التي ستبقى في عدن أو ما إذا كانت تحركاتها تعني إعادة انتشار داخل اليمن.
هذا وأفادت مصادر خبرية، بأن قوات إماراتية وسودانية، انسحبت من قاعدة العند الجوية، التي تعد الأكبر في اليمن، وتقع في محافظة لحج الجنوبية، على بعد 60 كيلومترا شمال عدن.
ولم يرد المكتب الإعلامي لحكومة الإمارات والمتحدث باسم تحالف العدوان السعودي الاماراتي بعد على طلبات لتعقيب الموضوع، في حين يرى البعض، أن سحب الإمارات لقواتها من اليمن يأتي ضمن خطة "إعادة تموضع"، دون الكشف عن نقاط تمركزها الجديدة.
ولم يكن قرار الامارات بالانسحاب من اليمن جديدا، حيث كانت قد أعلنت لاول مرة، في يوليو/تموز الماضي، الانسحاب الجزئي من اليمن، وخفض قواتها العسكرية، إلا أن مراقبين قالوا إن ذلك الانسحاب هو جزء من استراتيجية جديدة تقضي بإعادة تموضع الإمارات في الجنوب وإعادة نشر قواتها، بشكل يسمح لها بإدارة الحرب عبر أذرع عسكرية، كانت قد سلحت عناصرها وأشرفت على تدريبهم.
ولكن هناك سؤالا يطرح نفسه: لماذا تصر الإمارات على البقاء في اليمن رغم إدراكها الهزيمة الفعلية في اليمن وسوء وضعها الاقتصادي؟ ألم يكن هذا كافيا لاقناعها بإعادة النظر في سياساتها العدوانية تجاه اليمن؟ ولماذا الإماراتيون معتقدون بأن الفرصة لا تزال متاحة أمامهم لتحقيق نجاحات في اليمن؟
ويرى إبراهيم الأمين، رئيس تحرير جريدة الأخبار اللبنانية، أن على طاولة قادة الإمارات اليوم عدة ملفات، أبرزها المشكلة الداخلية المتنامية، حيث يرتفع الصوت الاعتراضي من كل قادة الإمارات الست، وبعض الأصوات داخل أبوظبي نفسها. لكن أولاد زايد يتصرفون على أن الأمر ممسوك، وأن المهم هو درء الخطر الخارجي. ومع اشتداد الأزمات الناجمة عن حرب اليمن، دفع ملف آخر على الطاولة يتعلق بإمكانية وشيكة ودائمة لتعرض دولة الإمارات، ولا سيما إمارتي أبوظبي ودبي، لضربات قاسية من جانب «أنصار الله». وهو ما جعل قادة الإمارات يعيدون النظر في بعض الحسابات، لكنهم لم يلامسوا أصل الموقف القائل بالإقرار بالهزيمة والخروج من المأزق. وهم يتصرفون الآن على أساس أن ما أنفقوه من جهود وأموال ودماء في الملف اليمني، لا يمكن أن ينتهي من دون حصاد، وخصوصاً أنهم يفكرون في الأيام التالية على وقف الحرب، لا سيما العلاقات داخل مجلس التعاون وما يحصل مع إيران وبقية دول المنطقة.
حتى الآن، فشلت كل المساعي الإماراتية، لكن الإمارات تواصل لعبتها داخل اليمن، لناحية فرض أمر واقع في الجنوب من خلال تعزيز سيطرة «المجلس الانتقالي الجنوبي» وأنصارها على مرافق اليمن وعلى أغلبية المحافظات الجنوبية، ومن خلال استمرار جلب المرتزقة من أفريقيا ودول أخرى للقتال في الجبهات مع الشمال. لكن ذلك لم يحسم الأمر، مع انتقال غالبية القوى والشخصيات المحيطة بعبد ربه منصور هادي إلى الموقع المعارض لكل سياسات الإمارات، وارتفاع مستوى الخطاب الرافض للاحتلال الإماراتي، واتساع حجم الفجوة بين النظرتين الإماراتية والسعودية لإدارة ملف الجنوب.
وفي السياق ذاته، تشكك حكومة هادي، في حقيقة ما يتردد بشأن نية الإمارات الانسحاب من بلاده، بالترافق مع تسريبات عن مقترح سعودي لحل بين هذه الحكومة و"المجلس الانتقالي الجنوبي"، يفضي إلى انسحاب إماراتي من عدن، وتسلّم الرياض الوضع الأمني بالمدينة.
ويرجح محللون آخرون، أن الحرب في اليمن أنهكت الإمارات عسكريا وسياسيا وماديا، مما قد يدفعها للتخلي عن السعودية وسحب قواتها المشاركة في الحرب. وأن الإمارات وضعت السعودية في عزلة في المستنقع اليمني، مما قد يؤدي بالسعودية إلى الجلوس على طاولة المفاوضات بعد أن فشلت في تحقيق نتائج إيجابية من العدوان العسكري الذي شنته على اليمن منذ أكثر من 4 سنوات.